استمع إلى الملخص
- يرى اتحاد المقاولين أن تخفيض الضريبة سيزيد من إيرادات الدولة، حيث أدى رفعها إلى تقليص تعاملات المستثمرين ودفعهم لبيع الشقق، مما تسبب في نقص الوحدات السكنية المتاحة وارتفاع الإيجارات.
- تواجه السوق العقارية تحديات بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وتكاليف البناء ونقص الأيدي العاملة، مما يهدد استقرار القطاع العقاري والنظام المصرفي مع وجود 70 ألف شقة قيد الإنشاء لم تُباع بعد.
تعتزم وزارة المالية الإسرائيلية تمديد العمل بضريبة شراء العقارات الاستثمارية أو السكن الثاني خلال العام المقبل 2025 والبالغ نسبتها 8% من قيمة العقار، ضمن ترتيبات مالية لسد جزء من العجز المالي الآخذ في التفاقم بسبب الحرب المستمرة على قطاع غزة ولبنان، الأمر الذي يثير سخط اتحاد المقاولين، محذراً من استمرار العمل بهذه الضريبة من شأنه أن يزيد من تباطؤ المبيعات التي تلقت ضربة قوية بالأساس بسبب ظروف الحرب.
وسيتقدم اتحاد المقاولين في إسرائيل باعتراض إلى وزارة المالية خلال الأيام القليلة المقبلة، وفق ما نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت، أمس الأحد" عن الاتحاد، الذي أكد أن تخفيض ضريبة شراء العقارات سيؤدي فوراً إلى زيادة كبيرة في إيرادات الدولة من الضرائب، وذلك على عكس ما تعتقد الحكومة.
وقال راوول سارجو، رئيس اتحاد المقاولين إن "من شأن تمديد ضريبة الشراء المرتفعة على المستثمرين في العقارات أن يؤدي إلى خسارة خزينة الدولة مليارات الشواكل، وكذلك هروب الإسرائيليين إلى الخارج بسبب أزمة السكن، بسبب تفاقم أزمة السكن التي يبدو أنها ستكون طويلة الأمد بشكل واضح، لتشكل خطراً على استقرار الاقتصاد ومستقبل البلاد". وأضاف: "لقد وصلنا إلى نقطة يجد فيها العديد من الشباب الإسرائيليين صعوبة في رؤية مستقبلهم هنا، بسبب إدراكهم أنهم لن يتمكنوا من إيجاد حل سكني لأنفسهم".
أوضح سارجو أن هناك العديد من العوامل تؤثر سلباً على السوق العقارية والأسعار، أهمها ارتفاع سعر الفائدة المحددة من جانب بنك إسرائيل (المركزي)، والتي أدت إلى انخفاض نشاط صناعة البناء والبنية التحتية، خاصة سوق الإسكان، مشيراً إلى أنه "حان الوقت لإعادة حسابات المسار، حيث يكون على رأس الخطوات المطلوبة إلغاء أو تخفيض الضريبة المرتفعة على المستثمرين في الشقق والتي يجري تأجيرها. ولفت إلى أن هناك 800 ألف أسرة تستأجر الشقق في إسرائيل، ومن ثم زيادة ضريبة شراء الشقق سيدفع المستثمرين إلى العزوف عن الشراء ما يحد من أنشطة شركات العقارات ويقلص المعروض ومن ثم ترتفع الإيجارات أكثر.
وبحسب رئيس اتحاد المقاولين، أدى إبعاد المستثمرين عن السوق من خلال رفع ضريبة الشراء، إلى خسارة آلاف الوحدات من شقق الإيجار في السوق، وقفزة تاريخية في نسبة زيادات الإيجارات. ويقدر المقاولون أن التحرك لتخفيض ضريبة الشراء أو إلغائها سيشجع المستثمرين على شراء الشقق، وزيادة مخزون الشقق للإيجار، وتحفيز رواد الأعمال إلى العودة إلى البناء وخفض الإيجارات وأسعار الشقق في الاقتصاد.
ووفق بيانات الاتحاد، كانت نسبة تعاملات المستثمرين من إجمالي التعاملات العقارية قبل زيادة الضريبة 20% والآن أصبحت 15%. يقول الاتحاد: "من الواضح أن المستثمرين اليوم يبيعون شققاً أكثر مما يشترونها". وأكد أن إعادة المستثمرين إلى السوق من خلال إلغاء أو تخفيض ضريبة الشراء سيؤدي على الفور إلى العودة إلى معدل المشتريات وزيادة كبيرة في عائدات الضرائب للدولة.
