مئات الجثث تتكدس داخل موقف سيارات في أنطاكيا بعد زلازل تركيا

09 فبراير 2023
يأتي الناس للتعرف إلى جثث أقاربهم ويُدفن مجهولو الهوية بمقابر جماعية (Getty)
+ الخط -

تتنقل رانية زنوبي وسط العتمة والبرد بين الجثث المكدسة أرضاً في موقف للسيارات، فتفتح الأكياس السوداء واحداً تلو الآخر، بحثاً عن عمها المفقود إثر الزلزال العنيف الذي حوّل أنطاكيا في جنوب تركيا الاثنين إلى مدينة منكوبة.

تقول اللاجئة السورية بحسرة: "عثرنا على عمّتي، لكن ليس على عمّي". خسرت رانية ثمانية من أفراد عائلتها في الكارثة التي أوقعت أكثر من 17500 قتيل في تركيا وسورية المجاورة.

ويتجمع ناجون آخرون في موقف أكبر فنادق أنطاكيا، المدينة الكبرى في محافظة هاتاي، للكشف عن الجثث الممددة الواحدة جنب الأخرى.

وعددت وكالة "فرانس برس" مساء الأربعاء حوالى مئتي جثة، بعضها ملفوف بأغطية فقط، وُضعت من جانبي صف الخيم التي ينشط فيها عناصر طبيون قدموا من جميع أنحاء البلد، وبعضهم قدم من الخارج.

وقضى ما لا يقل عن 3356 شخصاً في محافظة هاتاي وحدها، أي ثلث الضحايا الذين عثر على جثثهم حتى الآن في تركيا، وعددهم 14351 قتيلاً على الأقل، بحسب آخر حصيلة.

وإزاء حجم الكارثة، لم يعد هناك مساحة باقية في موقف السيارات الشاسع، فوضعت سبع جثث عند أسفل حاوية تطفح بالنفايات.

الصورة
أشخاص يبحثون عن جثث أقاربهم في هاتاي (Getty)

وعل مسافة ثلاثين متراً، لا يزال المستشفى الضخم من الإسمنت والزجاج قائماً، غير أن التصدعات الضخمة التي يمكن رؤيتها رغم عتمة الليل على أحد جوانب المبنى دفعت السلطات إلى إخلائه. كذلك طاولت الأضرار داخل المستشفى، ما جعل من المستحيل استقبال مصابين أو قتلى فيه.

قتلى مجهولو الهوية

وينقل الجرحى إلى الخيم الحمراء والبيضاء الموزعة على ثلاث مجموعات من ألوان مختلفة طبقاً لخطورة الإصابات. ونقل العديد من الجرحى في مروحيات إلى مستشفيات قاومت الهزات، ولا سيما في أضنة. أما القتلى، فينتهي بهم الأمر على الأسفلت.

حين سئل إيتشان قيصريلي، القادم من أنقرة، عن عدد الذين نقلوا إلى هناك منذ الاثنين، أجاب: "ربما 400، وربما 600". ويقوم المتطوع الذي لم ينم منذ يومين بمساعدة العائلات على البحث عن قتلاها وتقديم الدعم النفسي الضروري لها. ولا تتوقف حركة الناجين ذهاباً وإياباً في موقف السيارات.

الصورة
حوالى 70 بالمئة من الجثث في هاتاي مجهولة الهوية (Getty)

في جهته اليمنى، يرفع رجل وابنه جثة، ثمّ يواصلان تقدّمهما من غير أن يبديا أي ردّ فعل. خلفهما يتقدم رجل ببطء خلف مقود سيارة قديمة زرقاء داكنة، هو عثر على الجثة التي كان يبحث عنها، فمددها على المقعد الخلفي في كيس أسود، تاركاً الباب الخلفي الأيسر مفتوحاً لإخراج القدمين منه.

ثمة شاحنة بيضاء ضخمة مركونة في الموقف، لا تستخدم لنقل المساعدات على غرار الكثير من الشاحنات التي تتعاقب على الطريق إلى أنطاكيا، بل تستخدم لنقل الجثث مجهولة الهوية.

وقال إيتشان قيصريلي إن "حوالى 70 بالمئة من الجثث هنا مجهولة الهوية". إذا لم يحضر أقرباء لتسلّم الجثث في غضون 24 ساعة، تُوضَع في الشاحنة لنقلها إلى مقابر جماعية. وأوضح المتطوع أنه "يمكن وضع خمسين جثة في الداخل"، مضيفاً: "يمكننا وضع عدد أكبر، لكننا لا نريد أن نكدّسها".

(فرانس برس)

المساهمون