لبناني يرهن سيارته لتسلّم جثّة طفله الرضيع.. ووزارة الصحة تحقق

بيروت

سارة مطر

avata
سارة مطر
06 ديسمبر 2022
قصة مأساة لبناني.. رهن سيارته مقابل جثة طفله
+ الخط -

أثارت صورة المواطن اللبناني حسين البعريني وهو يحمل جثّة طفله الرضيع سيراً على الأقدام، استنكار الناشطين وروّاد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن أُرفقت بخبرٍ مفاده أنّ إدارة مستشفى خلف الحبتور - حرار (شماليّ لبنان) التابع لصندوق الزكاة، رفضت تسليمه الجثّة إلا بعد أن ترك مفاتيح سيارته رهناً لتسديد الفاتورة البالغة 2400 دولار أميركي، التي لم يكن يملك منها سوى 400 دولار. فيما كشف مصدر في وزارة الصحة العامّة لـ"العربي الجديد"، أنّ "الوزارة تتابع الملف وتقوم بالتحقيقات اللازمة لتبيان الحقيقة واتّخاذ الإجراءات المطلوبة".

أخذوا السيارة وقالوا لي: "دبّر حالك"

حسين، ابن بلدة فنيدق (شمالاً)، أوضح لـ"العربي الجديد" أنّ ابنه أحمد وُلد في المستشفى المذكور، وكان يعاني من ضعفٍ في النمو، ما استدعى بقاءه في الحاضنة منذ 25 يوماً، قبل أن أتلقى اتصالاً من المستشفى صباح اليوم، يبلغني بوفاته". مضيفاً: "كنتُ قد دفعتُ سابقاً 8 ملايين ليرة لبنانية (نحو 192 دولاراً أميركيّاً وفق سعر الصرف في السوق الموازية) كلفة ولادة عندما أخرجتُ زوجتي من المستشفى، أضف إلى ما تكبّدته من كلفة فحص النمو والدواء والحليب والحفاضات طوال فترة بقائه في المستشفى. ولدى وصولي إلى قسم المحاسبة، طلبت منّي الموظّفة تسديد الفاتورة البالغة 2400 دولار أميركي، في حين أنّني لم أكن أملك سوى 400 دولار فقط لا غير".

يوضح حسين: "بعد معرفة الموظفة بعدم وجود أيّ كفيل، طلبت مني الاتصال بالمفتي أو أحد النواب أو الفعاليات، ومن ثمّ سألتني عن نوع سيارتي وطلبت من أحد الأطباء تثمينها. ولم تقبل أن تمهلني يومين للدفع، على الرغم من أنّني كرّرتُ لها تعهّدي بأنّني لا أتهرّب من حقّهم. لكن الموظّفة أصرّت على الاحتفاظ بمفتاح السيارة لحين تسديدي المبلغ الباقي، وقالت لي: "دبّر حالك". فتركتُ السيارة حفاظاً على كرامتي كي لا أشحذ من أحد، مع أنّني حاولتُ الاتصال بوجهاء المنطقة، من دون أن ألقى أيّ جواب".

وأضاف البعريني، الأب لثلاثة أولاد: "لقد تصرّفتُ بأخلاقي، وحملتُ ابني المتوفّى ومشيتُ نحو الشارع العام، في طريقي نحو دفنه. وتلقّيتُ بعدها اتصالاً من رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور ربيع الصمد أبلغني فيه أنّ أحدهم تبرّع بالمبلغ وبإمكاني استرجاع سيارتي. وكان أقربائي بدورهم قد قصدوا المستشفى وسدّدوا الفاتورة، قائلين لإدارة المستشفى: "احتفظوا بالسيارة، لا نريدها".

