المرأة السعودية ضحية قوانين لا تحميها من العنف

25 نوفمبر 2016
القوانين لا تحمي السعوديات (العربي الجديد)
+ الخط -



تتحمّل المرأة السعودية عبء ضعف الأنظمة والقوانين التي يمكن أن تحميها في حال تعرضها للعنف الأسري، لأنها من الممكن أن تتحوّل من مدعية تطالب بالحماية إلى مدعى عليها تودع دور الرعاية، في حال قرّر والدها أن يتّهمها بالعقوق.

 "تهمة العقوق الجاهزة"، كانت من نصيب الشابة مريم التي ذهبت لتشتكي لشرطة الرس (في منطقة القصيم وسط السعودية) من ضرب شقيقها المبرح يومياً، لتجد أن والدها انتصر لشقيقها، وقرر رفع دعوى عقوق عليها، وتم إيداعها دار الرعاية، وهي أشبه بالسجن للنساء، ولن تتمكن من مغادرتها إلا إذا وافق والدها على ذلك.

الأمر ذاته تكرر مع أحلام الشمري، التي اشتكت من عنف والدها وتسلطه، لتجد أن الأمر انقلب إلى قضية عقوق ضدها، وتم إيداعها مع طفلتها دار الرعاية. وعلى الرغم من أنها لجأت لبيت خالتها، إلا أنه تم التعامل مع خالتها على أنها مختطفتها، وتم التحقيق معها بعد القبض على أحلام التي ماتزال مجهولة المصير.

مريم وأحلام، ليستا سوى نموذجين من مئات المعنّفات في السعودية اللاتي لا يجدن من ينصفهن في حال تعرضهن للأذى. وحسب إحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية فإن عدد حالات العنف الأسري والإيذاء الذي يقع على النساء بلغ العام الماضي نحو 8016 حالة عنف وإيذاء، احتلت الرياض المرتبة الأولى من ناحية أعلى عدد من بلاغات التعرض للعنف على مستوى السعودية بـ 1924 بلاغاً، تلتها المنطقة الشرقية بـ 1101 بلاغ. أما المناطق الأقل في عدد البلاغات والحالات الناجمة عنها، فكانت الجوف بـ 61 حالة، والحدود الشمالية بـ 56 بلاغا.

وأكد مختصون في شؤون المرأة والطفل، ارتفاع مؤشر العنف في المملكة تجاه المرأة تحديداً بنسبة وصلت إلى 78.5 في المائة في السنوات الخمس الماضية، مطالبين بضرورة المسارعة في إصدار قانون صارم ومحدد لحماية المرأة، فالأرقام الصادرة عن تقارير رسمية تكشف أن قضايا العنف ضد المرأة المعلنة أقل بكثير من الحالات التي تتعرض فعلياً للعنف، لأن الكثير من المعنفات لا يلجأن للقانون، خوفاً من المعتدي عليهن، ولأنهن لا يضمنّ أن يأخذن حقهن، وقد يكون مصيرهن مثل مريم.


استفحال العنف والخوف من ضياع حقوقهن، دفع نساء سعوديات لتدشين حملة "نزع الولاية من الرجل"، وهي الحملة التي دخلت شهرها الرابع، وتواجه بحملة تشكيك واسعة من التيار الديني الذي يراها مدخلا لفساد المرأة، ذلك ما أكد عليه صراحة الداعية محمد العريفي الذي قال في خطبة رسمية، إنّ "دعاة نزع الولاية يريدون أن يفسدوا النساء".

لكن الردّ جاء من الناشطة الحقوقية منى الراشد التي قالت "لا نستغرب من كثرة حوادث الاعتداء على النساء. فالكثير من الرجال يعتبرون أن المرأة ملكهم. وفي حال وصل الأمر للقضاء يجدون من يدافع عنهم، حتى من أقارب الزوجة ذاتها، فهم يعتقدون أن ذلك هو الدين".

بدورها، أكدت مديرة برنامج الأمان الأسري الدكتورة مها المنيف، أن حالات العنف ضد المرأة في السعودية لا تنحصر في العنف الجسدي، بل تتجاوزه إلى العنف الاقتصادي، والنفسي، والسلطة والتحكم.

وحذّرت من أنّ "للعنف ضد المرأة، آثاراً جسدية ونفسية على المرأة، قد تنتهي بالوفاة، كما أن العنف يؤثر على جميع أفراد الأسرة، وعلى استقرار الحياة الزوجية، وتربية الأطفال وزيادة نسبة تعرضهم للأمراض المزمنة".

وأضافت "لا يعني تزايد العنف أنه ليس هناك قانون لمعاقبة الجناة، بل تم إصدار قانون الحماية من الإيذاء الذي يعاقب من يعتدي على زوجته بغرامة 50 ألف ريال والسجن لخمس سنوات، ولكن حالات قليلة منها تصل للقضاء، فمن أصل أكثر من 8016 حالة اعتداء تم تسجيلها في العام الماضي تم تحويل أقل من 650 منهم للقضاء، فيما تم حل البقية بطريقة ودية"، وقالت "غالباً ما تعود الضحية مع الجلاد ليواصل انتقامه منها، ولكن هذه المرة سيكون أكثر حرصاً على ألا تشتكي ضده مجددا".

كذلك، أوضحت عضو جمعية حقوق الإنسان السعودية، الدكتورة سهيلة زين العابدين، أن أكثر الجرائم التي تعاني منها المرأة تتعدى العنف الجسدي إلى القانوني، فبحسب القانون السعودي في حال أقدمت امرأة على جريمة حتى ولو كانت بسيطة مثل جريمة أخلاقية في الشارع، لا تستطيع الخروج من السجن إلا بموافقة ولي أمرها.

وأضافت في تصريح لـ "العربي الجديد" "كثير من السعوديات مسجونات حتى بعد أن أنهين فترة سجنهن، حاولنا في الجمعية أن نجد حلولا لهذه المشكلة الكبيرة، للأسف هناك تناقض كبير في النظام، فالمرأة تُعامل كإنسان كامل الأهلية عند تطبيق العقوبة عليها، ولكن عندما تنتهي العقوبة يعود النظام ليعاملها كإنسان ناقص يحتاج لولي يستلمه، ويحكم في كثير من الحالات أن تقضي كامل حياتها في السجن بسبب خطأ قد لا يقارن بما يفعله الرجل من جرائم. ولا تستطيع مغادرة السجن إلا بموافقة ولي أمرها".



 

المساهمون