سفيرة العرب الثقافية

22 ابريل 2023
سلمى الخضراء الجيوسي
+ الخط -

أعترف في هذه المناسبة المؤرّقة والمشحونة بشجن طاغٍ يصعب وصفُه، مناسبة وداع فقيدتنا العزيزة الشاعرة والناقدة والمترجمة سلمى الخضراء الجيوسي، أنّ معرفتي الوثيقة بالفقيدة خلال زهاء أربعة عقود من صلتي بـ"بروتا"؛ مؤسّستِها الفلسطينية، تجعلني أشهد أنّها كانت سفيرة العرب الثقافية إلى العالم الأنكلوساكسوني، السفيرة التي أسهمت في تفعيلٍ شاملٍ لاستعادة وتكوين الهوية الثقافية العربية، وتعزيز حضورها المعرفي في الغرب، وتحصينها لمواجهة الطوفان الهوياتي المغاير والمستبيح للجغرافيا العربية.

كانت "بروتا" بحقّ وزارة ثقافة عربية فلسطينية شاملة، بل لعلّها نقطة المحرق التي لم تفصل الثقافة الفلسطينية عن امتداداتها العربية، بل حقّقت على نحو عملي بعض المفاهيم التي طرحها إدوارد سعيد في وقت لاحق.

ثمّة عبارةٌ هنا، تلحّ عليّ باستمرار، عبارة لأدورنو الذي افتتن به إدوارد سعيد، أستعيدها وأقلّبها على وجوهها محاولاً الإصرار على راهنيتها الملحّة. يقول أدورنو: "أكتب وأنا أشبه بالطائر المحدق بثعبان". فقيدتنا الشاعرة الكبيرة والناقدة المؤثّرة على أكثر من صعيد، للأسف الشديد لا تحدّق بثعبان واحد، بل بثعابين. يرحمها الله.


* ناقد سوري مقيم في لندن

موقف
التحديثات الحية
المساهمون