تستغل عدة مؤسسات فلسطينية، عاملة في قطاع غزة، تعطّل الدوام المكتبي بسبب حالة الطوارئ، التي أعقبت تفشي وباء كورونا عالميًا، لتنظيم الأنشطة التدريبية والتفاعلية إلكترونيًا، استغلالًا للوقت والجهد ولزيادة الوعي عند الناس.
وبدأت فكرة الاستعاضة بالأنشطة الإلكترونية والتدريب عن بُعد، منذ اللّحظة الأولى لوصول الفيروس الجديد إلى فلسطين، والإعلان عن إصابات. فتمّ بعدها فرض حالة الطوارئ، التي أُغلقت بموجبها المؤسّسات الأهلية والمدنية والتعليمية والترفيهية وبعض الوزارات، منعًا للاختلاط وتفشّي الوباء، ما ألزم موظفيها بقرار الحَجر المنزلي.
وتتنوّع الأنشطة، التي تقوم المؤسسات بتنظيمها عبر الإنترنت، بين التدريب والندوات التثقيفية والتوعوية، واللّقاءات الحوارية، التي تهدف إلى إحداث عصف ذهني، فيما تُركّز جميعها على قضية الأزمة وتأثيراتها الصحية، الاجتماعية والاقتصادية.
ومع تأزّم الأوضاع الميدانية بفعل أزمة كورونا وصعوبة التنقل والتجمّع، أطلقت "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – غزة" تدريبًا إلكترونيًا لمجموعة من الصحافيين الفلسطينيين، حول آليات العمل المهني في ظلّ حالة الطوارئ. ولاقى التدريب نجاحًا كسر فجوة عدم القدرة على التواصل المباشر.
وأوضحت منسّقة العلاقات العامة والإعلام في الهيئة نسمة الحلبي لـ"العربي الجديد"، اليوم السبت، أنّه تمّ، مع بداية الأزمة، تنفيذ ورشة عمل عن بُعد، تفادياً لأي اختلاط أو تجمّع، استهدفت قطاعات عدّة من الجمهور، للتوعية حول الحقوق والحريات في وقت الطوارئ. ووجد المتحدّثون في استوديو للبثّ المباشر، وتمّ البثّ عبر منصّة الهيئة على موقع "فيسبوك".
وأضافت الحلبي: "بدأنا العمل على مواصلة برامجنا التوعوية والتدريبية لتمكين الفئات المستهدفة، عبر تلقي تدريبات حقوقية عبر المنصات التقنية عن بُعد".
وأصبحت المنصّات والبرامج الإلكترونية مسرح الاجتماعات اليوميّة للهيئة المستقلّة، وفق الحلبي، التي أوضحت أنّه سيتمّ تطوير تدريبات أخرى لتعريف المزيد من الفئات بحقوقهم، وذلك على الرغم من بعض الإشكاليات التي قد تعترض العمل عن بُعد، مثل عدم وضوح وسلاسة التواصل، وضعف الإنترنت، وانقطاع الكهرباء وعقبات تقنية أخرى.
من ناحيته، قال الباحث القانوني في "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" محمد أبو هاشم، لـ"العربي الجديد"، إنّه "منذ بداية الأزمة، تمّ إقرار خطة طوارئ للتعامل مع المُستجدّات، تضمن الحفاظ على التواصل مع الجمهور".
وصبّ المركز جهده على توعية المواطنين حول موضوع حقوق الإنسان، الذي يُعتبر خطّ الدفاع الأول عنهم، خاصة في ظلّ حالة الطوارئ الذي يمنح الجهات التنفيذية سلطات استثنائية، وفق أبو هاشم. وأضاف أنّ المركز طَوّر من أساليبه للتواصل مع الجمهور.
وأعدّت وحدة التدريب التابعة للمركز خطّة طوارئ لتنظيم الجلسات عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما تمّ جمع الإفادات من المواطنين، وتنفيذ حملات توعية، وورش عمل عبر الإنترنت، و"فيديو كونفرانس"، في محاولة للتغلّب على الفجوة التي أحدثتها الأزمة.
وقامت وحدات "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان" بتبديل عدد من المواضيع، التي كانت مُقرّة ضمن الخطة السنوية، بقضايا فرضت نفسها نتيجة المُستجدّات، مثل "حالة الطوارئ وكيفية التعامل معها، في ظلّ الوباء"، "صلاحيات وقيود السلطات"، "الموازنة العامة وكيفيّة تعامل السلطة مع عمّال المياومة المتأثّرين"، وتضرّر الأشخاص ذوي الإعاقة من الأزمة.
وحاولت مؤسسة "فلسطينيات" التغلّب على إشكالية الدوام المنزلي، والتزامها بإجراءات السلامة والوقاية، عبر عقد سلسلة من الجلسات التفاعلية، كان أبرزها لقاءً إعلاميًا عبر الإنترنت، جمع عدداً من الصحافيين الفلسطينيين، وتناول قضية السلامة الشخصية خلال تغطية الكوارث.
تحدّث خلال اللّقاء عدد من مدرّبي السلامة المهنيّة، حول أهمية اتخاذ كافة التدابير الوقائية، فيما فُتح المجال أمام المشاركين للحديث عن تجاربهم في التغطية الميدانية اليومية.
وتقول مسؤولة مكتب "فلسطينيات" في قطاع غزة منى خضر، لـ"العربي الجديد"، إنّ المؤسسة تعقد لقاءً أسبوعيًا عبر الإنترنت، وقامت بتفعيل اللّقاءات والأنشطة الإلكترونية، عِوضًا عن الأنشطة الميدانية، بهدف حماية طاقمها، والتغلّب على الأزمة.
وتتطلّع المؤسّسة إلى تحويل مختلف أنشطتها إلى أنشطة إلكترونية، إلى حين انتهاء أزمة كورونا، والعودة تدريجيًا إلى الحياة الطبيعية. حيث سيتواصل العمل وفق خطة الطوارئ، والتركيز على مختلف القضايا المتعلّقة بفيروس كورونا، فيما طُرح تحويل برنامج المُناظرات، إلى مُناظرات عن طريق الإنترنت.