تدفع أزمة نقص العملات المالية المساعدة "الفكة"، السائق عمر الشريف إلى الاشتراط على ركاب سيارته توفير صرافة للنقود التي لديهم قبل أن يوصلهم إلى مقصدهم داخل مدينة غزة، خشية أن يضطر الشريف إلى إيقاف سيارته عدة مرات بحثاً عن صرافة للنقود.
ويعاني قطاع غزة منذ عدة سنوات من أزمة موسمية في توفير صرافة للعملات المساعدة، والتي تراوح قيمتها ما بين شيكل واحد إسرائيلي وصولاً إلى فئة المائة شيكل، حيث تبدأ الأزمة بالظهور قبل قدوم شهر رمضان بقرابة الأربعة أشهر وتنتهي خلال أيام عيد الفطر.
وتتعدد أسباب ظهور الأزمة إلا أن مسبباتها ترجع وفق متعاملين إلى عاملين رئيسيين؛ الأول يتعلق بإعاقة الاحتلال الإسرائيلي إدخال العملات المالية المساعدة إلى غزة، كأحد إجراءات الحصار الاقتصادي المفروض على القطاع منذ قرابة العقد، أما الثاني فيرجع إلى احتكار التجار للفكة بهدف تسهيل معاملاتهم خلال أيام شهر رمضان.
وقال بائع المستلزمات الغذائية، يوسف العجل، لـ "العربي الجديد"، إن أزمة تخزين واحتجاز "الفكة" تعيق النشاط التجاري وقد تفشل أحيانا العديد من عمليات البيع والشراء لعدم توفر أوراق وقطع معدنية من الفئات الدنيا لدى البائع أو المواطن على حد سواء.
اقــرأ أيضاً
وأوضح العجل أن أكثر المتضررين من أزمة الفكة هم السائقون والبائعون، بسبب تعاملهم المباشر واليومي مع المواطنين، لافتا إلى أنه لا توجد مبررات حقيقية لأزمة الفكة سوى احتكار التجار لها لضمان استمرار معاملاتهم الشرائية بشكل سلس وإنجاز مهامهم بشكل أسرع.
وأشار إلى أن قيام البعض باحتكار الفكة ينبع من خشيتهم من عدم توفر السيولة النقدية من العملات الصغيرة خلال أيام رمضان، مطالبا سلطة النقد في الضفة الغربية بتلبية احتياجات السوق الفلسطيني، والتدخل لإنهاء أزمة الفكة التي تؤثر بالسلب على عمليات التداول والشراء.
أما تاجر العملة، أحمد طه، فقال لـ "العربي الجديد"، إن أزمة نقص السيولة في أسواق غزة تظهر تدريجيا قبل حلول شهر رمضان ببضعة أشهر، إلا أنها تشتد قبل دخول الشهر بأسابيع قليلة، مرجعا سبب ظهور الأزمة إلى احتكار التجار وأصحاب المصالح الاقتصادية للعملات النقدية المتداولة.
وأوضح طه أن الأزمة السنوية تؤثر بالسلب على حركة البيع والشراء وتصعب على المواطنين قضاء احتياجاتهم اليومية، وتحديداً المتعلقة بالتنقل عبر سيارات الأجرة، داعيا الجهات الحكومية والمعنية إلى التدخل لوضع حلول جذرية للأزمة المتفاقمة منذ قرابة الخمس سنوات.
ولفت إلى أن رفض الاحتلال الإسرائيلي وتباطؤه في شحن الفئات المعدنية اللازمة من عملة الشيكل إلى القطاع يساهمان بشكل كبير في ظهور الأزمة وتأخر معالجتها، متوقعا أن تشتد الأزمة خلال أيام شهر رمضان حيث ترفع فيه حركة البيع والشراء ويزداد إقبال المواطنين على الأسواق.
