الأسواق تريد ترامب... انتعاش الأسهم وبيتكوين والدولار وسط رهان على العائد إلى البيت الأبيض
انتعشت أسواق العملات المشفرة، على رأسها بيتكوين والأسهم والدولار، مع فوز المرشح الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية ليعود من جديد إلى البيت الأبيض، بعد تفوقه على الديمقراطية كامالا هاريس نائبة الرئيس الحالي جو بايدن، لتعبّر ما تعرف بـ"تداولات ترامب"، أي الأصول التي تستفيد من فوزه، عن احتفائها بالرهان عليه لتحقيق مكاسب أكبر خلال الفترة المقبلة.
حقق الدولار الأميركي أكبر ارتفاع له منذ مارس/آذار 2020، بينما كانت النتائج المبكرة للانتخابات الرئاسية تظهر تفوق ترامب في بعض الولايات الرئيسية، ما رفع عائدات سندات الخزانة بطريقة كبيرة، وسط تكهنات بأن سياساته ستُبقي أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة. وتبشر زيادة عوائد السندات بجذب السيولة إلى الولايات المتحدة، مع تحصيل المستثمرين للعائدات المرتفعة. وقفزت العملة الخضراء أمام العملات الرئيسية في التداول الآسيوي.
وتعهد ترامب بخفض الضراب وزيادة إنتاج النفط. وقال في كلمة أمام مؤيديه، أمس الأربعاء، أعلن خلالها فوزه بالانتخابات، أعقبها سيل من التهاني من جانب رؤساء دول وحكومات في العالم: "انتظروا تعهدي لكم بخفض الضرائب في الولايات المتحدة.. سنجعل أميركا أفضل وأقوى.. سأقوم بكل ما هو مطلوب لتوفير حياة كريمة لجميع الأميركيين".
وأضاف أنه سيقرر زيادة إنتاج النفط ومنح مزيد من تراخيص الاستكشاف والتنقيب عن مصادر الطاقة التقليدية، وهي تصريحات هبطت بأسعار النفط عالميا 2%. وسبق للرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، تعليق منح تراخيص تنقيب واستكشاف عن مصادر الطاقة التقليدية على جميع الأراضي الأميركية، ضمن خطة لخفض الانبعاثات الكربونية.
كما وعد ترامب بفرض رسوم جمركية كبيرة على الواردات، ما سيزيد من ضغوط التضخم في الولايات المتحدة ويبطئ على الأرجح وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.
وقالت بريا ميسرا، مديرة محفظة الأصول في "جيه بي مورغان إنفستمنت مانجمنت" لوكالة بلومبيرغ "ينبغي أن تسفر خطة ترامب للرسوم الجمركية والضرائب عن ارتفاع التضخم وحدوث عجز في الميزانية أكبر، ما يعني معدلات فائدة مرتفعة للسندات طويلة الأجل".
وصعد مؤشر بلومبيرغ للدولار الفوري بنسبة 1.6%، بينما قفزت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بواقع 18 نقطة أساس لتصل إلى 4.46%، في أعلى مستوى منذ إبريل/نيسان الماضي. وأسفر ارتفاع الدولار عن تراجع العملات العالمية، إذ هبط اليورو 1.8%، بينما انحدر الين الياباني والدولار الأسترالي والفرنك السويسري بأكثر من 1%، في حين تكبد البيسو المكسيكي خسائر 3%.
وأقدمت صناديق التحوط وغيرها من المتداولين، على الاستثمارات التي تستفيد من فوز المرشح الجمهوري، التي تُعرف باسم "تداولات ترامب"، مثل المراهنة على السندات الأميركية أو البيسو المكسيكي، طوال معظم أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قبل تقليصها الأسبوع الحالي، بعد استطلاعات للرأي أظهرت تقدم هاريس.
وحتى 29 أكتوبر/تشرين الأول، كانت صناديق التحوط والمتداولون المضاربون الآخرون في مراكز استثمارية تدعم ارتفاع الدولار الأميركي أكثر، بدفع من الطلب على أصول الملاذات الآمنة، في ظل حالة عدم اليقين حول نتيجة الانتخابات. وبحسب بيانات لجنة تداول السلع المستقبلية التي جمعتها بلومبيرغ، بلغت قيمة هذه المراكز الاستثمارية التي تراهن على صعود الدولار الأميركي نحو 17.8 مليار دولار.
كذلك ارتفعت مؤشرات الأسهم في ختام تعاملات الثلاثاء من بوادر تفوق ترامب. وقادت أكبر شركات التكنولوجيا في العالم المكاسب، حيث ارتفع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 1.2%، وارتفع مؤشر "العظماء السبعة" (ميتا، آبل، تسلا، إنفيديا، مايكروسوفت، ألفابت، أمازون) بنسبة 1.8%.
جاء الارتفاع الواسع في الأسهم متسقاً مع التاريخ، إذ حقق مؤشر "إس آند بي 500" مكاسب في 9 من آخر 11 يوماً انتخابياً بمتوسط عائد 0.8%، وفقاً لـ"ريان ديتريك" المحلل الاستراتيجي في شركة الاستشارات الاستثمارية "كارسون غروب".
كانت وول ستريت تستعد لليلة طويلة من فرز الأصوات المثيرة للجدل والتقلبات الحادة بغض النظر عن النتيجة. وقال استراتيجيو مجموعة "غولدمان ساكس" إن هناك احتمالاً لحدوث موجة من التقلبات في أعقاب الانتخابات، لكنهم أشاروا أيضاً إلى الخلفية الاقتصادية الأميركية المرنة التي من المرجح أن تدعم الأسهم في الأمد البعيد.
وبالنسبة للعملات المشفرة، قفزت بيتكوين إلى مستوى قياسي، لتلامس مستوى 75 ألف دولار خلال التداولات. ورسّخ ترامب مكانته باعتباره المرشح الأكثر ودية للعملات الرقمية، من خلال تعهده بجعل الولايات المتحدة عاصمة العملات المشفرة على مستوى العالم، وإنشاء احتياطي استراتيجي من "بيتكوين"، وتعيين منظمين مؤيدين لهذه الأصول في حال عودته إلى البيت الأبيض.
وكان المتداولون يستعدون لتقلبات سوقية واضحة محتملة ناجمة عن نتائج الانتخابات التي تظهر استطلاعات الرأي أنها متعادلة، إلا أن تقدم ترامب أعطى دفعة لافتة للسوق. وقبل أيام قليلة من الانتخابات، شهدت صناديق بيتكوين المتداولة في الولايات المتحدة أعلى صافي نزوح يومي للأموال، حيث أظهرت بيانات جمعتها وكالة بلومبيرغ الأميركية، وفق تقرير لها الثلاثاء الماضي، أن مجموعة مكونة من 12 صندوقاً، تُدار من قِبل شركات مثل "بلاك روك" و"فيديليتي إنفستمنت"، سجلت خروج استثمارات بقيمة 579.5 مليون دولار يوم الاثنين.