عنصرية ووعورة طقس

12 أكتوبر 2024
كاميل بيسارو/ فرنسا
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- وُلدت في الشارع، مما جعل حياتي مرتبطة بالفضاء العام، حيث لا حياة شخصية لي خارجه، وأهم ما أحتاجه هو الدفء لأن البرد قاتل في الشارع.
- العيش في بلجيكا صعب بسبب طقسها البارد والممطر، بينما تُعتبر برشلونة وإسبانيا جنة للمشردين بفضل دفء طقسها وتآزر سكانها.
- أوروبا تنقسم إلى جنوب دافئ واجتماعي، ووسط وشمال بارد ومنغلق، مما يجعل العيش في الشمال صعبًا لمن اعتاد على دفء الجنوب.

وُلدت حرفيّاً في الشارع. ولهذا كانت حياتي ابنة الفضاء العام، منذ الطفولة حتى الشيخوخة. لا حياة شخصية لي خارج الفضاء العام، في أيّ مكان أصلُه. لهذا لم آنف طوال العمر من فكرة النوم في الشارع، والكتابة في الشارع، وكذا الحلم في الشارع. لذا أَهمُّ شيء عندي هو الدفء في الطقس، لأنّ البرد يقتل في الشارع، ولأنّ البرد يحتاج إلى تدبير خاصّ وسقف ومتطلّبات. 

بهذا المعنى، فإنّ العيش صعب لأمثالي في جوِّ بلجيكا المُمطر طوال الوقت، والبارد أغلب الوقت، والصقيعي المتجمّد في غير وقت. ولهذا تظلّ برشلونة، وإسبانيا بالعموم، جنّة المشرّدين وكارهي الفضاء الخصوصي. أمّا من بلجيكا فشمالاً، فلعلّها الجحيم لكلّ محبّي الفضاء العامّ. ثمّة هُنا في القارّة العجوز، أوروبتان: واحدة في الجنوب، وأُخرى في الوسط والشمال. الأُولى بحكم دفء طقسها، خلقها الله والتاريخ معاً، بمحتوى اجتماعي أكبر، وتآزُر وطيد بين فقرائها... تآزر يذهب جنباً إلى جنب نحو الغرباء واللاجئين.

أوروبا الوسطى والشمالية قوقعة مغلقة على نفسها، وأقلّ إنسانية بمراحل. نموذجان متعاكسان. فكيف لمن عاش في الجنوب أن يقبل العيش في الوسط والشمال، اللذين هُما على بؤسهما، ووعورة الطقس، عنصريان أيضاً، ولو ادّعيا غير ذلك؟

 

* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية
المساهمون