نوقشت في "جامعة بيرزيت" الفلسطينية، السبت، رسالة الماجستير الخاصة بأحد أبطال عملية "نفق الحرية"، الأسير زكريا الزبيدي، بعد مرور نحو عشرة أشهر على العملية التي تمكن فيها ستة أسرى فلسطينيين من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي عبر نفق حفروه أسفل السجن، والتي تلتها إعادة اعتقالهم ومحاكمتهم والتنكيل بهم.
تحمل رسالة الماجستير عنوان "الصياد والتنين: المطاردة في التجربة الفلسطينية 1968-2018"، وتأمل عائلته بأن يستمع زكريا من خلال الراديو إلى خبر مناقشة رسالته، أو إخباره من قبل محاميه الذي سيزوره خلال الأيام القادمة.
يقول يحيى الزبيدي، شقيق الأسير زكريا، لـ"العربي الجديد"، إنه بالنسبة للعائلة فإن "زكريا، وكما عودها طيلة حياته، يعطينا دفعة من الأمل حين تشعر العائلة بالحزن، ليتوج مسيرته برسالة الماجستير بعد نحو شهر على استشهاد شقيقه داود".
ولا يزال الأسير الزبيدي، وهو من مخيم جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، في العزل الانفرادي بسجن "أيالون" منذ إعادة اعتقاله، وهو قائد في كتائب شهداء الأقصى، الذراع العسكرية لحركة "فتح"، واعتقل في عام 2019، واستشهد شقيقه داود بعد نقله إلى مستشفى إسرائيلي مصابًا بجروح خلال اقتحام المخيم، فيما استشهدت والدته وشقيقه طه خلال مجزرة مخيم جنين عام 2002.
ويضيف يحيى الزبيدي: "زكريا نموذج لكل أحرار العالم، وطلب أخيرًا تعديل عنوان رسالة الماجستير، في تأكيد على أن حكاية التنين والصياد لم تنته، ولن تنتهي إلا بزوال الاحتلال وتحرير فلسطين. هو يصر دومًا على أن يكون موجودًا بيننا، وحينما يعم الحزن، فإنه يحاول أن يعوضنا بالفرح، وهذا ما حدث اليوم خلال مناقشة رسالته للماجستير".
وزكريا الزبيدي طالب في برنامج الدراسات العربية المعاصرة بجامعة بيرزيت، وأعد رسالة الماجستير قبل اعتقاله، وخلال النقاش عرض فيلم تضمن تسجيلات صوتية ومصورة للأسير، كما عُرضت خلال المناقشة رسائل مسجلة، إذ تلت فدوى البرغوثي رسالة من زوجها الأسير مروان البرغوثي من سجن "هداريم"، وعُرض تسجيل لرسالة الأسير وليد دقة من سجن عسقلان، ورسالة مسجلة من الروائي إلياس خوري، من بيروت.
وأعلنت لجنة الإشراف على الرسالة: "تم قبول الأسير زكريا زبيدي في برنامج الماجستير في الدراسات العربيّة المعاصِرة بتاريخ 27 مايو/أيار 2017، وانتظم في الدراسة في الفصل الأول من العام الدراسي 2017-2018، وتقدَّم بمقترحٍ لمسار رسالة الماجستير، وتم إقراره وتسجيل الرسالة بتاريخ 17 سبتمبر/أيلول 2018".
وقال المشرف على الرسالة، الأكاديمي عبد الرحيم الشيخ: "هذه كلها تفاصيل يا زكريا، أما قرار اللجنة فهو قرارك الذي كتبته بقدمك خلال المطاردة، وقرارك الذي نتشرف بالنطق به كلجنة إشراف على رسالتك، هو نجاحك في الماجستير بامتياز عال في الممارسة، ونجاح منقطع النظير في النظرية، وهذا نجاح لفلسطين، وللكلمة المقاتلة. فسلام عليك يوم ولدت، ويوم قاتلت، ويوم طوردت، ويوم أُسرت، ويوم خرجتَ من نفق الحرية في بيسان المحتلة، ويوم تبعث حُراً".
واعتقلت قوات الاحتلال زكريا الزبيدي في 28 فبراير/شباط 2019، وكان قد أنجزَ الفصليْن الأول والثاني من رسالته، وأنجزَ فيها العملَ الميدانيّ بإجراء 26 مقابلة، ونوقش مقترحه الموسَّع، والمكوَّن من الفصليْن الأول والثاني، وأُقِرَّ من قبل اللجنة بتاريخ 27 مارس/آذار 2019.
وعبر تواصل مشرف الزبيدي مع أهل الأسير، ومع محامييّ نادي الأسير الفلسطيني وهيئة شؤون الأسرى والمحرّرين، تمكَّن زكريا من اجتياز المساق المتبقّي له بنجاح، وذلك بتسجيلٍ خاصّ خلال الفصل الدراسي الثاني 2020-2021.
كما تمكَّن، بالآليّة نفسها، من تطوير الفصل الثالث، وكتابة الفصل الرابع من رسالته خلال وجوده في سجن "جلبوع"، ونُشر الفصل الرابع بإذن منه في العدد الخاصّ بالأسرى من مجلة الدراسات الفلسطينية.
بعد تحرّره لأيام عبر "نفق الحرية" من سجن "جلبوع" في السادس من سبتمبر/أيلول 2021، ومن ثم إعادة اعتقاله في 11 سبتمبر، أصدرت جامعة بيرزيت بياناً، تعهَّدت فيه باستكمال إجراءات مناقشة الرسالة بعد استيفائها الشروط.
وافق الأسير الزبيدي على مناقشة رسالته غيابياً، على أنْ تُعرَض في جلسة النقاش تسجيلات وصور من الفترة السابقة لاعتقاله، وبالصوت أثناء وجوده في الأسر، توضّح سَير عمله لإنجاز رسالته، فيما لم يتمكن زبيدي من كتابة خاتمة هذه الدراسة، لكنّه في آخر تواصل معه، في 26 أغسطس/آب 2021، طلب "حذف النقطة من آخر الرسالة".
وفي أول زيارة للمحامية بثينة دقماق، بعد عملية "نفق الحرية"، أوضح زكريا الزبيدي لها قائلا: "بدّي (أريد) تظل قصّة الصياد والتنين مفتوحة، قبل التحرر من سجن جلبوع وبعده، القصة ما انتهت"، علمًا أن تجربة الاختفاء والمطاردة لزكريا ورفاقه الستة خلال أيام الحرية الخمسة لم توثَّق في هذه الدراسة.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
