تفاصيل صادمة حول مقتل الطفلة نارين غوران: جريمة هزّت تركيا

10 سبتمبر 2024
احتجاج ضد مقتل الطفلة نارين غوران في تركيا، 9 سبتمر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

لم تلق جريمة قتل في تركيا ما لقيه مقتل واختفاء جثة الطفلة نارين غوران (8 سنوات)، بعدما أثارت قضيتها تعاطفاً كبيراً في تركيا واهتماماً شخصياً من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، الذي توعّد أول من أمس، بالمتابعة شخصيا وإنزال أقسى عقوبة يستحقها الجناة. قبل أن تتكشف خيوط جديدة، أمس الاثنين، تزيد الشكوك في عم المغدورة نارين، سليم غوران الموقوف للاشتباه به، إلى جانب 23 مشتبهاً، منذ الأسبوع الماضي، بعدما أظهر فحص النتائج المأخوذة من سيارته وجود الحمض النووي للطفلة.
وكانت الطفلة نارين غوران قد اختفت خلال عودتها للمنزل مع طفلتين، يوم 21 أغسطس/آب في قرية تافشانتبه بديار بكر، ليتم العثور عليها، بعد 19 يوما، جثة هامدة داخل كيس في قاع نهر أفتوتماز بمنطقة ساريدالي، على بعد كيلومترين من مكان سكنها. وتؤكد التحقيقات أن الطفلة قتلت في مكان آخر، ثم تم نقل جثتها إلى المكان الذي عثروا عليها فيه.

الطفلة نارين غوران.. هل قتلها عمها؟

وتماشياً مع الشكوك التي تدور حول عم الطفلة القتيلة، كشفت الإعلامية التركية ديدم أرسلان يلماظ، خلال برنامجها المباشر على محطة شو أمس الاثنين، تفاصيل جديدة في التحقيقات، موضحة أن الطفلة قد تكون شاهدت والدتها وعمها في وضع غير لائق. وأكدت يلماظ أن هناك دلائل تشير إلى أن الطفلة نارين ربما تعرضت للقتل بسبب علاقة غير لائقة بين والدتها وعمها، مضيفة نقلاً عن مصادرها، أن هذه المعلومات قد تكون صحيحة بنسبة 99%، وأن التحقيقات جارية لتأكيد هذه المعلومات وتوضيح جميع تفاصيل الحادثة، مشيرة إلى أن هذه التطورات تضاف إلى الجهود المستمرة لكشف ملابسات القضية وضمان تقديم المسؤولين إلى العدالة.


وتوالت المفاجآت في ظل استمرار صدمة المجتمع التركي وتأثره بمقتل الطفلة، وزيادة المطالبات بتسريع التحقيقات وتقديم الجناة إلى محاكمة عادلة. ونقلت وكالة نيو ترك بوست، مساء أمس، اعتراف أحد المشتبه بهم في قضية مقتل الطفلة نارين، بأن عمها هو من أعطاه كيسًا يحتوي على جثتها وطلب منه التخلص منه بإلقائه في النهر.
جاء هذا الاعتراف بعد احتجاز واستجواب المشتبه به ضمن 23 آخرين، من قبل السلطات. وكشف تقرير الطب الشرعي أن جسد نارين تعرض لإصابات خطيرة، منها كسر في الساق وعلامة إصابة على الرقبة. وقال المشتبه به في اعترافه، إنه اتصل بمختار القرية عم الطفلة، سالم غوران، لطلب المساعدة بسبب انقطاع المياه عن منزله، وإن المختار غوران أخبره بأنه سيتصل بالمسؤولين لإصلاح العطل، وإن المسافة بين منزليهما حوالي 100 متر. وأضاف: خرجت من منزلي بسيارتي، ورأيت سالم غوران يقترب مني بسيارة بيضاء. أشار لي بيده إلى شيء ملفوف ببطانية في مقعد الراكب الأمامي في سيارته وقال لي: "تخلص من هذا".

أحد المتهمين: لم أفكر في تسليم نفسي للجندرمة لأنني لم أقتل الطفلة، لكنني كنت أعلم أنهم سيقبضون عليّ

