تزداد الأزمة الإنسانية سوءاً في محافظة إدلب، شمالي غرب سورية، مع مواصلة قوات النظام وروسيا استهدافها المدن والبلدات، وتضييق الرقعة الجغرافية الخارجة عن سيطرتها، إذ تسببت على مدار الأشهر الماضية بنزوح أكثر من مليون و700 ألف مدني.
هموم النازحين الساعين خلف الأمان كبيرة، خصوصاً لجهة قلقهم على أطفالهم، وهم كلّ ما يملكون، بعد خسارتهم البيت والأرض. تروي عائشة العبدو عن ألم حقيقي عانته في هذه الرحلة، فبعد نزوحها من إحدى البلدات في ريف حماة الشمالي وصلت إلى مدينة خان شيخون، ومن بعدها إلى مخيم في بلدة الدير الشرقي، ثم انتقلت مرتين، قبل أن تصل إلى مدينة إدلب. تقول لـ"العربي الجديد": "القصف والحرّ والجوع والعطش والعذاب والبرد والمطر والمعاناة كلّها عانينا منها. خسرت عائلتي كلّ ما تملك ولم يعد لدينا حين وصلنا إلى إدلب سوى مبلغ ضئيل من المال. كانت لدينا سيارة ومولد للكهرباء، عرضهما زوجي للبيع. اليوم نعيش في غرفة في مبنى يضمّ عائلات نازحة من كلّ المناطق. باب غرفتنا ليس غير بطانية قديمة، وقد غطينا النوافذ بالطريقة نفسها. لديّ بعض الأطباق والكؤوس المعدنية، كنت أهوى اقتناء الأدوات المنزلية والأدوات المطبخية الزجاجية الجميلة، واليوم أفتقد بيتي، أفتقد أمانه وكلّ زاوية فيه. لكنّني اليوم، لا أتمنى غير بقاء أولادي وزوجي سالمين، لم يعد لدينا غيرهم. هم كلّ ما أملك". تضيف العبدو: "المبنى الذي نقيم فيه بالكاد يقف. قذيفة واحدة قد تقتل عشرات فيه. ربما ننزح من إدلب لكن إلى أين؟ لا نعلم، فليست لدينا خيمة أو مأوى، لكن في حال اشتد القصف لن يكون لنا خيار أبداً، وليس لدينا ما نأسف عليه، هي بعض الملابس والأواني فقط نحملها وننزح بها".
اقــرأ أيضاً
بعد رحلة معاناة ومحطات نزوح متكررة، وصل خالد محمد، إلى مدينة إدلب. يعيش اليوم مخاوف من نزوح جديد يضطره للبحث عن مكان آخر بعدما تقطعت به السبل. محمد يقول لـ"العربي الجديد": "نزحت حتى ملّ مني النزوح، بداية خرجت وحيداً من بلدة قمحانة في ريف حماة الشمالي وذلك في شهر يونيو/ حزيران 2012، تنقلت وحيداً بين عدة بلدات وصولاً لمدينة كفر نبل، وخرج أهلي من بلدة قمحانة في إبريل/ نيسان 2014. تزوجت في ظلّ ظروف النزوح الصعبة كما بقية الشباب في المناطق المحررة، وبعد زواجي افترقت عن أهلي وتوجهت لبلدة تفتناز، هناك كانت زوجتي ارتبطت بعمل، وأهلي كانوا قصدوا مدينة إدلب لوجود أقارب لنا فيها. مؤخراً نزحت من بلدة تفتناز قاصداً مدينة إدلب، لكنّ رحلة العذاب تبدو بلا نهاية. حالياً، يزداد الوضع سوءاً في مدينة إدلب، وقد ننزح في أيّ لحظة. وجهتنا ستكون منطقة درع الفرات".
أما مدرس التربية الإسلامية عكرمة الضبعان، فقد اختبر محطات نزوح مختلفة أيضاً، منذ غادر بلدة الهبيط في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب، واستقر به المطاف في مدينة إدلب، في الوقت الحالي. يتحدث لـ"العربي الجديد": "آخر بلدة نزحت إليها مع عائلتي هي موقا، التي هجّرنا منها. وصلنا بعدها إلى مدينة إدلب، فقصفت الطائرات الحربية مرات عدة المدينة في الأشهر الأربعة الماضية. وفي الوقت الحالي بات النزوح صعباً جداً، فالأرض ضاقت بالنازحين بريف إدلب الشمالي، وحالياً لا نسمع سوى صوت القذائف والطائرات الحربية التي لا تهدأ في المنطقة، ما يحدث مرعب ولا يحتمل، نشعر أن العالم تآمر علينا هنا فالنظام وروسيا يواصلان القتل والتدمير ولا أحد يكترث".