على الجانب الآخر، يعمل أبو محمد سرور، صاحب بقالة في حيّ شعبي، على جمع العملات المعدنية قبل أشهر من موسم رمضان ويخزنها في حصالات نقود بلاستيكية خشية من تعرضه للأزمة، وفقدان مبيعاته نتيجة عجزه عن دفع المتبقي للمواطنين.
وقال سرور لـ"العربي الجديد": "أعمل على تجميع الفكة قبل أشهر من دخول شهر رمضان، موعد المعاناة السنوية للباعة، وأدخر يومياً خمسين شيكلاً في حصالة ومن ثم أفتحها مع دخول الموسم وأقضي بقية الشهر الكريم بدون أزمة".
ولفت إلى أنه إنّ لم يفعل ذلك سيعاني من أزمة، وستقل مبيعاته كثيراً، وسيذهب المشترون إلى بائع آخر يجدون عنده باقي عملية الشراء من عملة نقدية، مشيراً إلى أنّ الأزمة دائماً تحل في اليوم الأول لعيد الفطر، حيث يلجأ الناس للتخلص من العملات المعدنية.
ومثله يفعل رب الأسرة، سعيد المعصوابي، والذي قال لـ"العربي الجديد"، إنه يدخر يومياً مبلغ عشرة شواقل فكة من فئة الشيكل الواحد، وذلك ليعطي أطفاله في رمضان مصروفهم اليومي بعد الافطار، لأنّ الباعة يتذرعون بعدم وجود الفكة ويرفضون البيع إلا لمن معه فكة.
وأوضح المعصوابي أنّ أزمة الفكة التي عانى منها قبل ثلاثة أعوام دفعته لادخار مصروف أطفاله من أجل إرضائهم، مشيراً إلى أنّ الأزمة مركبة، فبعض التجار وكبار رؤوس الأموال يدخرون كميات كبيرة من الفكة، وهم سبب الأزمة الرئيسي إلى جانب الاحتلال. وأشار إلى أنّ البعض يبيع الفكة للتجار مع تحقيق بعض العائد المادي من ورائها، وهم بذلك يسببون الأزمة التي تعصف بالأسواق.
الخبير الاقتصادي، سمير أبو مدللة، قال إن "اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال أكدت أن سلطات الاحتلال مكلفة بتوفير العملات واستبدال عملة الشيكل الأساسية بالعملات الصعبة والعكس، إلا الاحتلال لا يلتزم بذلك، بهدف تضييق الخناق الاقتصادي على سكان القطاع المحاصر".
وأصبح الشيكل الإسرائيلي العملة الأساسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد احتلال إسرائيل لهما منتصف عام 1967.
ومع توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق السلام مع إسرائيل في عام 1993 تم وضع ترتيبات جديدة في المجال النقدي والمالي، من خلال بروتوكول باريس الموقّع في أبريل/ نيسان 1994، والذي يتيح تبادل العملات الورقية والمعدنية، بحرية بين المدن الفلسطينية، وبين المصارف الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية.
وأضاف أبو مدللة لـ"العربي الجديد"، أن عدداً من التجار يشرعون قبل حلول شهر رمضان بجمع "الفكة"، وكذلك تفعل شريحة كبيرة من المواطنين بهدف استخدامها في المعايدة خلال أيام عيد الفطر، مؤكدا أهمية تداول العملات طوال أيام العام كمعتاد لتفادي ظهور أزمة نقص "الفكة".
وطالب سلطة النقد الفلسطينية بالضغط على الاحتلال، من خلال البنك الدولي والجهات المختصة من أجل السماح بإدخال كميات كبيرة من العملات الصغيرة إلى أسواق قطاع غزة، والعمل على إيجاد حلول جذرية للأزمة المزمنة التي تتجدد في كل عام مع قرب حلول شهر رمضان وموسم الأعياد.
وفي وقت لاحق، أعلنت سلطة النقد الفلسطينية (تقوم بمهام المصرف المركزي)، أنها بدأت منذ فترة المتابعة مع كافة الجهات ذات العلاقة لإدخال ما يلزم من الفكة من عملة الشيكل إلى فروع المصارف العاملة في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن.