وتابع: "وعندما اقتربت وفتحت البطانية، فوجئت برؤية طفلة فاقدة للحياة وترددت. قال لي: "فكر في عائلتك، سأعطيك 200 ألف ليرة وتخلص منها. هل لديك كيس في سيارتك؟" فأخرجت كيسا من صندوق سيارتي ووضعنا الطفلة بداخله".
وقال المشتبه به في اعترافاته: "لاحظت وجود احمرار في منطقة الرقبة خلف أذن الطفلة اليمنى، وبعدما وضعنا الطفلة في الكيس، أخبرني سالم بأن آخذ الكيس إلى جدول مياه قريب لإخفاء الجثة"، مضيفا: "شعرت بالندم أثناء الطريق لكنني قررت التخلص من الجثة، فتوقفت بسيارتي عند حافة الوادي وألقيت الكيس في مكان ضحل يحتوي على بعض المياه ووضعت حجرا كبيرا فوقه لإخفائه. من ثم عدت إلى منزلي ووجدت أن القرية تعج بالناس وأن والدته وزوجته تشاركان في البحث عن الطفلة. لم أتناول طعامي وانضممت إلى البحث عن نارين. وكان المختار سالم غوران يشارك هو الآخر مع فرق "الجندرمة" وكأنه لا يعلم شيئا "يشارك بشكل وهمي" بل رأيته يدخل إلى جدول المياه الموضوعة فيه الجثة للبحث، واستمررت في البحث حتى الساعة العاشرة والنصف مساء ثم عدت إلى المنزل ونمت حوالي الساعة الحادية عشرة ونصف".


وحول تستره وعدم تسليم نفسه والاعتراف رغم مرور 19 يوماً حتى تم العثور على الجثة، يشير المشتبه به: "لم أفكر في تسليم نفسي للجندرمة لأنني لم أقتل الطفلة، لكنني كنت أعلم أنهم سيقبضون عليّ، فقد حملت كيس الجثة بمفردي إلى الوادي واستغرقت عملية الإخفاء حوالي 30 دقيقة، وعندما كنا نضع الجثة في الكيس، لم أكن متأكدا من أنها نارين، ولكن عندما كنت أربط الكيس في الوادي، أدركت أنها هي".
ولم يكشف المشتبه به عن سبب قتل العم ابنة أخيه، رغم الشكوك التي تطرقت لها وسائل إعلام تركية، عن علاقة بين العم وأم الطفلة القتيلة، مرجحة أن الطفلة شاهدت عمها وأمها بمشهد غرامي، وأن رسائل "واتساب" التي حذفها العم، ستؤكد العلاقة، بعدما كشفت وسائل إعلام أن "واتساب" سيعيد إرسال المحادثات المحذوفة من هاتف المتهم بقتل الطفلة نارين.

لم يكشف المشتبه به عن سبب قتل العم ابنة أخيه، رغم الشكوك التي تطرقت لها وسائل إعلام تركية

وقد تسدل الستارة، اليوم أو غداً، على ملابسات جريمة هزت الشارع التركي ولم تغب متابعة أحداثها عن الإعلام، منذ 20 يوماً، ما دفع الرئيس أردوغان للتدخل وتعهده، خلال بيان على منصة إكس الأحد، بمتابعة العملية القضائية شخصيًا، لضمان أن ينال مرتكبو هذه الجريمة الوحشية أشد العقوبات التي يستحقونها، مضيفاً: "أدعو الله أن يرحم ابنتنا نارين التي عثر على جثتها في منطقة باغلار في ديار بكر".
وأضاف الرئيس التركي أن الأخبار الحزينة عن نارين، التي قُتلت بوحشية، أصابتنا جميعا بجرح عميق، لا يوجد وصف لحزننا. منذ تلقينا البلاغ عن فقدان ابنتنا الحساسة، بذلت قواتنا الأمنية جهودا مكثفة للوصول إليها حية، ونتيجة لعمليات البحث التي استمرت لمدة 19 يوما، للأسف، لم نتمكن من تلقي أي أخبار تفرح القلب. سوف نضمن محاسبة من قتلوا نارين أمام العدالة، خاتماً بيانه: "فلتعلموا أنني سأتابع شخصيا الإجراءات القضائية، للتأكد من أن أولئك الذين أخذوا طفلتنا الرقيقة منا ينالون أقسى عقوبة يستحقونها".

يُذكر أن تركيا ألغت عقوبة الإعدام التي كان ينص عليها قانون العقوبات التركي لعام 1926 من خلال 24 مادة، 19 منها مخصصة للجرائم ضد الدولة والحكومة والدستور والجيش، وخمس أخرى خصصت لجرائم جنائية كالقتل والاغتصاب. 
ووفقا للمادة 12 من القانون 765 لعام 1026، ينفذ حكم الإعدام بالشنق بعد قرار بالموافقة من مجلس الأمة التركي الكبير TBBM، ويجب أن يصدق رئيس الجمهورية على القرار، وهو يملك سلطة تغيير عقوبة الإعدام بناءً على العمر أو اعتلال الصحة.
ولكن، تم إبطال عقوبة الإعدام للجرائم المرتكبة وقت السلم، وفق القانون 4771 بتاريخ 9 آب 2002 (الاتفاقية الثالثة للمواءمة مع الاتحاد الأوروبي) ومن ثم أبطل القانون 5218 بتاريخ 14 تموز 2004 عقوبة الإعدام بأي وقت كان. ووقعت تركيا على البروتوكول رقم 13 الملحق بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بإشراف المجلس الأوروبي في عام 2006.

المساهمون