وكانت مدفعية النظام قصفت مدينة إدلب في الأسبوع الأول من شهر فبراير/ شباط الجاري للمرة الأولى منذ سنوات ثم استهدفتها الطائرات الروسية بغارات جوية عدة نهاية الأسبوع، فأودت بحياة أربعة أشخاص على الأقل في المدينة، ومتسببة بحالة من الذعر للمقيمين فيها، فالمدينة التي كانت تنعم بجزء من الأمان باتت تحت رحمة مدفعية النظام التي تبعد كيلومترات قليلة عنها، لا تتجاوز 6 أو 7 كيلومترات.
اقــرأ أيضاً
مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج يقدم لـ"العربي الجديد" وصفاً عن جزء من المعاناة التي يعيشها الأهالي في مدينة إدلب بالوقت الحالي: "يطاول القصف المدفعي الآن مدينة إدلب، علماً أنّ فيها 850 ألف مدني، ومع محيطها تضمّ 1.2 مليون مدني، سيكونون معرضين لخطر العمليات العسكرية في حال وصل النظام إلى مناطق مكشوفة. الخطر سيجبر هؤلاء على النزوح والتوجه نحو المجهول، وكما نعلم في الوقت الحالي، فإنّ قوافل النازحين لا تتوقف، ولا يمكن توقع نتائج تحرك كتلة بشرية هائلة ضمن موجة نزوح جديدة. المساحات الجغرافية خارج سيطرة النظام تتناقص وتزداد الكثافة السكانية في المناطق الخارجة عن سيطرته، والمدن الخارجة عن سيطرة النظام وفي مقدمتها إدلب هي مدن تعتبر حواضن للنازحين، واليوم في حال لم تتوقف العمليات العسكرية نحن أمام كارثة إنسانية جديدة وموجة نزوح، مع العلم أن هناك عائلات نزحت أكثر من خمس مرات".
هموم النازحين الساعين خلف الأمان كبيرة، خصوصاً لجهة قلقهم على أطفالهم، وهم كلّ ما يملكون، بعد خسارتهم البيت والأرض. تروي عائشة العبدو عن ألم حقيقي عانته في هذه الرحلة، فبعد نزوحها من إحدى البلدات في ريف حماة الشمالي وصلت إلى مدينة خان شيخون، ومن بعدها إلى مخيم في بلدة الدير الشرقي، ثم انتقلت مرتين، قبل أن تصل إلى مدينة إدلب. تقول لـ"العربي الجديد": "القصف والحرّ والجوع والعطش والعذاب والبرد والمطر والمعاناة كلّها عانينا منها. خسرت عائلتي كلّ ما تملك ولم يعد لدينا حين وصلنا إلى إدلب سوى مبلغ ضئيل من المال. كانت لدينا سيارة ومولد للكهرباء، عرضهما زوجي للبيع. اليوم نعيش في غرفة في مبنى يضمّ عائلات نازحة من كلّ المناطق. باب غرفتنا ليس غير بطانية قديمة، وقد غطينا النوافذ بالطريقة نفسها. لديّ بعض الأطباق والكؤوس المعدنية، كنت أهوى اقتناء الأدوات المنزلية والأدوات المطبخية الزجاجية الجميلة، واليوم أفتقد بيتي، أفتقد أمانه وكلّ زاوية فيه. لكنّني اليوم، لا أتمنى غير بقاء أولادي وزوجي سالمين، لم يعد لدينا غيرهم. هم كلّ ما أملك". تضيف العبدو: "المبنى الذي نقيم فيه بالكاد يقف. قذيفة واحدة قد تقتل عشرات فيه. ربما ننزح من إدلب لكن إلى أين؟ لا نعلم، فليست لدينا خيمة أو مأوى، لكن في حال اشتد القصف لن يكون لنا خيار أبداً، وليس لدينا ما نأسف عليه، هي بعض الملابس والأواني فقط نحملها وننزح بها".
