استمع إلى الملخص
- الصراع وانهيار العملة أدى إلى زيادة أسعار الأضاحي بأكثر من 80%، مع انخفاض كبير في الإقبال وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين، مما يعكس حالة الركود في سوق المواشي.
- الأزمة المصرفية وانعدام السيولة تفاقم من معاناة اليمنيين، مؤثرةً على قدرتهم على تلبية الاحتياجات الأساسية ومما يجبر الأسر الريفية على إعادة تقييم أولوياتها المعيشية بعيدًا عن تقاليد الأضحية.
يختلف عيد الأضحى في اليمن هذا العام. لم تعد الأضحية تشكل أولوية لدى أسرة اليمني الخمسيني إبراهيم المطري، حيث جرت العادة أن تحصل هذه الأسرة على الأضحية من أقارب إبراهيم الذين يقطنون إحدى المناطق الريفية خارج صنعاء. نقل المطري، وفق حديثه لـ"العربي الجديد"، ما تم إبلاغه من عائلته الريفية إلى أسرته بعدم توفر أضحية مناسبة لإرسالها إليه قبل حلول عيد الأضحى (الأحد المقبل)، بسبب انخفاض أعداد المواشي الذكور التي كانت تربيها لمثل هذه الأوقات للتضحية بها أو الذهاب بها للأسواق لبيعها.
وقد أصبحت تربية المواشي والاهتمام بها مكلفة للغاية بصورة تفوق قدرات الكثير من الأسر في عموم أرياف اليمن بعدما مثلت الثروة الحيوانية ركيزة أساسية في اقتصاد الأسر الريفية طوال الأعوام الماضية. تنطبق وضعية إبراهيم على عبده الشرماني، الذي يسكن مدينة إب، وسط اليمن، بينما عائلته وأقاربه الذين يزودونه بإحدى المواشي للأضحية سنوياً يسكنون في أحد أرياف منطقة ماوية، شرقي محافظة تعز، حيث يوضح لـ"العربي الجديد"، أن الجفاف وتأخر الأمطار وتغير المواسم الزراعية أثر بشكل كبير على الاهتمام بالمواشي، ما أدى إلى تخلي الأسر الريفية عن تربيتها.
وتشهد أسواق الأضاحي في اليمن ركوداً غير مسبوق مع انخفاض الإقبال عليها إلى أدنى مستوى في ظل بروز أولويات أخرى لدى غالبية سكان البلاد التي تعيش على وقع صراع اقتصادي هو الأخطر منذ نحو عشر سنوات. ورصد "العربي الجديد" زيادة بنسبة تزيد على 80 في المائة في أسعار الأضاحي بصنعاء مقارنة بأسعارها في مثل هذه الفترة من العام الماضي حيث يتجاوز سعر الماعز 110 آلاف ريال، في حين يزيد على 150 ألفاً في مناطق أخرى مثل عدن وتعز، جنوب غربي اليمن.
واقع عيد الأضحى في اليمن
يؤكد تاجر المواشي في صنعاء ماجد حميد، لـ"العربي الجديد"، أن هناك انخفاضاً كبيراً هذا العام في أعداد المواشي المعروضة للبيع في الأسواق خصوصاً تلك المحلية، إضافة إلى ضعف الإقبال من عام لآخر من قبل المواطنين على شراء الأضاحي بسبب تدهور القدرة الشرائية.
المحلل الاقتصادي فواز القاضي يشير في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى تأثير الأزمة بصورة كارثية على معظم سكان اليمن بالنظر إلى انعدام السيولة وانهيار القنوات التي كانت متاحة لبعض المواطنين والأسر نتيجةً للأزمة المصرفية في البلاد، إذ تدهورت حوالات المغتربين، في حين هناك تعقيدات واسعة في التحويلات المالية الداخلية التي زادت نسبتها بين مناطق طرفي الصراع إلى مستوى قياسي بسبب انهيار العملة في مناطق الحكومة اليمنية، إضافة إلى عدم قدرة الكثير من عملاء البنوك والمصارف على السحب من ودائعهم وحساباتهم منذ نهاية مايو/ أيار الماضي 2024.
في السياق، تشهد معظم المناطق والمحافظات، بالذات المناطق الريفية في اليمن، تدهوراً كبيراً مع تردي مختلف الخدمات العامة المحدودة وانهيار مصادر الدخل وسبل العيش وفي ظل تنام كارثي لمخاطر الجفاف. يضيف القاضي أن هناك ما يشبه الانهيار في تربية المواشي التي كانت تمثل أولوية قصوى لدى الأسر الريفية إلى جانب الاهتمام بزراعة الحبوب وغيرها، حيث ساهم ذلك في توفر المراعي والأعلاف التي تعزز توجه الأسر لتربية المواشي، بينما لعب الفقر والبطالة وانعدام مصادر الدخل والانهيار الاقتصادي وتطورات الأزمة المالية والمصرفية دوراً كبيراً في تغيير اهتمامات وأولويات اليمنيين المعيشية، فتراجعت الأضاحي أمام الأولويات الأخرى كتوفير الغذاء ولقمة العيش.