عيّنت السلطات القضائية التركية، اليوم الثلاثاء، نائب مدعٍ عام ومدعياً عاماً جمهورياً، لاتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة في القنصلية السعودية في إسطنبول، بعد سماح الرياض بتفتيشها، في ما يتعلق بقضية اختفاء الصحافي السعودي جمال خاشقجي.
من جانبه، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يعتزم التحدث مع المسؤولين السعوديين في مرحلة ما عن الصحافي السعودي.
وأضاف ترامب في حديث للصحافيين في البيت الأبيض، حسب وكالة "رويترز"، أنه لا يعرف شيئاً في الوقت الراهن عن اختفاء خاشقجي، وأنه لم يتحدث معهم بعد بشأن الوضع.
وقال ترامب، أمس الاثنين، إنه يشعر بالقلق من التقارير عن اختفاء خاشقجي، مضيفاً أنه "لا يحب سماع ذلك، لكنه يأمل أن تُحل المسألة".
وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي أكسوي، في بيان، وفق ما نقلت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية، أنّ القنصلية السعودية في إسطنبول ستخضع للتفتيش في إطار التحقيقات حول اختفاء خاشقجي، مشيراً إلى أنّ "القضاء التركي وقوى الأمن يجريان عمليات التحقيق والبحث في القضية، بشكل مكثّف".
وأضاف أنّه "وفقاً للعلاقات القنصلية المستندة إلى معاهدة فيينا، يمكن أن تقوم سلطات البلاد المستضيفة بتفتيش القنصلية بعد موافقة رئيس البعثة، رغم وجود حصانة للقنصليات، وقد أفاد الجانب السعودي بأنّه متعاون في عمليات التفتيش".
وأوضح أكسوي، في بيانه، أنه بناء على هذا التعاون فإن "القنصلية السعودية في إسطنبول ستخضع للتفتيش في إطار التحقيق حول اختفاء خاشقجي".
إلى ذلك، ذكرت مصادر تركية أنه جرى تفتيش طائرة خاصة قادمة من السعودية هبطت على مدرج مطار "أتاتورك" الدولي بإسطنبول، يوم اختفاء خاشقجي (الثلاثاء الماضي)، وذلك قبل مغادرتها المطار.
وعلمت "الأناضول"، أن مسؤولين أمنيين فتشوا ركاب الطائرة وحقائبهم عبر أجهزة المسح قبل مغادرتها المدرج في نفس اليوم، وذلك بعد أن وصلت أنباء عن اختفاء خاشقجي.
وأشارت إلى أن المسؤولين الأمنيين فتشوا الطائرة التي كانت مستعدة للمغادرة، ولم يعثروا على أثر له صلة باختفاء خاشقجي، وسمحوا لها بالمغادرة عقب ذلك.
ودخل خاشقجي إلى القنصلية، في 28 سبتمبر/ أيلول، في محاولة أولى للحصول على بعض الأوراق الروتينية، وطُلبت منه العودة في الأسبوع التالي. وعاد خاشقجي إلى القنصلية مرة أخرى، يوم الثلاثاء الماضي، واختفى، بينما ذكرت مصادر تركية، لـ"رويترز"، في مطلع الأسبوع، أنّ السلطات تعتقد بأنّه قُتل داخل القنصلية.
ومساء السبت، 6 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلنت النيابة العامة التركية فتح تحقيق حول اختفاء خاشقجي، ونقلت وكالة "الأناضول" عن مصادر أمنية تركية تأكيدها عدم خروجه من القنصلية، مضيفة أنّ "15 سعودياً، بينهم مسؤولون، وصلوا إلى إسطنبول بطائرتين ودخلوا القنصلية بالتزامن مع وجود خاشقجي، قبل العودة إلى البلدان التي قدموا منها".
واليوم الثلاثاء، أفادت صحيفة "حرييت" التركية، بأن الطائرة "HZ-SK2" التي غادرت إسطنبول، مساء الثلاثاء الماضي، يوم حادثة اختفاء خاشقجي، جرى تفتيشها بشكل مفصّل، وتفتيش ركابها بشكل دقيق، وتفتيش حقائبهم عبر أجهزة المسح بالأشعة، وذلك بعد أن وصلت أنباء اختفاء خاشقجي.
ونظراً لعدم ظهور أي أمر غير طبيعي، وفق الصحيفة، "جرى السماح للطائرة وركابها بالمغادرة".
وبيّنت الصحيفة أنّه بعد معلومات حادثة الاختفاء، ونتيجة الإبلاغ عن الطائرتين، جرى تفتيش الركاب بعد وصولهم إلى المطار، عبر مبنى الطيران العام، ومن ثم جرى تفتيش حقائبهم وأمتعتهم عبر الأجهزة مرات متتالية.
وخلال انتظار الركاب في مبنى ختم جوازات السفر، تمّ تفتيش الطائرة التي كانت مستعدة على أرض المطار للإقلاع، من قبل عناصر الشرطة التركية، وجرى تفتيش كل أقسامها، وبشكل دقيق، بحسب الصحيفة.
وأكدت الصحيفة أنّ "التفتيش لم يشر إلى أي أمر غير طبيعي، وبناء عليه سُمح للطائرة وركابها بالمغادرة".
"بهجة لي": تركيا ليست مسرحاً لتصفية حسابات دموية
في سياق متصل، وتعليقاً على اختفاء خاشقجي، قال رئيس حزب الحركة القومية التركي دولت بهجة لي اليوم، إنّ تركيا ليست مسرحاً لتصفية حسابات دموية وعمليات خفية.
وأوضح خلال خطاب بالبرلمان، حسب "الأناضول"، أن تركيا ترغب في التأكد من صحة الأنباء المقلقة حول مصير خاشقجي، وأنّ ادعاءات خروجه من القنصلية بحاجة إلى إثبات بالأدلة القطعية.
وفي هذا السياق قال بهجة لي: "تركيا ليست مسرحاً للعمليات الخفية وتصفية الحسابات الدموية للمتآمرين الإقليميين، فإن كانت هناك جريمة وتم إثبات هوية المجرمين، فيجب القيام بما يلزم على الفور ومحاسبة الجناة".
قلق أممي
إلى ذلك، أعرب مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، عن قلقه "إزاء ما يبدو أنهّ اختفاء قسري" لخاشقجي، بحسب ما أوردت "رويترز".
وقالت رافينا شامداساني، المتحدثة باسم حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في إفادة صحافية في جنيف، "نعم، مبعث قلق كبير، اختفاء خاشقجي قسرياً من القنصلية السعودية في إسطنبول".
وأضافت "إذا كانت أنباء وفاته والظروف الغريبة التي أدت إليها حقيقية، فسيكون ذلك صادماً بحق".
وقالت شامداساني "ندعو إلى التعاون بين تركيا والسعودية من أجل إجراء تحقيق فوري ومحايد في ملابسات اختفاء خاشقجي ونشر النتائج". وتابعت أنّ البلدين عليهما مسؤولية بموجب قوانينهما الجنائية، وقانون حقوق الإنسان الدولي.