مصر... ارتياد الشواطئ العامة صعب المنال

24 يوليو 2024
شواطئ مصر العامة شديدة الازدحام (حازم جودة/ فرانس برس)
+ الخط -

تحوّل الاستمتاع بالشواطئ العامة المجانية إلى "حلم ليلة صيف" يصعب على شرائح واسعة من المصريين تحقيقه لأسباب متعددة، من بينها تردي الأحوال المالية، وتراجع أعداد هذه الشواطئ، إلى جانب عدم الاهتمام التي تشهده الكثير منها.
وبينما تتمتع مصر بساحل على البحر المتوسط طوله نحو 995 كيلومتراً، وساحل على البحر الأحمر طوله 1941 كيلومتراً، لا يزال وصول غالبية الشعب إلى تلك الشواطئ صعباً، وفاقم من الصعوبات استحواذ جهات حكومية على كثير من الشواطئ العامة، وتحويلها إلى مقاه ومطاعم، أو شواطئ استثمارية، لتبدأ كلفة تذكرة الدخول وقيمة الخدمات تتزايد، بينما الخدمات المقدمة ليست الأفضل.
ويلاحظ انتشار القرى السياحية على طول الشواطئ المصرية، خصوصاً الشمالية، والتي لا يستمتع بها سوى فئة المقتدرين، لتتبقى مساحات صغيرة يستفيد منها بقية الشعب المصري، وهي بطبيعة الحال تعاني زحاماً شديداً، وغير مجهزة بالخدمات اللازمة.
قديماً، اعتادت الأسر المصرية توفير مبلغ مالي يسمح بقضاء أسبوع أو أكثر في أي مدينة ساحلية، وكانت مدينة الإسكندرية أحد أبرز الوجهات، ثم رأس البر في محافظة دمياط، ومدينة بورسعيد، ولحقت بهم شواطئ مطروح، ثم ظهر "الساحل الشمالي" الذي كان أحد تصورات الرئيس الراحل أنور السادات، والذي أوصى فيها بتعمير ساحل البحر من الكيلو 34 حتى الكيلو 100 قرب مدينة العلمين، وكان الهدف إنشاء تجمعات سياحية عملاقة تشبه منتجعات الدول الأوروبية، ثم تطورت الأمور لتصبح المشروعات قرى ساحلية مغلقة، حتى إن مصريين باتوا يطلقون عليه اسم "الساحل الشرير".

قضايا وناس
التحديثات الحية

بعد انتهاء موسم الامتحانات وبداية الإجازة الصيفية، سألنا مجموعة من المصريين حول تجهيزاتهم للتصييف، وعن التكلفة مقارنة بالخدمات، ومقارنة بتكلفة العام الماضي. تفيد تسنيم إبراهيم، وهي ربة منزل، بأن التفاصيل المادية هو الأهم في قرار المصيف، كون الأسعار تضاعفت خلال السنوات الثلاث الماضية. وتقول: "من أجل الذهاب إلى شاطئ أكثر نظافة، وبعيد عن الزحام؛ نضطر نحن العائلة إلى دفع مبالغ أكبر، لكنها لا تقارن بكلفة الشواطئ الخاصة، ونحاول قدر الإمكان توفير تكاليف أسبوع واحد كل عام، تشمل إيجار الشقة، وكلفة المواصلات، واستئجار الشمسية والكراسي، إضافة إلى كلفة الطعام".

كلفة المنتجعات تفوق قدرات غالبية المصريين (خالد دسوقي/فرانس برس)
كلفة المنتجعات تفوق قدرة غالبية المصريين (خالد دسوقي/فرانس برس)

وتقول مروة الشاذلي، وهي مدرّسة، إن لديها ابناً في الثانوية العامة، لذا ذهبت ميزانية المصيف السنوية إلى الدروس الخصوصية. مضيفة: "في السابق كنت أجمع ميزانية المصيف من خلال التوفير على مدار العام، وكانت الوجهة المعتادة إما رأس البر وإما الإسكندرية، ومع ارتفاع الأسعار، أصبح الأمر شديد الصعوبة، وبتنا نستبدل أسبوع المصيف بيوم أو يومين في أي فندق قريب يضم مكاناً للسباحة، ورغم أن كلفة اليوم في هذا الخيار وصلت إلى 2000 جنيه (نحو 48 دولاراً)، لكنه لا يزال أقل كلفة من السفر للمصيف".
يعمل محمد رفعت موظفاً بوزارة الزراعة، ويقول إن المصيف أصبح حلماً مستحيلاً، موضحاً: "أتمكن بصعوبة من توفير نفقات الطعام والتعليم والمواصلات، فالعام الدراسي طويل، وتكاليف الدروس الخصوصية كبيرة، وهناك أيضاً العيد ومستلزماته. لا مكان لنفقات المصيف في الميزانية، فأنا أستعد حالياً لتوفير كلفة الدروس الخصوصية لابني الذي سيدخل الشهادة الإعدادية".

تعمل ميادة رفعت صيدلانية، وكانت قديماً تذهب إلى الساحل الشمالي مع العائلة، ومع ارتفاع الأسعار؛ أصبحت العائلة تتعامل مع "ساحل طيب" و"ساحل شرير". تقول: " الساحل الطيب أصبح مزدحماً وخدماته متدهورة، والشرير أسعاره مبالغ فيها، ما جعلنا نتوجه إلى العين السخنة، فالأسعار هناك لا تزال مناسبة لنا".
بدوره، يرفض المهندس رامي ميشيل الذهاب إلى الشواطئ المفتوحة بسبب سوء مستوى النظافة، وهو على قناعة بأن كل ما هو مجاني غير مناسب، سواء لجهة الخدمات أو طريقة التعامل، ورغم ارتفاع الأسعار سنوياً، لكنه اعتاد التعامل مع أحد السماسرة لحجز شاليه في إحدى القرى السياحية، وقد كان في السابق يحجز أسبوعين، لكنه هذا العام اكتفى بأسبوع واحد.

المساهمون