عودة مرض الملوك في بريطانيا

09 يوليو 2024
يمكن علاج المرض باستخدام مسكنات الألم (Getty)
+ الخط -

يعود مرض النقرس أو مرض الملوك إلى الانتشار في بريطانيا وغيرها من البلدان، هو المعروف باسم داء الملوك، ويصيب غالباً أصبع القدم الكبير.

تشهد المملكة المتحدة ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الإصابة بمرض النقرس أو داء الملوك، وهو أحد أنواع التهابات المفاصل التي تحدث نتيجة زيادة حمض اليوريك في الدم وتراكمه في السائل المفصلي، ما يؤثر في سلاسة حركة المفاصل، ويصيب غالباً أصبع القدم الكبير، ويتميز النقرس بحدوث نوبات ألم حادة ومفاجئة في المفاصل.  
يعود السبب وراء تسمية النقرس بداء الملوك إلى تناول اللحوم الحمراء بكثرة الأمر الذي يؤدي إلى زيادة حمض اليوريك في الدم. لذلك، تعتبر اللحوم الحمراء أحد أسباب الإصابة بالنقرس. من هنا، ارتبط هذا المرض بنمط الحياة المترفة، وكان يصيب الأثرياء. لكن خلال السنوات الأخيرة، أصبح أكثر شيوعاً بين عامة الناس نتيجة السمنة وقلة ممارسة الرياضة. ولم يقتصر ارتفاع النسبة على المملكة المتحدة فحسب، بل بات ظاهرة عالمية في ظل التحولات الغذائية التي شهدناها خلال العقود الأخيرة. وبحسب موقع "مجتمع النقرس في المملكة المتحدة"، يصيب النقرس حوالي 1 من كل 40 شخصاً في البلاد، ويعد نوعاً شائعاً من التهاب المفاصل الذي يسبب أعراضاً مفاجئة ونوبات شديدة من الألم والتورم في المفاصل، وخصوصاً في القدمين.
وفي ما يتعلق بالعوامل الأساسية التي ساهمت في عودة ظهور النقرس في المملكة المتحدة، يقول مدير مركز جامعة ليدز وكبير الباحثين الفخريين في المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، البروفيسور فيليب كوناغان: "لا أعتقد أن هناك إجابة واحدة لهذا السؤال. نعلم جزئياً أن هناك ارتفاعا في معدل الإصابة بالنقرس خلال العشرين عاماً الماضية أو نحو ذلك، ونعتقد أن هذا يرجع إلى زيادة السمنة التي ترتبط دائماً بارتفاع مستويات حمض البوليك ومعدّلات النقرس. وتعكس كل من السمنة والإصابة بالنقرس أيضاً التحولات الغذائية في المجتمع. وهناك مشكلة كبيرة أخرى في المملكة المتحدة، وهي أن حوالي ثلث الأشخاص المصابين بالنقرس توصف لهم أدوية لخفض نسبة اليورات بهدف علاج النقرس. لذلك، يتعيّن على معظم المصابين بالنقرس الاستمرار في الخضوع للعلاج لسنوات عدة، كما يحتاجون إلى فهم أسباب ذلك". 

