"دافوس" السعودي... المشاركون خجلون وشكوك حول مستقبل الاستثمار في المملكة

لندن

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
24 أكتوبر 2018
88C3EC12-E924-4053-B45A-6667BEBDA1C6
+ الخط -
أثار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان انتباه نخبة من رجال الأعمال العالميين العام الماضي خلال حضور أكبر منتدى استثمار  سعودي، بعدما عرض خططاً لبناء مدينة عملاقة (نيوم) باستثمارات تصل إلى 500 مليار دولار.

في ذلك الوقت، كان يجول في أنحاء فندق ريتز كارلتون بالرياض رجال أعمال  بارزون مثل ريتشارد برانسون، جنباً إلى جنب مع الزعيمين السياسيين السابقين توني بلير ونيكولا ساركوزي وكاتبة المقالات أريانا هافنغتون. وأكسبت قائمة الضيوف مبادرة مستقبل الاستثمار الاسم غير الرسمي "دافوس  الصحراء" على الرغم من عدم ارتباط المؤتمر بالمنتدى الاقتصادي  العالمي في سويسرا.

لكن حماس 2017 تحول إلى صدمة بعد بضعة أيام حين استخدم الأمير محمد فندق ريتز كسجن خمسة نجوم لأمراء ووزراء ورجال أعمال سعوديين كبار متهمين بالفساد.

وفي سنة ما بين الحدثين، نال وريث العرش الأمير محمد الثناء لتخفيف قيود اجتماعية مثل حظر دور العرض السينمائي وقيادة المرأة للسيارات، ومن أجل جهوده لتنويع موارد اقتصاد المملكة بدلاً من الاعتماد على النفط.



لكن بين المؤتمرَين، يبدو أن الزخم صوب إجراء إصلاح عميق تراجع على عدة جبهات. فقد أُجلت خطط لطرح جزء من شركة النفط العملاقة أرامكو السعودية في أسواق الأسهم العالمية، والتي قال ولي العهد السعودي في مؤتمر العام الماضي إنها تمضي قدماً صوب التنفيذ في 2019. وتواصل الرياض القول بأن الطرح سيجري، لكن بحلول 2021.

الحضور يخجل من المشاركة

وقال تقرير لنيويورك تايمز اليوم، إن أكثر من 3000 شخص يحضرون المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام هذا الأسبوع. إلا أن العديد من الحاضرين لم يكن في مزاج لإجراء المحادثات. 

وقال كين مويليس، مؤسس ومدير تنفيذي في شركة موليز أند كومباني، وهو بنك استثماري: "أنا لا أقوم بأي حديث لوسائل إعلام". "يجب ألا يكون هنالك أي تعليق". في حين عبّر تالي زنغر، الرئيس التنفيذي لشركة "دوسات"، وهي شركة ناشئة تركز على الصحة في الشرق الأوسط، بصراحة وقال: "إن الأمر محرج" ، مشيراً إلى الظل الذي ألقاه اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، على المؤتمر.

وتابع تقرير "نيويورك تايمز" أن قرار حضور المؤتمر الاستثماري شكل معضلة خاصة للشركات المالية، التي تملك العديد من المصالح بمليارات الدولارات في المملكة العربية السعودية، وتوظف عمالاً في المنطقة وتحرص على الحفاظ على علاقات قوية هناك.

وكانت شركة مورغان ستانلي تقدم المشورة للمسؤولين السعوديين بشأن طرح أسهم أرامكو السعودية، شركة النفط الوطنية. ويمتلك بنك "جيه بي مورغان تشيس" مكاناً رائداً في مجال الاكتتاب العام الأولي ويعمل به 70 موظفاً في الرياض.

وكشف الرئيس التنفيذي لشركة "سيتي غروب"، مايكل كوربات، النقاب عن أحدث مكتب في الرياض في احتفالية لقص الشريط هذا العام. وقد تعاونت مجموعة Blackstone Group مع صندوق الثروة السيادية في المملكة من أجل البدء في إنشاء صندوق استثمار للبنية التحتية بقيمة 40 مليار دولار، مع التركيز على الولايات المتحدة.