بدورها، قالت المحامية مايا كرمي لوبيرتوفسكي، رئيسة قسم الضرائب العقارية في أحد مكاتب المحاماة في إسرائيل، إن "الغرض الرئيسي من ضريبة الشراء المرتفعة للشقق بغرض الاستثمار، تمثل وفق الحكومة في توجيه المستثمرين إلى سبل استثمارية أخرى، وأن تؤدي هذه الخطوة إلى زيادة في مخزون الشقق الشاغرة في السوق وتخفيض أسعارها حتى يتمكن المزيد من الأزواج الشباب والأشخاص الذين هم في وضع اجتماعي واقتصادي أقل من اتخاذ خطوة نحو تحقيق حلم شراء شقة".
لكن لوبيرتوفسكي أضافت أن "صناعة العقارات تعيش اليوم حالة من عدم اليقين، وتواجه صعوبات تتعلق بالجدوى الاقتصادية في ظل ظروف الحرب المؤسفة، وقد يؤدي التحرك لإبعاد المستثمرين عن سوق الشقق الاستثمارية إلى عدد من الآثار السلبية، مثل انخفاض معدلات إنشاء المشاريع الجديدة، كما أن هذه الخطوة قد تمنع المستثمرين من شراء الشقق التي لم يتمكن المقاولون من بيعها وبقيت معهم ضمن مخزون الشقق".
وأضافت: "بنظرة واسعة، يبدو أن تخفيض معدلات ضريبة الشراء للشقق الاستثمارية إلى مستويات أقل قد يزيد ديناميكية سوق العقارات من خلال عودة المستثمرين، لزيادة عدد المعاملات وإثراء خزائن الدولة، أكثر مما كانت عليه في حال تمديد فرض الضريبة المرتفعة".
من جهته، قال راز شرايبر، أحد المسؤولين في إحدى شركات العقارات، إن مبادرة وزارة المالية لتمديد ضريبة الشراء المرتفعة "لا تضر كبار المستثمرين فقط، كما قد يقصد صناع القرار، بل تضر بشكل أساسي بالطبقة الوسطى، وهي التي تمتلك شققاً استثمارية وتؤجرها، وهؤلاء يشكلون جزءاً كبيراً من سوق الإيجار في إسرائيل.. المستثمرون العقاريون ليسوا بالضرورة من فئة الأثرياء أو الشركات الكبيرة أو كبار رجال الأعمال، كما يُعتقد عادةً، وإنما أسر تستثمر في العقارات للحفاظ على استقرار مالي طويل الأمد، وتحاول تحسين مستوى معيشتها من خلال استثمارات صغيرة".
وشدد على أنه إذا استمرت الحكومة في إلحاق الضرر بالمستثمرين من خلال زيادة الضرائب والقيود الإضافية، فقد نشهد انخفاضاً كبيراً في المعروض من الشقق المؤجرة، ومعنى هذا الانخفاض هو زيادة حادة في الإيجار، مما سيضر بشكل مباشر بمستأجري الشقق، الذين غالباً ما يكونون من الطبقة المتوسطة. وأضاف أن "الأضرار ستطاول المستثمرين والمستأجرين على حد سواء، فعندما لن تتمكن الطبقة المتوسطة من الاستثمار في العقارات بسبب اللوائح الثقيلة والضرائب الثقيلة، سنشهد تباطؤاً عاماً في السوق سيضر أيضاً بالاقتصاد كله".
وأظهرت بيانات صادرة عن وزارة المالية في وقت سابق من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، عن مغادرة كبار المستثمرين لسوق العقارات، نتيجة لغموض المستقبل الاقتصادي، وهو ما ظهر بوضوح في هبوط حجم الصفقات المنفذة.
وذكرت الوزارة، وفق تقرير لصحيفة غلوبس، قبل أيام، أنه في إبريل/ نيسان 2024، كانت نسبة صفقات "المستثمرين الكبار" تراوح بين 62% و72% من إجمالي عدد مشتري الشقق للاستثمار، بينما بدأت هذه النسبة في التراجع منذ مايو/أيار الماضي حتى بلغت 33% فقط في أغسطس/آب الماضي.
