قفزت أسعار السلع الغذائية الواسعة الاستهلاك في الجزائر، إلى مستويات تتخطى 100% في بعض الأصناف، خلال أيام معدودة عشية حلول شهر رمضان، الأمر الذي أرجعته جمعية حماية المستهلك إلى تهافت المواطنين على شراء كميات كبيرة خوفا من الندرة أو ارتفاع الأسعار، في ظل عدم الثقة في قدرة الحكومة على ضبط الأسواق.
ولا يعد ارتفاع أسعار السلع الغذائية حدثاً جديداً على الأسواق الجزائرية، التي طالما تشهد في هذا الموسم من كل عام ارتفاعاً كبيراً، إلا أن تراجع إيرادات الدولة بسبب تهاوي أسعار النفط خلال العامين الأخيرين يزيد من ارتفاع الضغوط المعيشية على محدودي الدخول في البلاد.
وفي جولة لـ "العربي الجديد" في أسواق ضواحي العاصمة الجزائر، لوحظ ارتفاع أسعار الدجاج بنحو 106%، حيث قفز سعر الكيلوغرام الواحد من 170 ديناراً جزائرياً (1.6 دولار) إلى 350 ديناراً (3.2 دولارات) في غضون 7 أيام، بينما استقرت أسعار اللحوم الحمراء وفي مقدمتها لحم الغنم عند 1600 دينار (14.5 دولاراً).
أما أسعار الخضروات، فقد ارتفعت بحوالي 40%، مقابل الأسعار التي سجلتها قبل أسبوع، فيما أرجعه أحد باعة الخضروات والفواكه في سوق "القبة" إلى ارتفاع الأسعار في أسواق الجملة دفعة واحدة رغم توافر المعروض من السلع.
كما شهدت أسعار الفواكه الجافة ارتفاعاً كبيراً، خاصة أنها من بين المكونات الأساسية للمأكولات الجزائرية، حيث سجل سعر "البرقوق الجاف" 700 دينار للكيلوغرام الواحد (6.3 دولارات)، بينما لم يتجاوز 530 ديناراً جزائرياً (4.8 دولارات) قبل أسبوع، أما التمر فتراوحت أسعاره بين 500 دينار(4.5 دولارات) و800 دينار (7.2 دولارات) حسب نوعيته، وكذلك "الزبيب" الذي بلغت أسعاره 700 دينار للمحلي و1000 دينار (9 دولارات) للمستورد.
وأرجع صالح صويلح، الأمين العام للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، ارتفاع أسعار الخضروات والفواكه إلى "غياب الرقابة على الأسواق من طرف وزارة التجارة".
وقال صويلح لـ "العربي الجديد"، إن "غياب قانون يحدد قيمة الأرباح، جعل التجار يبيعون بأسعار في الصباح ويغيرونها في المساء، رغم توفر السلع واستقرار الطلب".
وجنت الجزائر خلال هذه السنة إنتاجا وفيرا يوفق الطلب المحلي من منتجات زراعية عدة، كالبطاطس والبصل والفراولة، ما دفع الحكومة إلى تشجيع تصديرها، خاصة إلى دول الخليج وأوروبا.
وقال الأمين العام للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، إن "الاتحاد اقترح على وزارة التجارة وضع سقف للأسعار خلال شهر رمضان، هناك خضروات وفواكه موسمية موجودة الآن بكميات جيدة ويمكن تسقيف أسعارها مع احتساب هامش ربح للتاجر لا يتعدى 10%، عندئذ ستكون هناك رقابة على الأسعار".
ورغم تعوّد الجزائريين على مثل هذه الممارسات من التجار، عشية كل مناسبة دينية أو وطنية، إلا أن جمعية حماية المستهلك تنتقد محاولة البعض رسم صورة عند المستهلك الجزائري مفادها أن ارتفاع الأسعار ظاهرة عادية في كل سنة.
وقال زبدي مصطفى رئيس جمعية حماية المستهلك في تصريح لـ "العربي الجديد"، إن هذه الحالة " لها علاقة بوجود اختلال في المعادلة المنظمة للسوق، يضاف إليها عدم ثقة المواطن الجزائري في المؤسسات المكلفة بضبط السوق، مما يجعله يحتاط بشراء كميات كبيرة عشية رمضان، خوفا من الندرة أو ارتفاع الأسعار مجدداً خلال الشهر الكريم".
ورغم تبني الحكومة مقترحاً تقدم به الاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، يقضي بفتح أسواق متخصصة في عرض منتجات محلية بأسعار مقننة (محددة)، بهدف الحفاظ على القوة الشرائية للمواطن الجزائري ودعم المنتج المحلي، إلا أن وزارة التجارة لم تكشف بعد عن أي جديدٍ فيما يخص ترجمة هذا الاقتراح على أرض الواقع.
لكن وزير التجارة الجزائري، بختي بلعايب، قال في تصريحات له يوم الخميس الماضي، إن "رمضان هذه السنة سيمر برداً وسلاماً على المستهلك الجزائري، وذلك لوفرة المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك وسهر مصالحه على مراقبة الأسواق".
وكان الديوان الجزائري للإحصاء، قد أعلن نهاية مايو/أيار الماضي، أن المؤشر العام لأسعار الاستهلاك ارتفع في أبريل/نيسان 2016، بنحو 1% مقارنة مع مارس/آذار، بسبب زيادة بنسبة 1.7% في أسعار السلع الغذائية، حيث ارتفعت أسعار الخضروات 9.4% والفواكه 14.1%.
في حين أعلن ديوان الإحصاء، أن نسبة التضخم السنوية بلغت 4.8% في أبريل/نيسان الماضي، مسجلة ارتفاعا عن شهر مارس/آذار الذي بلغت خلاله نسبة الزيادة سنوياً نحو 4.7%.
ويمر الاقتصاد الجزائري يصعوبات هي الأكثر حدة منذ نحو 17 عاما، حيث تهاوت مداخيل الطاقة بنسبة 70%، ما أدى إلى تسجيل عجزٍ قياسي في الخزينة العمومية للبلاد بلغ 14 مليار دولار في الشهرين الأول والثاني من العام الحالي 2016، وفق البيانات الرسمية.
وقال رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، أمس، إن احتياطيات بلاده من العملة الصعبة، نزلت 6.1 مليارات دولار في العام الجاري، إلى 136.9 ملياراً بسبب تراجع أسعار النفط العالمية.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن سلال قوله إنه، حتى مع ارتفاع الأسعار، فلن تكفي إيرادات الطاقة لتلبية متطلبات التنمية الاقتصادية. وتشكل إيرادات الطاقة 95 % من إجمالي صادرات الجزائر، عضو "أوبك"، و60%من الميزانية.
وبحسب تقرير لصندوق النقد الدولي، نهاية مايو/أيار الماضي، فإن تأثيرات صدمة انهيار أسعار النفط على الاقتصاد الجزائري ستتواصل على المدى الطويل، داعياً السلطات الجزائرية إلى إصلاحات لتنويع الاقتصاد.
وتقول الحكومة الجزائرية إن البلاد فقدت 70% من مداخيلها منذ انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية في يونيو/حزيران 2014.