بعد رحلة معاناة ومحطات نزوح متكررة، وصل خالد محمد، إلى مدينة إدلب. يعيش اليوم مخاوف من نزوح جديد يضطره للبحث عن مكان آخر بعدما تقطعت به السبل. محمد يقول لـ"العربي الجديد": "نزحت حتى ملّ مني النزوح، بداية خرجت وحيداً من بلدة قمحانة في ريف حماة الشمالي وذلك في شهر يونيو/ حزيران 2012، تنقلت وحيداً بين عدة بلدات وصولاً لمدينة كفر نبل، وخرج أهلي من بلدة قمحانة في إبريل/ نيسان 2014. تزوجت في ظلّ ظروف النزوح الصعبة كما بقية الشباب في المناطق المحررة، وبعد زواجي افترقت عن أهلي وتوجهت لبلدة تفتناز، هناك كانت زوجتي ارتبطت بعمل، وأهلي كانوا قصدوا مدينة إدلب لوجود أقارب لنا فيها. مؤخراً نزحت من بلدة تفتناز قاصداً مدينة إدلب، لكنّ رحلة العذاب تبدو بلا نهاية. حالياً، يزداد الوضع سوءاً في مدينة إدلب، وقد ننزح في أيّ لحظة. وجهتنا ستكون منطقة درع الفرات".
أما مدرس التربية الإسلامية عكرمة الضبعان، فقد اختبر محطات نزوح مختلفة أيضاً، منذ غادر بلدة الهبيط في الريف الجنوبي لمحافظة إدلب، واستقر به المطاف في مدينة إدلب، في الوقت الحالي. يتحدث لـ"العربي الجديد": "آخر بلدة نزحت إليها مع عائلتي هي موقا، التي هجّرنا منها. وصلنا بعدها إلى مدينة إدلب، فقصفت الطائرات الحربية مرات عدة المدينة في الأشهر الأربعة الماضية. وفي الوقت الحالي بات النزوح صعباً جداً، فالأرض ضاقت بالنازحين بريف إدلب الشمالي، وحالياً لا نسمع سوى صوت القذائف والطائرات الحربية التي لا تهدأ في المنطقة، ما يحدث مرعب ولا يحتمل، نشعر أن العالم تآمر علينا هنا فالنظام وروسيا يواصلان القتل والتدمير ولا أحد يكترث".
وكانت مدفعية النظام قصفت مدينة إدلب في الأسبوع الأول من شهر فبراير/ شباط الجاري للمرة الأولى منذ سنوات ثم استهدفتها الطائرات الروسية بغارات جوية عدة نهاية الأسبوع، فأودت بحياة أربعة أشخاص على الأقل في المدينة، ومتسببة بحالة من الذعر للمقيمين فيها، فالمدينة التي كانت تنعم بجزء من الأمان باتت تحت رحمة مدفعية النظام التي تبعد كيلومترات قليلة عنها، لا تتجاوز 6 أو 7 كيلومترات.
مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج يقدم لـ"العربي الجديد" وصفاً عن جزء من المعاناة التي يعيشها الأهالي في مدينة إدلب بالوقت الحالي: "يطاول القصف المدفعي الآن مدينة إدلب، علماً أنّ فيها 850 ألف مدني، ومع محيطها تضمّ 1.2 مليون مدني، سيكونون معرضين لخطر العمليات العسكرية في حال وصل النظام إلى مناطق مكشوفة. الخطر سيجبر هؤلاء على النزوح والتوجه نحو المجهول، وكما نعلم في الوقت الحالي، فإنّ قوافل النازحين لا تتوقف، ولا يمكن توقع نتائج تحرك كتلة بشرية هائلة ضمن موجة نزوح جديدة. المساحات الجغرافية خارج سيطرة النظام تتناقص وتزداد الكثافة السكانية في المناطق الخارجة عن سيطرته، والمدن الخارجة عن سيطرة النظام وفي مقدمتها إدلب هي مدن تعتبر حواضن للنازحين، واليوم في حال لم تتوقف العمليات العسكرية نحن أمام كارثة إنسانية جديدة وموجة نزوح، مع العلم أن هناك عائلات نزحت أكثر من خمس مرات".