ولم ترسل أي من الشركات الكبيرة في وول ستريت كبار قادتها لحضور المؤتمر، لكن مؤسسات مثل سيتي غروب وغولدمان ساكس ومورغان ستانلي، أرسلت مسؤولين تنفيذيين محليين وإقليميين، وبعضهم من كبار الموظفين. ولم يحضر أي شخص من مجموعة بلاكستون، التي انسحب الرئيس التنفيذي لها من حضور هذا الحدث. وقال بعض الذين حضروا أنهم كانوا هناك فقط للقيام بأعمالهم.

وما زال مستقبل مؤتمر الاستثمار غير مؤكد، وقد تساءل بعض الحاضرين على هامش المؤتمر بصوتٍ عالٍ عما إذا كانت الأزمة الحالية ستنتهي أو تؤدي إلى انعكاس حقيقي على المملكة العربية. 

وأشار مستشار استثماري متخصص في الصفقات التجارية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى أن البنوك الكبرى التي تتمتع بحماية العلامات التجارية وشركات وادي السليكون التي تشجع على الاستثمار الأخلاقي ستكون حذرة من الشروع في صفقات جديدة مع المملكة العربية السعودية إلى حين تبديد المخاوف بشأن قتل خاشقجي.

إلا أن المستثمرين العقاريين من الولايات المتحدة كانوا يجولون في القاعات بشغف، وفق "نيويورك تايمز"، ويبحثون عن تمويل لمشاريع في أميركا وعن فرص للمشاركة في تطوير البنية التحتية في الشرق الأوسط.

وفي استعراض لجاذبيتها كشريك استثماري، أعلنت أرامكو السعودية عن توقيع 15 صفقة بقيمة أكثر من 30 مليار دولار مع شركات في ثمانية بلدان: الولايات المتحدة، فرنسا، الصين، اليابان، الإمارات العربية المتحدة، بريطانيا، كوريا الجنوبية والهند.

مؤتمر بلا مزايا

وقال منظمو المؤتمر إن الموقع الإلكتروني للمؤتمر تعرض للقرصنة وجرى توزيع جدول الأعمال قبل فترة وجيزة فحسب من بدء المؤتمر. وبدلاً من الصحافيين الكبار الذين أداروا الجلسات في العام الماضي مثل ماريا بارتيرومو من فوكس نيوز وجون دفتريوس من سي.ان.ان، لجأ المؤتمر في الأغلب إلى شخصيات أقل شهرة من المنطقة.

وقال مشارك غربي لوكالة "فرانس برس": "هو مثل أي مؤتمر سعودي محلي هذا العام". وأضاف "انخفضت جودة المتحدثين بالمقارنة مع العام الماضي... صانعو السياسات البارزون رحلوا".

وأكد مسؤول تنفيذي من شركة مالية صينية أن قضية خاشقجي محت بعضاً من رونق المؤتمر. وقال إن بعض التنفيذيين الغربيين ينأون بأنفسهم، مضيفاً "لا يرغبون في القدوم وتقديم بطاقاتهم التعريفية".


وفي حين أعلن ولي العهد السعودي قبل أسبوعين إن "صفقة رائعة...بعيدة جداً عن النفط" ستُعلن خلال المؤتمر، غابت هذا العام عناصر جذب كبيرة، مثل عمليات المحاكاة لمشروع سياحي بالبحر الأحمر أو المقابلة التي أجراها أندرو روس سوركين مراسل نيويورك تايمز مع الروبوت صوفيا، أول مواطنة آلية في العالم. 

وكان سوركين من أوائل المنسحبين هذا العام بسبب مقتل خاشقجي. وبدلاً من ذلك، أقام المنظمون ركناً للفن الروسي لتسليط الضوء على أهداف التبادل الثقافي لخطط بن سلمان لتحقيق الانفتاح في البلد الإسلامي المحافظ.

