نشطاء ليبيا يلجؤون إلى مواقع التواصل هرباً من ملاحقة المسلحين

04 يونيو 2021
سطوة المليشيات أقوى من الشرطة الليبية (محمود تركية/فرانس برس)
+ الخط -

 

كانت مواقع التواصل الاجتماعي سبباً في اغتيال بعض النشطاء الحقوقيين في ليبيا، لكنها ما زالت تعتبر المساحة الوحيدة أمام هذه الفئة لمخاطبة الرأي العام المحلي والدولي من خلال نشر الصور والفيديوهات التي تعد أدلة على مختلف التعديات والانتهاكات، ويجري ذلك في العادة من خلال صفحات بأسماء غير حقيقية، أو تحمل أسماء جمعيات وهيئات أهلية، خوفاً من تسلط المسلحين أو مطارداتهم.

اختطف الناشط الحقوقي صالح الشاعري من بيته في مدينة بنغازي، في مارس/ آذار الماضي، وقبله الناشط منير زعبية، المختطف من بنغازي أيضاً، منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، وما زال الناشطان مغيبين في المعتقلات السرية في البلاد مع عشرات غيرهما، والسبب تدوينات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي، تتحدث عن تأسيس حراكات مدنية، أو تعبر عن رفض مظهر من مظاهر التردي الأمني.

وشهدت العاصمة طرابلس، وعدد من مدن غرب البلاد، حالات اختطاف نشطاء، آخرهم جمال عدس، الذي عرف بنشاطه الحقوقي في إدانة الانتهاكات بحق المدنيين، والذي جرى اختطافه لأكثر من أسبوع، قبل أن يطلق سراحه، من دون معرفة الجهة التي اختطفته، أو سبب الاختطاف.

ورغم العقبات المتعددة أمام حرية الرأي والتعبير، إلا أن المنصات الاجتماعية ما تزال تكشف بعض التجاوزات، ومن بينها منظمة "رصد الجرائم"، التي يديرها ناشط حقوقي من بنغازي، اضطرته الظروف إلى المغادرة، ومتابعة نشاطه من الخارج، وكذلك منظمة "التضامن لحقوق الإنسان"، والتي يعمل أغلب كادرها من خارج ليبيا، لكن بياناتها باتت معتمدة في العديد من التقارير الدولية والبرامج الإعلامية.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ولا تزال حسابات اللجنة الوطنية لحقوق الانسان على مواقع التواصل الاجتماعي قائمة ومفعلة، بالإضافة لقرابة سبع جمعيات ومنظمات تنشط في ذات الفضاء، من دون أن يكون لها مقر معروف. ويقول الناشط الحقوقي الليبي، نعيم معيوش، لـ"العربي الجديد"، إن "عدداً من النشطاء الحقوقيين قرروا، بعد تعرضهم لأضرار أو تهديدات، العمل عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء حركية خشية ملاحقات المجموعات المسلحة، والغالبية يكتفون بتمرير مواد سمعية أو مرئية للكشف عن الجرائم وتحقيق الهدف الحقوقي". ويؤكد معيوش أن "النشطاء يبادرون للتنازل عن حقوقهم الأدبية في اقتران أسمائهم بالكشف عن الأدلة مقابل أن تتحقق العدالة، أو تتم ملاحقة الجناة، ويقومون بالكشف عن كثير من الخفايا التي تثبت تورط مجموعات مسلحة تتبع السلطات الرسمية اسميا من دون تبعية حقيقية".

من جهتها، تقول المحامية والناشطة الحقوقية، بدرية الحاسي، إنه "عقب اغتيال الناشطة الحقوقية، حنان البرعصي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي في وضح النهار في وسط بنغازي، اضطر عدد من النشطاء إلى إغلاق حساباتهم الإلكترونية على مواقع التواصل، وقام بعضهم بتغيير نشاطه الحقوقي إلى نشاطات أخرى إغاثية أو مدنية". وكانت البرعصي تدير صفحة "منظمة الرحمة لرد المظالم"، ويؤكد حقوقيون أن بياناتها والتسجيلات المرئية التي اتهمت فيها مليشيات حفتر بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان كانت سبباً في اغتيالها. وتؤكد الحاسي، التي تنشط من خارج ليبيا في متابعة العمل الحقوقي في بلادها، أن "عدداً من النشطاء قرر ممارسة النشاط بأسماء حركية بدلا من أسمائهم الحقيقية"، موضحة لـ"العربي الجديد"، أن "مواقع التواصل الاجتماعي لا تزال تقلق المتورطين في ملفات جنائية أو انتهاكات، خصوصاً أن العديد من الجهات الحقوقية الرسمية أوقفت نشاطها إثر التهديدات".

وتضرب الحاسي مثالاً بـ"المجلس الوطني للحريات وحقوق الإنسان" الحكومي، والذي جمد نشاطه منذ عام 2016، فيما بقيت صفحته الرسمية على "فيسبوك" مفتوحة، واعتبرت أن "الفضاء الإلكتروني شجع المواطن الذي يعيش تضييقاً على حريته في تصوير بعض الحوادث، ونشرها، وبعض الجهات العدلية الدولية اعتمدت على ما يبث عبر وسائل التواصل في أحكامها، ومنها المحكمة الجنائية الدولية التي قررت مطالبة السلطات الليبية بتسليم محمود الورفلي بناء على جرائم قتل كشفتها مواد مرئية انتشرت على مواقع التواصل".

وتشير الحقوقية الليبية إلى إزالة بعض مواقع التواصل، في سبتمبر/ أيلول الماضي، محتويات تتضمن أدلة جنائية كونها تظهر مشاهد عنف، مؤكدة أن تلك المرئيات يمكن استخدامها في التحقيق المحتمل في الجرائم، لافتةً إلى أنه "دون فيديوهات اعتقال مجهولين للناشط إسماعيل الزوي، في بنغازي، لم يكن بالإمكان إثبات أن المتورطين في اختطافه بطريقة موحشة هم مليشيات تتبع حفتر، وإعلان محكمة في بنغازي، الحكم بحبسه 15 عاماً دليل ثان على أن سلطات حفتر هي من اعتقلته".

المساهمون