استمع إلى الملخص
- الطلب على جلود الأضاحي ارتفع بنسبة 50%، مع توظيف القطاع لـ270 ألف عامل واعتماده على 18 مليون رأس من الثروة الحيوانية، مما يبرز أهميته الاقتصادية.
- الجمعيات الخيرية تحث على التبرع بالجلود لدعم المحتاجين وتمويل مشروعات إنتاجية، بينما تجار الجلود وأصحاب المدابغ يرون في العيد فرصة لتحقيق أرباح ودعم الاقتصاد.
مع كل عيد أضحى، تشهد مصر حركة تجارية نشطة لبيع الجلود، وسط تزايد حدة المنافسة بين الأهالي والمؤسسات الخيرية على تجميع جلود الأضاحي من مختلف المناطق على مستوى الجمهورية، سواء من المجازر أو البيوت والشوارع، والسيطرة على أكبر حصة من جلود المواشي والخراف، للاستفادة من عائد بيعها للمدابغ. من شوارع القاهرة إلى قرى الصعيد، تنتشر مشاهدُ تجمّعٍ لتجار موسميين لجمع جلود الأضاحي، المادة الخام اللازمة للدباغة، مستخدمين كل الوسائل للتفاوض على شرائها بأسعار مغرية.
وفي المقابل، تضاعف المؤسسات الخيرية جهودها لإقناع المضحّين بالتبرع لها بهذه الجلود، مستخدمة شعارات دينية ووطنية لتحفيز الناس على ذلك. قال رئيس شعبة الجلود بغرفة القاهرة التجارية، محمد مهران، لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إن هناك ارتفاعاً كبيراً في الطلب على جلود الأضاحي المصرية بنحو 50% مقارنة بالعام الماضي، على الرغم من زيادة أسعار قطعة الجلود (بقري وجاموسي) من 350 و450 جنيهاً إلى 600 و650 جنيهاً للقطعة (الدولار يساوي 47 جنيهاً تقريباً).
ونشر الموقع الرسمي لوزارة التجارة والصناعة المصرية، بيانات أشارت إلى أن القطاع يجذب عمالة مباشرة تقدّر بـ270 ألف عامل، بخلاف العمالة غير المباشرة، يعملون في 200 ألف مدبغة، تتوزع ملكيتها على 17 ألفًا و600 منشأة، تعتمد جميعها على 18 مليون رأس من الثروة الحيوانية، تنتج 123 مليون قدم مربعة من الجلود المتاحة للدباغة.
يقول ياسر أبو حمد (40 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أرفض بشدة ترك جلود الأضاحي للجزارين، وأفضل دائماً التواصل مع جمعيات خيرية موثوقة؛ لأنني أعلم أنهم سيوزعون قيمتها على المحتاجين بشفافية". ويؤكد عصمت وجدي (53 عاماً)، أنه لا يتبرع بجلود الأضاحي إلا للجهات صاحبة القدرة على استخدامها في مشروعات إنتاجية تساعد الفئات الأكثر احتياجاً في المجتمع، إذ إن بعض الجمعيات حسنة النية تكتفي بجمع الجلود ثم إعادة بيعها بأثمان بخسة لصالح الفقراء، وهو ما يعتبر أنه لا يحقق الفائدة المثلى للمحتاجين.
جلود الأضاحي للتبرع
يقول مدير جمعية الرحمة الخيرية، عاطف فاروق "نسعى، بصفتنا جمعيات، بشدة إلى جمع تبرعات المواطنين بجلود الأضاحي، إذ إن هذه التبرعات لها أهمية كبيرة على المستويات الاجتماعية والبيئية والاقتصادية. فمن الناحية الاجتماعية، إن إعادة توزيع هذه الجلود على الأسر المحتاجة تساهم في تخفيف أعبائها المالية. أما على الصعيد البيئي، فإن التبرع بالجلود للجمعيات الخيرية بدلاً من بيعها للجزارين يسهم في الحد من تلوث البيئة والتخلص الآمن من هذه النفايات العضوية.
ومن ناحية اقتصادية، تستخدم جمعيتنا هذه الجلود في مشروعات إنتاجية تدرّ دخلاً على الأسر الفقيرة". وفي المقابل، يقول أحد تجار الجلود الموسميين غربي الإسكندرية، أحمد نشأت، لـ"العربي الجديد"، إن عيد الأضحى هو الموسم الوحيد الذي يتمكن فيه التجار من تحقيق أرباح مالية، بعد إضافة هامش ربح بسيط يساعدهم على التصدي لأعباء الحياة طوال العام.
وأضاف نشأت: "نجوب المناطق في الأسبوع السابق للعيد للاتفاق مع الجزارين والمضحين على استلام الجلود عقب الذبح، ونُعد سيارات كبيرة لسرعة اقتناصها في وقت الذبح قبل وصول ممثلي الجمعيات الخيرية، والتي يكون لها فرق مدربة وكبيرة العدد تسعى للأمر ذاته في كل عيد".
وأوضح أحد أصحاب المدابغ في الإسكندرية شمالي مصر، محمد الشافعي، "تشمل الصناعات المرتبطة بإعادة تصنيع جلود الأضاحي في مصر مجموعة متنوعة من الأنشطة الصناعية والتجارية، ومنها إنتاج الجلود المدبوغة والمستخدمة في صناعة الأحذية والحقائب والسروج والمفروشات، وتتم هذه العمليات في مدابغ ومصانع متخصصة في إعادة تصنيع الجلود المستخلصة من الأضاحي، وورش حرفية ومصانع صغيرة تتخصص في هذه الأنشطة التحويلية".
وأشار إلى أن الجلود، والتي تعد المادة الخام اللازمة للدباغة، تشهد رواجاً خلال فترة عيد الأضحى، نظراً لزيادة المتاح من جلود الأضاحي، كما أن هذه الصناعات ترتبط بشكل وثيق بعدة قطاعات أخرى، مثل الخدمات اللوجستية والنقل والطاقة والبحث والتطوير، مما يعزز من أهمية هذا القطاع في الناحية الاقتصادية.