حسين، الذي فقد رضيعاً منذ سنة تقريباً، كان قد وُلد بالحالة ذاتها، أردف بالقول: "أعمل ناطوراً في ثانوية فنيدق الرسمية، وراتبي بالليرة اللبنانية. كذلك فإنّ زوجتي لا تعمل، فكيف بإمكاننا أن نتحمّل تكاليف إضافية؟ ولم يبقَ أمامي سوى بيع أرضٍ زراعيّة كي أسدّد ديوني"، مناشداً المعنيّين "النظر بأحوال المواطنين وسط الظروف العصيبة التي نعيشها جميعاً".

المستشفى يوضح موقفه

من جهته، استنكر رئيس مجلس إدارة المستشفى الدكتور ربيع الصمد، الحادثة. وقال لـ"العربي الجديد": "فور معرفتي بالخبر اتصلتُ بوالد الطفل ونقلتُ له تعازينا الحارّة ورفضي الشديد لما حصل، وطلبتُ منه القدوم واستعادة سيارته، وذلك قبل مجيء أقاربه لتسديد المبلغ. كذلك فإنّ مديرة المستشفى اتصلت به، وأعدنا له السيارة. لكن للأسف هناك من حاول تكبير الموضوع والاستثمار فيه، علماً أنّنا نكتفي عادة بترك الهوية الشخصية لصاحب العلاقة أو توقيعه تعهّداً بالدفع، كي نضمن أتعاب الأطباء والمستشفى".

وأكّد أنّه "لم يحصل أيّ تقصير طبي أو إهمال بحقّ الرضيع، بل تلقّى على مدى 25 يوماً الرعاية الكاملة بفاتورة تقارب 2400 دولار أميركي، في حين أنّ كلفة هذه الأيام تصل إلى نحو 25 ألف دولار في مستشفيات أخرى". وإذ تمنّى لو أنّ البعريني تواصل معه أو جمع التبرّعات لتسديد المبلغ، قال الصمد: "ندرك مدى صعوبة الوضع الاقتصادي في المنطقة، وحاجتها الكبرى للمساعدات والتقديمات. لذلك، فإنّنا كمستشفى خاص، نحاول قدر الإمكان مساعدة المرضى، علماً أنّنا لا نضع أكلافاً مرتفعة. لكن للأسف، يتمّ دائماً التصويب على المستشفيات والأطباء، ما ينذر بخسارة الاثنين معاً في المستقبل القريب، خصوصاً أنّنا نعاني نقصاً كبيراً في الطاقم الطبي في البلاد، علماً أنّ الطبيب يعرّض نفسه للخطر ويقوم بواجباته حتّى الرمق الأخير رغم كلّ الظروف الصعبة والقاسية".

ذات صلة

الصورة
نازح يستعد للعودة إلى سورية من البقاع اللبنانية، 14 مايو 2024 (فرانس برس)

سياسة

كشفت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في بيان اليوم الثلاثاء أن شاباً سورياً توفي في أحد مشافي دمشق إثر تعرضه للتعذيب على يد أجهزة النظام السوري.
الصورة
طبيبة وطفل في رواق مشفى الأقصى، 6 مارس 2024 (أشرف عمرة/ الأناضول)

مجتمع

منذ أن بدأ الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، خرج نحو 32 مستشفى ومركزاً صحياً، بينها مستشفى شهداء الأقصى، عن العمل.
الصورة
لبنان (أنور عمرو/ فرانس برس)

مجتمع

تتكرّر حوادث التحرش والاغتصاب في لبنان، وبرزت معلومات حول توقيف مدير مدرسة وأستاذ رياضة وموظف أمن، بتهمة تحرش بقاصرات في إحدى المدارس في بلدة كفرشيما
الصورة
تقلص الدعم يهدد الخدمات المقدمة للمرضى (عامر السيد علي)

مجتمع

يحذر مسؤولو القطاع الصحي في مناطق شمال غربي سورية من توقف الكثير من المنشآت الصحية عن العمل نتيجة توقف الدعم، ما يمثل مخاطر جمة على صحة مئات آلاف السكان.
المساهمون