باسم النبريص

أين النسغ الوهّاج في الأمم أمام مصاصي دمائها ولصوص خبْزتها؟ وأين نصف الكوب الممتلئ؟ أين الدخان الموجود في كل عود، مهما بدا نحيفاً وهشّاً؟ وأين النصر طويل الأمد؟

لوددت لو أكتب لك، بغير هذا الحبر الملحوق: بقوّة تعبيرية غير عادية، حين أُمضي ساعة زمن في تأمّل برعم بازغ، أثناء الطريق على خلفية زرقاء.

كلّ فلسطينيٍّ بكى أمام أنقاض منزله معه حقّ. وكلّ مثقّف رثى مكتبته المحترقة تحت الركام معه حق. ما العالم وفيه استعماريون إلّا متاهة أنقاض.

يساريون كانوا جيّدين يوماً ما، ثم انقلبوا على أنفسهم، فهل للتوغّل في العمر سبب في ذلك، أم إن الآفة في مقدار الوعي. يساريون سابقون مع سياسة العدو: فرّق، تسُد.

أَهمُّ شيء عندي هو الدفء في الطقس، لأنّ البرد يقتل في الشارع، ولأنّ البرد يحتاج إلى تدبير خاصّ وسقف ومتطلّبات.

ها هم صهاينة الجوار يتمنون زوال حياتنا العديدة والعنيدة، كي يرتاحوا من الصداع الفلسطيني، راقدين تحت سيدهم التلأبيبي بلا ضجة، بعيداً عن أي توبيخ.

أعرف أنّ الدنيا لا تساوي جناح بعوضة، وأنّ السفر بريد العالم، وأنّ الكاتب سفير نفسه والناس، إنْ أحسن بصيرته وأسلوبه، وأنّ الفنون كلّها سياسة.

هم جميعاً على قلق وجودي، وهو الصيف الفظيع يعبرهم، فيعبّرون بدورهم عن التوترات التي كانت سائدة في المخيم في هذا الفصل من السنة.

إلى هذه الدرجة أنت أعمى، وتزعم اليسار، حتى تقف موقفاً وسطاً بين المذبوح والجزّار؟ هل تعلم أنّ هنالك أطفالاً من عائلتي وشعبي، لم يجد الناجون لهم أثراً؟

تعالوا انظروا أحدث تكنولوجيا القتل تحوم في سماء الأنبياء. تعالوا انظروا الفيزياء الفلكية للجنون. ولا تقرأوا ما يكتب الغرب في صحفه الكبرى.