وقال مدير أحد المصارف المحلية في غزة لـ"العربي الجديد"، إنّ سلطة النقد تعمل جاهدة حالياً في محاولة لإدخال الفكة للسوق المحلي والمصارف، مشيراً إلى أنّها نجحت في شهر رمضان الماضي بإدخال كمية كبيرة خففت من الأزمة.
ويعاني قطاع غزة منذ عدة سنوات من أزمة موسمية في توفير صرافة للعملات المساعدة، والتي تراوح قيمتها ما بين شيكل واحد إسرائيلي وصولاً إلى فئة المائة شيكل، حيث تبدأ الأزمة بالظهور قبل قدوم شهر رمضان بقرابة الأربعة أشهر وتنتهي خلال أيام عيد الفطر.
وتتعدد أسباب ظهور الأزمة إلا أن مسبباتها ترجع وفق متعاملين إلى عاملين رئيسيين؛ الأول يتعلق بإعاقة الاحتلال الإسرائيلي إدخال العملات المالية المساعدة إلى غزة، كأحد إجراءات الحصار الاقتصادي المفروض على القطاع منذ قرابة العقد، أما الثاني فيرجع إلى احتكار التجار للفكة بهدف تسهيل معاملاتهم خلال أيام شهر رمضان.
وقال بائع المستلزمات الغذائية، يوسف العجل، لـ "العربي الجديد"، إن أزمة تخزين واحتجاز "الفكة" تعيق النشاط التجاري وقد تفشل أحيانا العديد من عمليات البيع والشراء لعدم توفر أوراق وقطع معدنية من الفئات الدنيا لدى البائع أو المواطن على حد سواء.
وأشار إلى أن قيام البعض باحتكار الفكة ينبع من خشيتهم من عدم توفر السيولة النقدية من العملات الصغيرة خلال أيام رمضان، مطالبا سلطة النقد في الضفة الغربية بتلبية احتياجات السوق الفلسطيني، والتدخل لإنهاء أزمة الفكة التي تؤثر بالسلب على عمليات التداول والشراء.
أما تاجر العملة، أحمد طه، فقال لـ "العربي الجديد"، إن أزمة نقص السيولة في أسواق غزة تظهر تدريجيا قبل حلول شهر رمضان ببضعة أشهر، إلا أنها تشتد قبل دخول الشهر بأسابيع قليلة، مرجعا سبب ظهور الأزمة إلى احتكار التجار وأصحاب المصالح الاقتصادية للعملات النقدية المتداولة.
وأوضح طه أن الأزمة السنوية تؤثر بالسلب على حركة البيع والشراء وتصعب على المواطنين قضاء احتياجاتهم اليومية، وتحديداً المتعلقة بالتنقل عبر سيارات الأجرة، داعيا الجهات الحكومية والمعنية إلى التدخل لوضع حلول جذرية للأزمة المتفاقمة منذ قرابة الخمس سنوات.
ولفت إلى أن رفض الاحتلال الإسرائيلي وتباطؤه في شحن الفئات المعدنية اللازمة من عملة الشيكل إلى القطاع يساهمان بشكل كبير في ظهور الأزمة وتأخر معالجتها، متوقعا أن تشتد الأزمة خلال أيام شهر رمضان حيث ترفع فيه حركة البيع والشراء ويزداد إقبال المواطنين على الأسواق.
على الجانب الآخر، يعمل أبو محمد سرور، صاحب بقالة في حيّ شعبي، على جمع العملات المعدنية قبل أشهر من موسم رمضان ويخزنها في حصالات نقود بلاستيكية خشية من تعرضه للأزمة، وفقدان مبيعاته نتيجة عجزه عن دفع المتبقي للمواطنين.
وقال سرور لـ"العربي الجديد": "أعمل على تجميع الفكة قبل أشهر من دخول شهر رمضان، موعد المعاناة السنوية للباعة، وأدخر يومياً خمسين شيكلاً في حصالة ومن ثم أفتحها مع دخول الموسم وأقضي بقية الشهر الكريم بدون أزمة".
