تشتهر بلدة "فرعون" الفلسطينية جنوب طولكرم، بأجواء فريدة في عيد الفطر، إذ تتميز بحرص جميع الأهالي على تأدية صلاة العيد في ساحة إحدى مدارس البلدة، والتي يتم تقسيمها بين الرجال والنساء، ثم يبدأ التقليد المتوارث بعد انتهاء الصلاة، وهو اصطفاف الرجال في الشارع العام لمصافحة بعضهم البعض وتبادل التهاني.
يقف أول الخارجين من ساحة المدرسة التي تقام فيها صلاة العيد، ليصافحه من يخرج بعده، وهكذا حتى يصبح الصف طويلا، ويضم الرجال والشباب والأطفال، وبعدما ينتهي المئات من مصافحة بعضهم، يتفرق الجميع إلى منازلهم وشؤونهم.
وتكتمل أجواء هذا التجمع السنوي بتوزيع الفتية للحلوى التي يحضرها أهل البلدة إلى مصلى العيد، وباتت في السنوات الأخيرة تضم التقاط الأهالي الصور مع بعضهم البعض، قبل بدء رحلة زيارات الأرحام والأصدقاء.
يقول خطيب العيد، الإمام سامح عوض، لـ"العربي الجديد"، إن "أهالي فرعون اعتادوا على الاجتماع في الأعياد في ساحة واحدة بدلا من التفرق في عدة مساجد في البلدة، ثم يخرجون للوقوف في صف يسلمون فيه على بعضهم، في مظهر يؤكد الألفة والمحبة ويزيد الفرحة، وهي عادة قديمة لم تتوقف سوى في وقت جائحة كورونا، وعادت بعد انحسار الوباء".
ويؤكد الشيخ إبراهيم كامل لـ"العربي الجديد"، أن "الأجواء المتوارثة في بلدة فرعون لها أصول في التراث الإسلامي، وتهدف لنشر التآلف والتعاون. يتكرر هذا منذ قديم الزمان، وهي سنة من السنن الحسنة، فالمقصود من العيد هو المودة، وهو مناسبة عظيمة تجمع أهل البلدة في مكان واحد ليتعارفوا ويتآلفوا".
ويقول الصحافي الفلسطيني ابن بلدة فرعون، خالد بدير، لـ"العربي الجديد"، إنه معتاد منذ صغره على هذه الأجواء. "هذا الصف الطويل تقليد شعبي لاختصار المسافات، فالجميع بعد انقضاء الصلاة يتجهون إلى المنازل، أو لزيارة الأقارب، لكن هذا التقليد يتيح أن يعايد الجميع جيرانهم ومعارفهم، ويتشاركون فرحة العيد، وفي بلدات أخرى، يتم افتتاح دواوين العائلات ليتجمّع الناس داخلها في العيد".
وتقع بلدة فرعون بالقرب من جدار الفصل العنصري الذي يفصلها عن أراضي الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، وتعد طريقا للعمال إلى الداخل، وكذلك لمن يريد الذهاب إلى المسجد الأقصى أو القدس المحتلة، وخصوصا خلال شهر رمضان، فرغم تشديدات الاحتلال على طول الجدار، إلا أن الأهالي كانوا يفتحون ثغرات في الأسلاك الشائكة من أجل الوصول إلى القدس.