حضر بن سلمان إلى المؤتمر لمدة دقائق معدودة على هامش إحدى جلسات المنتدى مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، وغادر، وفق ما نقلت وكالات أنباء.
وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية، فقد ألغى بن سلمان كلمة كانت مقررة له في المؤتمر، مشيرة إلى أنه كان من المتوقع أن يفتتح ولي العهد منتدى مستقبل الاستثمار اليوم، وهو واجهة رئيسية لرؤيته الاقتصادية 2030.
ولفتت الصحيفة إلى أن بن سلمان غاب عن افتتاح المنتدى، وتم إرسال بريد إلكتروني للصحافيين يتضمن الجدول الرسمي للمتحدثين في المؤتمر، وذلك خلال سريان فعاليات المؤتمر، وأظهر الجدول بالفعل عدم وجود كلمة لولي العهد.
وقال شهود عيان لـ"رويترز" إن بن سلمان ظهر في إحدى جلسات مؤتمر الاستثمار مع العاهل الأردني، في حين قالت "فرانس برس" إن الملياردير الأمير الوليد بن طلال الذي سجنه بن سلمان في فندق ريتز كارلتون قبل أشهر، المكان نفسه الذي يقام فيه المؤتمر، رافق أيضاً بن سلمان.
ونقلت رويترز عن بن سلمان قوله إنه راض عن مؤتمر الاستثمار، لافتاً إلى أن المؤتمر: "عظيم، مزيد من الناس، يعني المزيد من المال".
ارتباك وتقليص الجلسات
وافتتح المؤتمر وسط إجراءات أمنية مشددة في فندق ريتز كارلتون بالرياض بحضور رئيس صندوق الاستثمار المباشر الروسي كيريل ديمترييف ورئيس الوزراء الباكستاني عمران خان.
وسار عشرات المندوبين على السجادة الحمراء في مكان المؤتمر الشاسع في الفندق الذي يمتاز بأسقف جدارية وثريات براقة. لكن مع تقدم اليوم، تضاءلت الحشود في القاعة الرئيسية، وكثيراً ما قام المنظمون بتغيير جدول أعمال الحدث في ظل توقف المتحدثين عن الكلام، وفق "فرانس برس".
وأدرج اسم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في التطبيق الهاتفي للمؤتمر، على لائحة المتحدثين في جلسات اليوم الأول الثلاثاء، لكن اسمه سُحب من اللائحة قبل موعد الجلسة.
وقال أحد المنظمين لوكالة "فرانس برس" في قاعة المؤتمر في فندق ريتز كارلتون إن خطوة سحب اسم العاهل الأردني "ربما تكون لأسباب أمنية، وقد يحضر الملك ويتحدث في وقت لاحق"، مضيفاً "البرنامج يتغيّر كل 15 دقيقة على كل حال".
وكان من المفترض أن تستمر فعاليات اليوم الثالث والأخير الخميس حتى الساعة 17:00 بالتوقيت المحلي (14:00 بتوقيت غرينتش)، لكن البرنامج تقلّص وأصبح يشير إلى أن الجلسة الأخيرة ستعقد عند الساعة 11:15 (08:15 بتوقيت غرينتش).
ويتناقض مؤتمر هذا العام مع المهرجان الافتتاحي الذي أقيم العام الماضي، حيث كان ولي العهد السعودي يتفرد به كمتحدث رئيسي، إذ أن المؤتمر بدأت فعالياته اليوم وسط مقاطعة واسعة من قبل الدول الكبرى والشركات العالمية الضخمة، على خلفية قضية الصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي قُتل في قنصلية بلاده في إسطنبول يوم 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ولم يتم الإعلان حتى اليوم عن برنامج المؤتمر الذي سيستمر حتى الخميس المقبل بعدما اتسعت مروحة المقاطعين لتشمل المحاضرين في المؤتمر، كما لم يتم الإعلان رسمياً عن عدد الحضور، ولا عن الذين اعتذروا عن المشاركة، لينحصر دور الموقع الإلكتروني للمؤتمر بنقل كلمات المحاضرين من دون أي تفاصيل أخرى، بعدما كان الموقع يشير إلى البرنامج اليومي، ويقدّم تفاصيل أخرى حول الفعالية.
وعلى الرغم من الوعود الاستثمارية والاتفاقيات التي وصلت إلى مليارات الدولارات، أصر عدد كبير من الشركات على التزام مقاطعة المؤتمر، الذي كان بن سلمان يعول عليه كثيراً لإعادة الاعتبار لنكسته في تأجيل طرح شركة أرامكو في الأسواق الدولية والمحلية، وذلك على خلفية قضية خاشقجي.
السعودية في مأزق
وسعى منظمو المؤتمر الملقب بـ"دافوس الصحراء" إلى تصوير أجواء المؤتمر بأنها عادية، إذ تم الإعلان عن 12 "صفقة ضخمة" بقيمة أكثر من 50 مليار دولار في قطاعات النفط والغاز والبنية التحتية وغيرها من القطاعات.
لكن وزير الطاقة خالد الفالح أقر بأن هذه "أيام صعبة". وقال في كلمته "نحن نمر بأزمة"، لافتاً إلى أن مقتل خاشقجي كان مؤسفاً، مضيفاً أنه "لا يمكن لأحد في المملكة تبريره".
وأفادت وكالة بلومبيرغ أن الرئيس التنفيذي لمجموعة "سويفت بانك"، ماسايوشي سون - الذي يقيم علاقات وثيقة مع ولي العهد، ألغى خطابه. وقد رفضت قائمة طويلة من المستثمرين وصانعي السياسات الدوليين الظهور في الرياض في احتجاج واضح ضد مقتل خاشقجي.
وقام كل من الرئيس التنفيذي لشركة سيمنز جو كيسر، ورؤساء الشركات من جي بي مورغان وفورد وأوبر، والجهات الإعلامية القوية مثل سي إن إن، وفايننشال تايمز، بإلغاء كل الخطط لحضور المؤتمر.
وقاطع وزراء كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة التي لديها صفقات دفاعية ضخمة على المحك مع المملكة العربية السعودية، المؤتمر. وتشير هذه المقاطعة إلى مخاطر سياسية متزايدة في السعودية يمكن أن تضرب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي انخفض بالفعل إلى أدنى مستوى له منذ 14 عاماً في العام الماضي، وفقاً لهيئة الأمم المتحدة.