أطباء في فرنسا مهددون بخسارة وظائفهم... ما السبب؟

20 يناير 2024
أقسام طوارئ مهددة بالإغلاق في حال عدم توافر أطباء (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

تطالب نقابات الأطباء وإدارات المستشفيات في فرنسا بإلحاح بتسوية أوضاع الأطباء الأجانب الممارسين في البلد والمتخرّجين من جامعات من خارج الاتحاد الأوروبي بصورة عاجلة، بعد انتهاء آلية التوظيف الخاصة بهم، إذ "لا غنى عنهم" و"من دونهم، سينهار النظام الصحي".

منذ أكثر من 20 عاماً، تستعين مراكز الاستشفاء في فرنسا بأطباء أجانب من خارج الاتحاد الأوروبي، بسبب النقص الحاد في كوادرها الطبية، ويُقدّر عددهم اليوم بين 4 و5 آلاف، وفق نقابات عدة. وقد ارتفعت أعدادهم خلال جائحة "كوفيد-19"، عندما كانت المستشفيات ترزح تحت وطأة الضغوط.

تفيد تقديرات بشغور 2700 منصب يتنافس عليها ما بين 10 آلاف و20 ألف مرشّح

وغالباً ما يتولّى هؤلاء الأطباء "الحائزون شهادات من خارج الاتحاد الأوروبي" ويجري التعاقد معهم بعقود قصيرة الأمد قابلة للتجديد ومنخفضة الأجور، المهام عينها التي يؤديها الأطباء المخضرمون. ومن حقّهم أن يأملوا في "ترخيص للممارسة الكاملة"، بناء على نتائج امتحان انتقائي يُعرف بـ "اي في سي" (EVC) ودراسة ملفّاتهم.

وبالنسبة للذين لم يجتازوا الامتحان، فقد اعتُمد نظام استثنائي سمح خلال فترة طويلة للمستشفيات بالاستعانة بخدماتهم في مقابل ما بين 1500 و2200 يورو في الشهر.

لكن انتهى في 31 ديسمبر/ كانون الأول العمل بهذا النظام الذي مُدّدت صلاحيته مرّات عدة. وبات يتعذّر راهناً تجديد عقودهم.

أطباء بلا أوراق قانونية

تقول ميا (38 عاماً) التي لم ترغب في الكشف عن هويّتها، وقدمت من مدغشقر في عام 2020: "قالوا لنا إنه إذا لم ننجح في امتحانات اي في سي هذه السنة، فقد انتهى الأمر بالنسبة لنا. غير أن المناصب الشاغرة قليلة جدّاً. ونحن نتنافس مع أشخاص مسجّلين في الخارج أمامهم سنة للاستعداد. أما أنا، فينبغي لي العمل 70 ساعة أسبوعياً في قسم الطوارئ".

وتفيد تقديرات بشغور 2700 منصب، يتنافس عليها ما بين 10 آلاف و20 ألف مرشّح.

وتردف الطبيبة العمومية التي تزاول في ضاحية باريس، وقد أُشيد بعملها خلال الأزمة الصحية، وهي باتت اليوم من دون تصريح إقامة "رسبت، بالرغم من الأصداء الممتازة التي أتلقاها، وأنا أصل الليل بالنهار في نوبات عملي".

وبات حوالي "ألفي طبيب معدمي الحال"، والبعض منهم يفتقر حتى إلى الوثائق الرسمية اللازمة، بحسب حليم بنسعيدي، ممثّل نقابة "IPADECC" المعنية بالدفاع عن هؤلاء الأطباء. ويتطابق هذا العدد مع تقديرات نقابات أخرى.

حازت أمل (اسم مستعار) البالغة من العمر 31 عاماً شهادة في الطبّ العام في الجزائر، وهي حصلت على الجنسية الفرنسية، وتدرس الطبّ النفسي في المرحلة الثالثة، وتعمل في منطقة سين-سان-دوني الفقيرة في ضواحي باريس منذ ثلاث سنوات. لكنها لم تُعتبر أهلاً للتسجيل في امتحانات "اي في سي". تقول الشابة: "أقدّم استشارات في طبّ النفس، وأتولّى نوبات عمل. وأصبحت أعمل بلا عقد اليوم".

وفي بعض المناطق "تعتمد المستشفيات على خدمات هؤلاء الأطباء بالكامل تقريباً، وهم يبقون في وظائفهم بدون الأوراق القانونية اللازمة. فلا خيار آخر أمام الإدارات"، بحسب ما يقول حسين سال رئيس قسم الطوارئ في مستشفى مونتروي (سين سان دوني). وهو يؤكّد "من دونهم، ينهار النظام الصحي".

إنهاء التعاقد مع أطباء يهدد بإغلاق أقسام للطوارئ

بعد إصلاح أطلق مؤخّراً، بات تعيين الناجحين في الامتحان التنافسي من صلاحيات خدمات الدولة، وهو "لم يعد يتناسب بتاتاً مع حاجاتنا"، بحسب سال الذي وقّع مع 220 طبيباً رسالة نشرت في أسبوعية "لو بوان".

وهو يكشف "طلبت ملء 10 مناصب شاغرة، ولم أحصل سوى على نصف المطلوب، ومن بينهم طبيب طوارئ واحد. ولن يكون في وسعي إذن تغطية نوبات العمل بالكامل، لذا سأضطر إلى إغلاق قسم الطوارئ جزئياً".

في قسم الطوارئ في مستشفى دولافونتين في سان دوني، بالقرب من ستاد فرنسا "ثلاثة أطباء تخرّجوا من فرنسا من أصل حوالي ثلاثين"، على ما يخبر رئيس القسم ماتياس وارغون، قائلاً "إذا لم أحصل على العدد المرجوّ، سوف أغلق أقلّه في الليل. والألعاب الأولمبية ستجري من دوني"، في إشارة إلى دورة الألعاب الأولمبية المقبلة المزمع تنظيمها في باريس من 26 يوليو/ تموز إلى 11 أغسطس/ آب.

وتعهّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، خلال مؤتمر متلفز بـ "تسوية أوضاع عدد من الأطباء الأجانب"، من دون تقديم مزيد من التفاصيل. ولم تعط وزارة الصحة أيّ توضيحات إضافية في اتصال من وكالة فرانس برس.

ودعا اتحاد من النقابات من جانبه إلى النظر في ملفّ كلّ طبيب على حدة، في لجنة خاصة من دون امتحان تنافسي، إذ من الضروري التحقّق من مؤهّلاتهم، وأيضاً توفير "إقامة دائمة" لهم تليق بمكانتهم.

(فرانس برس)

 

 

 

 

 

المساهمون