أرجأت محكمة الصلح الإسرائيلية في مدينة الرملة، خلال جلسة خاصة عقدتها اليوم الأحد، إصدار قرار في القضية المرفوعة لديها من قبل طاقم محامي الدفاع عن الأسير المقدسي أحمد مناصرة ضد تصنيف قضيته ضمن "قانون الإرهاب"، من دون اتخاذ أي قرار.
وقال المحامي خالد زبارقة، من طاقم محامي الأسير مناصرة، في حديث خاص لـ"العربي الجديد": "إنه كان من المفترض أن تحدد اللجنة الخاصة إمكانية تحويل الملف إلى لجنة الإفراج المبكر". موضحا أن الجلسة خصصت لاستماع المحكمة لكافة الأطراف، من دون أن تصدر أي قرار.
وطلب طاقم المحامين من اللجنة الخاصة بحث الملف برفض تصنيف ملف أحمد بـ"الإرهاب"، وتحويله إلى لجنة الإفراج المبكّر عنه، خاصة أنه في وضع صحي ونفسي صعب.
وكان المحامي خالد زبارقة قد أجرى زيارة للأسير أحمد مناصرة يوم الخميس الماضي، وأكّد أنّ وضعه الصحيّ والنفسيّ في خطر شديد، فخلال الزيارة، ظهرت عليه آثار جراح على طول ذراعه اليسرى حتى الرسغ، وأيضاً آثار جراح على ذراعه اليمنى، كما أنّه لم يتواصل بصرياً أو كلامياً مع محاميه، وبدا ظاهراً عليه المرض والإنهاك العام.
يُشار إلى أنّ إدارة سجون الاحتلال كانت قد نقلت أحمد مؤخرا إلى سجن "الرملة" بعد تفاقم خطير طرأ على وضعه الصحيّ والنفسيّ، ورغم المطالبات المستمرة من طاقم الدفاع بضرورة الإفراج عنه، إلا أنّ الاحتلال يواصل احتجازه في ظروف قاهرة وصعبة في العزل الانفراديّ، وأُجّلت الجلسة التي كان من المقرر خلالها النظر بأمر استمرار عزله الانفراديّ حتى السّادس من يوليو/ تموز المقبل.
من الجدير ذكره أنّ جلسة محكمة كانت قد عُقدت لأحمد في الثالث عشر من إبريل/ نيسان الماضي، جرى فيها تحويل ملفه إلى اللجنة الخاصة بالنظر في تصنيف قضيته حتى تُحسم إمكانية النظر فيها من قبل لجنة الإفراج المبكر، وعليه حُددت جلسة اليوم.
أحمد مناصرة، الذي واجه الاعتقال والتعذيب منذ أنّ كان في الـ13 من عمره، هو واحد من بين مئات الأطفال الذين يتعرضون لعمليات الاعتقال والتّعذيب في سجون الاحتلال سنويا، إضافة إلى سياسة الإهمال الطبيّ المتعمد (القتل البطيء).
وولد الأسير أحمد مناصرة بتاريخ 22 يناير/كانون الثاني 2002 في القدس، وهو واحد من بين عشرة أفراد تتكون منهم عائلته ، له شقيقان، وهو أكبر الذكور في عائلته، بالإضافة إلى خمس شقيقات.
وقبل اعتقاله عام 2015، كان طالبا في مدرسة الجيل الجديد في القدس، في الصف الثامن، وكان يبلغ من العمر حينها 13 عاما.
قصة أحمد لم تبدأ منذ لحظة الاعتقال فقط، فهو كالمئات من أطفال القدس الذين يواجهون عنف الاحتلال اليوميّ، بما فيه من عمليات اعتقال كثيفة ومتكررة، إذ تشهد القدس أعلى نسبة في عمليات الاعتقال بين صفوف الأطفال والقاصرين.
في عام 2015، ومع بداية "الهبة الشعبية"، تصاعدت عمليات الاعتقال بحقّ الأطفال تحديدا في القدس، ورافقت ذلك عمليات تنكيل وتعذيب ممنهجة، وكان أحمد جزءًا من مئات الأطفال في القدس الذين يواجهون ذات المصير.
في تاريخ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2015، تعرض أحمد وابن عمه حسن، الذي استشهد في ذلك اليوم بعد إطلاق النار عليه، لعملية تنكيل وحشية من قبل المستوطنين، وفي حينه، نشرت فيديوهات لمشاهد قاسية له حيث كان ملقى على الأرض ويصرخ وهو ومصاب، ويحاول جنود الاحتلال تثبيته على الأرض والتنكيل به، وتحولت قضيته إلى قضية عالمية.
وشكّل هذا اليوم نقطة تحول في حياة أحمد، بعد اعتقاله وتعرضه لتحقيق وتعذيب جسديّ ونفسيّ حتّى خلال تلقيه العلاج في المستشفى، ونتيجة لذلك، أصيب بكسر في الجمجمة وأعراض صحية خطيرة.
ولاحقا، أصدرت محكمة الاحتلال، بعد عدة جلسات، حُكما بالسّجن الفعلي بحقّ أحمد مدة 12 عاما وتعويض بقيمة 180 ألف شيقل بالعملة الإسرائيلية، جرى تخفيض الحكم لمدة تسع سنوات ونصف السنة عام 2017.
قبل نقله إلى السجون، احتجزت سلطات الاحتلال أحمد مناصرة مدة عامين في مؤسسة خاصّة بالأحداث في ظروف صعبة وقاسية، ولاحقا، نقل إلى سجن مجدو بعد أن تجاوز عمره 14 عاما، وحالياً يواجه أحمد ظروفًا صحية ونفسية صعبة وخطيرة في العزل الانفراديّ في سجن "إيشل بئر السبع".
وكانت حملة دولية قد انطلقت دعما وإسنادا للأسير أحمد مناصرة للمطالبة بالإفراج عنه.