كاتبة صحافية، تعمل بالصحافة منذ عام 2008. فخورة بمشاركتها في ثورة يناير. أقول دائما: الكتابة حلم تتحقق معه حرية الإنسان، ويظل العمل الصحافي الميداني هو الأكثر تحرراً وتمرداً وحقيقةً.
رأيتُ منذ عدة أيام إعلاناً لإحدى المدن الجديدة في القاهرة؛ وكيف صنعوا "مفاجأة لقاء" لعائلات تشتاق لمغتربيها، هربتُ من رؤيته في أيام رمضان الأولى لأنها دائماً الأصعب، ولكن لا مفر؛ ورأيته ونزلت دموعي معهم وضحكت معهم واحتضنت مَن أفتقدهم في خيالي معهم..
شدتني ثلاث سيدات في أماكن مختلفة ورغم كبر سنهن إلا أنهن يعملن بحماسة وجهد ويبتسمن، وكأنهنَّ يمتلكن العالم رغم الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها بلدهن، وكنت دائماً عندما أرى الواحدة تلو الأخرى أبتسم؛ أحتضنهن بعيني وروحي وأبتسم..
صافرات الإنذار دقت صباحنا العادي برعبٍ محتمل رغم أنها بعيدة عنا كل البعد؛ إلا أن ذلك يستدعي لذاكرتنا أيامنا الخاصة المرعبة؛ يستدعي كوابيسنا ونوبات هلعنا وصوراً أبدية لا تُمحى..
"طالبان دخلت المدينة، ونحن نهرب منهم.. الجميع مرتعب هنا".. هكذا وبكل الرعب والارتجاف أخبرتنا صانعة الأفلام الأفغانية الشهيرة (صحرا كريمي) بسقوط كابول في يد حركة طالبان الأحد الماضي!؛ ورغم أنها مسلمة وترتدي الحجاب، إلا أنني شاهدت الرعب..
يرفض مجتمعنا ذو النظام البطرياركي وبشكلٍ غريب تعيين المرأة في مناصب قيادية وعلى رأسها القضاء؛ منطقياً لا توجد أسباب حقيقية؛ اللهم إلاّ عدة أسباب واهية يتم ترديدها مراراً حتى صدقها قائلوها..
أصبح مجرّد أن تعيش، أن تمشي بالشوارع، أن تُمارس حياتك اليومية، أن تقضي حاجاتك الضرورية أو أمورك العالقة في روتين الدولة؛ خطرا يهددك دون جناية بالاعتقال أو الاختفاء قسراً أو الموت!
نحن ظالمون كالطغاة -علينا أن نعترف بذلك-؛ كوائدي الشهداء في المحرقة، نتذكرّ الأحباب والأصدقاء وبعض مِمَّن رأيناهم وتعوّدنا عليهم فألفنا صورهم وأصواتهم وحدّثنا عنهم الأجيال والإعلام والتاريخ، لكن أين البسطاء من أحاديثنا؟ أين الذين لا نعرفهم من ذكرياتنا وتاريخنا؟
الحرية أن تقول وتُعبّر عمّا تريد وتطالب بما تريد وتفعل ما تريد، أن تعتقد بما تريد وتفكر بما تريد وتختار ما تريد، هي أن تجتمع بمَن تشاء وتُنظّم الحركات والتنظيمات كيفما تشاء
هي شريكٌ أساسي.. ومناضلٌ كتفٌ بكتف، وداعمٌ حقيقيّ في معركة تحرير الوطن المستمرة، ذات الثورية العذراء الرقيقة، إنها المرأة أو الأنثى أو حوَّاء في كل دول ثورات الربيع العربيّ، خاصةً تلك الثائرة الثورية أبداً.
آن لنا أن نُعلنها على حساب تعقّلات أجيال العبودية والشيخوخة أنه يتقمّصنا اليوم إحساسٌ عادل بضرورة تطبيق أحكام ثورية لم نقم بها ضد جميع الآلهة، وأنه كان لزاماً علينا أن نبدأ بآلهة المنصة.