وقال مصرفي محلي إن من الصعب معرفة ما إذا كانت صورة المملكة كانت ستكون أفضل لو تأجل المؤتمر لحين انقشاع حالة الضبابية. وردّاً على سؤال بشأن اعتماد المنطقة على أموال من مصادر غربية مثل صناديق الاستثمار المباشر، تلقَّى محمد العبار رئيس مجلس إدارة إعمار العقارية، التصفيق حين أجاب "لا نحتاج إلى أموالهم! المال في الشرق الأوسط".

السعودية لن تعاقب المقاطعين!

وقال محافظ البنك المركزي السعودي إن المملكة لن تعاقب البنوك الأجنبية التي قاطعت مؤتمر الاستثمار في الرياض بسبب تداعيات اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي. كما أعاد التأكيد على التزام بلاده بالدفاع عن ربط عملتها بالدولار بعد بعض الضعف الذي سجله الريال في الآونة الأخيرة.

وقال أحمد الخليفي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي) في مقابلة تلفزيونية، اليوم الأربعاء، إنه سيظل بوسع المؤسسات التي انسحبت من المؤتمر السعودي التقدم بطلبات للحصول على تراخيص مصرفية للعمل في المملكة.

ويتنافس أكثر من نحو عشرة بنوك لديهم تراخيص لإدارة فروع في السعودية على الأنشطة الناتجة عن مساعي المملكة لتقليص اعتمادها على إيرادات النفط. لكن ردود الفعل الأميركية والأوروبية على تفسير السعودية لقتل خاشقجي قد تقلص من تحمس بعض البنوك الغربية بشأن الفرص في المملكة.

وقال الخليفي رداً على سؤال بشأن ما إذا كانت البنوك التي قررت عدم المشاركة في المؤتمر ستُعاقب "نحن، في مؤسسة النقد، نتعامل بكل حرفية ومهنية سواء مع بنوك أجنبية أو غيرها".

وبعثت الكثير من البنوك الغربية وغيرها، التي تخشى خسارة أنشطة مثل رسوم ترتيب الصفقات لصندوق الثروة السعودي البالغ حجمه 250 مليار دولار، بمسؤولين تنفيذيين من مستوى أقل إلى المؤتمر مع عزوف كبار مسؤوليها.

وكان الريال هوى إلى أدنى مستوى في عامين عند 3.7526 مقابل الدولار في وقت سابق هذا الشهر بسبب القلق من أن يضر اختفاء الصحافي جمال خاشقجي بالاستثمار الأجنبي في السعودية، لكن العملة عوضت بعض خسائرها وبلغت 3.7511 ريالات للدولار اليوم.

ذات صلة

الصورة
الجزائرية سارهودا ستيتي أكبر الحجاج سنا، 10 يونيو (إكس)

مجتمع

وصلت إلى السعودية، الثلاثاء، الجزائرية صرهودة ستيتي، التي تعد أكبر الحجاج سنّاً في هذا العام، بعمر 130 عاماً. وحظيت باستقبال حافل لدى وصولها على كرسي متحرك.
الصورة
آلاف الحجاج يؤدون صلاة الجمعة بالمسجد الحرام حول الكعبة، 7 يونيو 2024(عصام الريماوي/ الأناضول)

مجتمع

 يتدفّق الحجّاج المسلمون على مكة المكرمة قبل بدء موسم الحج في وقت لاحق من هذا الأسبوع، مع عودة المناسك السنوية إلى حجمها الضخم.
الصورة
بلينكن يلتقي بن سلمان في الرياض

سياسة

قال أنتوني بلينكن، إنه لا يعلم موقف إسرائيل من خطة التطبيع مع السعودية التي تتضمن خريطة طريق لإنشاء دولة فلسطينية، بالإضافة إلى الهدوء في قطاع غزة.
الصورة
مقاتلون حوثيون قرب صنعاء، يناير الماضي (محمد حمود/Getty)

سياسة

بعد 9 سنوات من تدخل التحالف بقيادة السعودية في اليمن، لم يتحقّق شيء من الأهداف التي وضعها هذا التحالف لتدخلّه، بل ذهب اليمن إلى حالة انهيار وانقسام.
المساهمون