ووفق بيانات المكتب المركزي للإحصاء، هناك انخفاض كبير بنسبة 16% في عدد الصفقات في أغسطس الماضي مقارنة بالأشهر السابقة، حيث تم شراء 7514 عقاراً، وكانت 60% من عمليات الشراء من نصيب الأزواج الشباب، و24% من المشترين الذين يتطلعون إلى الانتقال إلى مسكن أكبر، و16% فقط من المستثمرين. وأرجعت وزارة المالية الإسرائيلية مغادرة "المستثمرين الكبار" لسوق العقارات إلى سعيهم للبحث عن استثمارات بديلة في ظل عدم اليقين الاقتصادي في إسرائيل، فضلاً عن التغييرات المحتملة في ضريبة الشراء، حيث قد تتجه الحكومة إلى زيادتها، لزيادة الإيرادات الحكومية.
وأوضحت أن على مدار العام الماضي، تم شراء حوالي 1200 شقة من قبل المستثمرين، على الرغم من أن هذا العدد يمثل نصف ما تم شراؤه في المتوسط خلال أشهر عام 2021. وأوضحت أن "المستثمرين الكبار" لا يعتقدون أن أسعار الشقق ستستمر في الارتفاع بالوتيرة الحالية، في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل بسبب الحرب، وعلى الرغم من ارتفاع أسعار الإيجارات، لكنها لا ترتفع بمعدل يجعل شراء الشقق أكثر جدوى عندهم.
ويبدو أن التراجع الحاد في السوق العقارية عامة لا يقلق الشركات العاملة في القطاع فحسب وإنما أيضاً المؤسسات المصرفية وصناع السياسات النقدية، إذ بات القطاع العقاري بمثابة قنبلة موقوتة في ما يخص البنوك، إذ تشير بيانات مكتب الإحصاء المركزي إلى أنه يوجد حالياً حوالي 70 ألف شقة لم يتم بيعها بعدُ، وهي في مراحل البناء، بينما لن يتم الانتهاء منها قريباً بفعل ارتفاع التكاليف وشح الأيدي العاملة في ظل استمرار الحرب ومنع سلطات الاحتلال الفلسطينيين من العمل.
وتبدو الأزمة أكثر تعقيداً واتساعاً مما يتم تقديمه في وسائل الإعلام، وفق تقرير لصحيفة معاريف الإسرائيلية، الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن الخطر يكمن في أن سوق العقارات من ركائز النظام المصرفي. وأشارت إلى أن بنك إسرائيل (المركزي) اتخذ بالفعل خطوات للحد من تداعيات أزمة القطاع العقاري على البنوك، مثل الحد من حجم القروض العقارية، لافتة إلى أن عشرات آلاف الوحدات لا تزال قيد الإنشاء ولن تكتمل قريباً، كما أن هناك مشكلة أخرى هي أن العديد من الشركات الريادية تجلس على الأرض وليست في عجلة من أمرها لبدء مشاريع جديدة بسبب الصعوبات المالية وعدم اليقين.
كذلك تواجه المشاريع التي بدأت بالفعل صعوبات في التسويق، خاصة في ظل الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة، مما يقلل من ربحية رواد الأعمال. وعندما تتعثر الشركات، يكون أول الضحايا هم المقاولين، والذين يعانون بالفعل مشكلات بفعل الأضرار التي طاولت عمليات البناء وارتفاع الكلف. وأي تأخير في الدفع يمكن أن يخلق تأثير الدومينو الخطير.
وأوضحت أن انهيار إحدى شركات التنفيذ يمكن أن يؤدي إلى تأخير في مشاريع أخرى ويسبب أضراراً جسيمة للصناعة بأكملها. وأضافت: "شهدنا بالفعل انهيار العديد من الشركات في الآونة الأخيرة، والخوف هو أن تستمر هذه الموجة بل تتفاقم".
وفي مايو الماضي، نشر بنك إسرائيل تحليلاً لقطاع الائتمان للعقارات، حذر فيه من زيادة المخاطر. وأشار إلى أن الأرصدة الدائنة للجهاز المصرفي في مجال البناء والعقارات، والتي لا تشمل الرهون العقارية، بلغت 295 مليار شيكل (78.8 مليار دولار) في نهاية عام 2023، بينما بلغت قبل عام 259 مليار شيكل، بزيادة قدرها 13.9%.
وذكرت صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية في تقرير لها، يوم الاثنين الماضي، أن هيئة الرقابة على البنوك، برئاسة المفتش داني خاهياشفيلي، استدعت جميع رؤساء الأقسام التجارية في مختلف البنوك إلى اجتماع مهم، إذ ستناقَش المخاطر المختلفة المتعلقة بالسوق العقاري.