تكافح نساء أفغانستان لنيل حقوقهن والحماية من العنف الذي يمارس عليهن بمختلف أشكاله، في شتى أرجاء البلاد، التي مزقتها الحروب وجلبت الويلات لجميع شرائح هذا المجتمع، لا سيما المرأة الأفغانية المقهورة بسبب الحروب الدامية والأعراف السائدة.
ولم تفلح كل الجهود التي بذلها المجتمع الدولي بالشراكة مع الإدارات المعنية في الحكومة الأفغانية على مدى أكثر من عقد، والمبالغ الضخمة التي صرفت في تحسين حالة المرأة وحمايتها من العنف، وأحداث العنف المتكررة خير دليل على ذلك.
لم ينس المجتمع الأفغاني قصة مقتل وسحل المرأة الأفغانية فرخندة، على مرأى الجميع وعلى بعد مئات الأمتار من القصر الرئاسي، حتى جاءت قصة ريزه كل، لتشغل أذهانهم ولتحتل أهمية كبيرة في وسائل الإعلام المحلية والدولية، بعد أن أقدم زوجها على قطع أنفها وجزء من شفتها العليا في إقليم فراه غربي البلاد، بسبب مشاجرة، ولاذ بالفرار، ليجد ملاذاً في صفوف"طالبان" ويعيش دون محاسبة.
واقعة الاعتداء على ريزه، والعنف الممارس في حقها، كانت حديث الأفغان، ودارت نقاشات طويلة حول ريزه كل، التي تلقت العلاج في تركيا، ولم تحرّك الحكومة ساكناً واكتفت بما تفعله كل مرة من إدانة وشجب ووعود زائفة بملاحقة الجناة.
ومن بين القصص المفزعة عن العنف ضد المرأة الأفغانية، قصة الفتاة كريمة بي بي التي تبلغ من العمر 27 ربيعاً، والتي لقيت حتفها بفأس والدها بذريعة عدم تقبل كلامه والمشاجرة اليومية معه. القصة وقعت في إقليم جوزجان. ولكن هذه المرة، تمكنت السلطات من اعتقال الوالد الجاني الذي اعترف بأن ذنب ابنته أنها تعصيه، ولا تسمع كلامه، فكان نصيبها قتلها بالفأس.
وبحسب تصريحات المتحدث باسم الحكومة المحلية، محمد رضا غفوري، فإن المشاجرة بين البنت ووالدها، كانت السبب وراء إقدامه على قتلها، واعترف بارتكاب الجريمة.
وفي حادثٍ آخر لا يقل وحشية، اعتدى إمام مسجد في إقليم هرات على ابنته البالغة من العمر 19 عاماً. وبعد الاعتداء عليها جنسياً ثلاث مرات، رفعت صوتها ضد أبيها المعتقل حالياً لدى السلطات الأمنية. لكن الرجل لم يعترف بجريمته لحد الآن كما يقول المتحدث باسم أمن هرات، سيد أحمد محمدي.
وبحسب لجنة حقوق البشر، فإن من بين 200 قضية قتل نساء، تمكنت السلطات من اعتقال 59 جانياً فقط، ما يشير إلى تقاعس السلطات الأمنية في الوصول إلى مرتكبي جرائم العنف في حق النساء.
وفي إقليم بلخ شمالي البلاد، ذكرت مؤسسة حقوق المرأة في بيانها السنوي بمناسبة يوم حماية المرأة ضد العنف أن أكثر من 190 قضية سجلت لديها، تعرضت فيها المرأة للقتل والضرب والزواج القسري وأنواع مختلفة من العنف.
كما أكد البيان أنه في كثير من الأحيان لا تستطيع المرأة تسجيل قضيتها، فهي تعي أنه لا جدوى من ورائها نظرا للنظام القضائي في البلاد. كما أن السلطات الأفغانية، لا سيما الشرطة تتعامل مع أولئك النساء أسوأ معاملة على الإطلاق.
وتمنع الأعراف والتقاليد المتبعة في البلاد المرأة من رفع صوتها ضد العنف وتسجيل قضيتها لدى السلطات. من هؤلاء قضية سحر بي بي(اسم مستعار) التي فقدت عينها نتيجة تعرضها للضرب من قبل زوجها، ولكنها اختارت العيش في بيت أبيها والتزمت الصمت خوفا من اندلاع حرب بين أسرتها وأسرة زوجها.
وضمن جهود الحكومة الأفغانية الأخيرة لتحسين وضع المرأة الأفغانية وحمايتها مقابل العنف، وقّعت المحكمة العليا الأفغانية أمس، الخميس، اتفاقية مع ثلاث وزارات أفغانية، هي وزارة التعليم ووزارة الصحة والتعليم العالي، بهدف العمل على تحسين حالة المرأة الأفغانية وحمايتها ضد أي نوع من العنف.
وأعرب المدعي العام الأفغاني، فريد حميدي، عن أسفه الشديد إزاء حالة المرأة الأفغانية وتعرضها لأنواع مختلفة من العنف. وقال حميدي إن "أحداث العنف المتكررة في حق النساء مقلقة، وتشير إلى أن أفغانستان من أسوأ البلدان بالنظر لحالة المرأة. لكننا سنعمل مع الوزارات المختلفة لأجل حماية المرأة الأفغانية".