ولفت إلى أنه إنّ لم يفعل ذلك سيعاني من أزمة، وستقل مبيعاته كثيراً، وسيذهب المشترون إلى بائع آخر يجدون عنده باقي عملية الشراء من عملة نقدية، مشيراً إلى أنّ الأزمة دائماً تحل في اليوم الأول لعيد الفطر، حيث يلجأ الناس للتخلص من العملات المعدنية.
ومثله يفعل رب الأسرة، سعيد المعصوابي، والذي قال لـ"العربي الجديد"، إنه يدخر يومياً مبلغ عشرة شواقل فكة من فئة الشيكل الواحد، وذلك ليعطي أطفاله في رمضان مصروفهم اليومي بعد الافطار، لأنّ الباعة يتذرعون بعدم وجود الفكة ويرفضون البيع إلا لمن معه فكة.
وأوضح المعصوابي أنّ أزمة الفكة التي عانى منها قبل ثلاثة أعوام دفعته لادخار مصروف أطفاله من أجل إرضائهم، مشيراً إلى أنّ الأزمة مركبة، فبعض التجار وكبار رؤوس الأموال يدخرون كميات كبيرة من الفكة، وهم سبب الأزمة الرئيسي إلى جانب الاحتلال. وأشار إلى أنّ البعض يبيع الفكة للتجار مع تحقيق بعض العائد المادي من ورائها، وهم بذلك يسببون الأزمة التي تعصف بالأسواق.
الخبير الاقتصادي، سمير أبو مدللة، قال إن "اتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال أكدت أن سلطات الاحتلال مكلفة بتوفير العملات واستبدال عملة الشيكل الأساسية بالعملات الصعبة والعكس، إلا الاحتلال لا يلتزم بذلك، بهدف تضييق الخناق الاقتصادي على سكان القطاع المحاصر".
وأصبح الشيكل الإسرائيلي العملة الأساسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد احتلال إسرائيل لهما منتصف عام 1967.
ومع توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاق السلام مع إسرائيل في عام 1993 تم وضع ترتيبات جديدة في المجال النقدي والمالي، من خلال بروتوكول باريس الموقّع في أبريل/ نيسان 1994، والذي يتيح تبادل العملات الورقية والمعدنية، بحرية بين المدن الفلسطينية، وبين المصارف الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية.
وأضاف أبو مدللة لـ"العربي الجديد"، أن عدداً من التجار يشرعون قبل حلول شهر رمضان بجمع "الفكة"، وكذلك تفعل شريحة كبيرة من المواطنين بهدف استخدامها في المعايدة خلال أيام عيد الفطر، مؤكدا أهمية تداول العملات طوال أيام العام كمعتاد لتفادي ظهور أزمة نقص "الفكة".
وطالب سلطة النقد الفلسطينية بالضغط على الاحتلال، من خلال البنك الدولي والجهات المختصة من أجل السماح بإدخال كميات كبيرة من العملات الصغيرة إلى أسواق قطاع غزة، والعمل على إيجاد حلول جذرية للأزمة المزمنة التي تتجدد في كل عام مع قرب حلول شهر رمضان وموسم الأعياد.
وفي وقت لاحق، أعلنت سلطة النقد الفلسطينية (تقوم بمهام المصرف المركزي)، أنها بدأت منذ فترة المتابعة مع كافة الجهات ذات العلاقة لإدخال ما يلزم من الفكة من عملة الشيكل إلى فروع المصارف العاملة في قطاع غزة في أقرب وقت ممكن.
وقال مدير أحد المصارف المحلية في غزة لـ"العربي الجديد"، إنّ سلطة النقد تعمل جاهدة حالياً في محاولة لإدخال الفكة للسوق المحلي والمصارف، مشيراً إلى أنّها نجحت في شهر رمضان الماضي بإدخال كمية كبيرة خففت من الأزمة.