أمّا بالنسبة لما يتعلّق بكيفية الوقاية من النقرس، يقول كوناغان إنّ أهم ما يمكن للفرد القيام به هو الحفاظ على وزن صحي، مشيراً إلى أنّ "هذا ليس بالأمر السهل بالنسبة لمعظمنا بسبب ضغوط الأسرة والعمل. فلا وقت كاف لممارسة الرياضة، كما أننا لا نتردد في تناول الأطعمة الخاطئة معظم الأوقات". يضيف: "إذا كان شخص ما مصاباً بالنقرس بالفعل، يجب أن يخضع للعلاج لخفض اليورات، إذ إن تغيير النظام الغذائي وحده نادراً ما يكون كافياً لعلاج النقرس. إذا كان مستوى اليورات منخفضاً بدرجة كافية في اختبار الدم الذي يحتاج أحياناً إلى زيادة جرعة الدواء بشكل تسلسلي حتى الوصول إلى مستوى منخفض، فلا ينبغي أن تكون هناك نوبات من النقرس. وإذا كنت تعاني من نوبات النقرس المتكرّرة، يجب أن تعرف أن أحد عوامل الخطر الشائعة المسبّبة لهذه النوبات هو الجفاف، الذي يحدث أحياناً جرّاء الذهاب في رحلة طويلة بالسيارة أو خلال العطلات حيث لا نحصل على سوائل كافية، أو يصيبنا بسبب العيش في مناخات دافئة وشرب الكحول المفرط الذي يؤدي إلى التبول المتكرّر والجفاف".
وبحسب ما نشرت صحف بريطانية، منها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في منتصف يونيو/ حزيران الماضي، فقد شهدت بعض المناطق في المملكة المتحدة ارتفاعاً حاداً في حالات الإصابة بالنقرس. وسجلت جنوب وارويكشاير الواقعة في غرب ميدلاندز، ثالث أعلى زيادة بنسبة 121% بين عامي 2019 و2023. كما شهدت دورست في جنوب غرب إنكلترا زيادة بنسبة 219%، بينما تصدرت مدينة ليفربول شمال غربي إنكلترا هذه الزيادة بنسبة مذهلة بلغت 960%.

وسلط زاند فان تولكين، وهو طبيب بريطاني متخصص في الطب الاستوائي (فرع من فروع الطب يركز على الوقاية والتشخيص والعلاج والسيطرة على الأمراض السائدة أو المستوطنة في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية في العالم)، الضوء على عودة ظهور هذا المرض خلال ظهوره في برنامج "مورنينغ لايف" على برنامج "بي بي سي"، مشيراً إلى الزيادة الكبيرة في الحالات في جميع أنحاء المملكة المتحدة، مشدداً على أن صحة الكلى أيضاً أمر أساسي. ويقول: "زادت نسبة هذا المرض بشكل كبير في جميع أنحاء المملكة المتحدة. نتحدث عنه باعتباره مرضاً فيكتورياً". ويلفت إلى أنّ النقرس اشتهر بين الفيكتوريين لأن الملكة فيكتوريا كانت مصابة به. تاريخياً، لم يكن يعاني منه سوى المشاهير والأغنياء والأشخاص البارزين الذين يستطيعون تحمل تكاليف تناول الأطعمة التي تساهم في إصابتهم بالنقرس". يضيف أن النقرس كان غير شائع حتى وقت قريب.
ووفقاً لإرشادات هيئة الخدمات الصحية الوطنية، قد تؤدي بعض العوامل إلى زيادة تعرّض الأشخاص لخطر الإصابة بالنقرس، بالإضافة إلى المحفزات المختلفة لنوبة النقرس الوشيكة. وتقول إنّه يمكن علاج المرض باستخدام مسكنات الألم  مثل الإيبوبروفين. ومع ذلك، فإن النوبات الأسوأ يمكن أن تعني منشطات أقوى أو اللجوء إلى الحقن. وتشير إلى أنّ ارتفاع استهلاك الكحول والسمنة وارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكولسترول وسوء التغذية ومرض السكري كلها تزيد من خطر الإصابة بالمرض.
وقدمت هيئة الخدمات الصحية الوطنية، النصائح للمصابين بمرض النقرس، وقد شملت تغيرات في نمط الحياة وتوصيات بفقدان الوزن، مع الحذر من اتباع أنظمة غذائية قاسية، واقتراح استشارة الطبيب للحصول على المشورة الغذائية. ودعت أيضاً إلى شرب كميات كافية من المياه وممارسة الرياضة بانتظام وتجنب التمارين المكثفة أو الضغط المفرط على المفاصل والإقلاع عن التدخين ومناقشة مكملات فيتامين سي مع الطبيب. بالإضافة إلى ذلك، يفترض الحدّ من استهلاك المشروبات السكرية والوجبات الخفيفة والأطعمة الدهنية. 

المساهمون