باكستانيات مناطق القبائل... من سيئ إلى أسوأ

06 يوليو 2024
تدفع الباكستانيات ثمناً باهظاً للصراعات في منطقة القبائل (كميل ديلبوس/Getty)
+ الخط -

منذ أن سيطرت "حركة طالبان" الأفغانية على الحكم في صيف عام 2021 تدهورت الأوضاع الأمنية في باكستان بشكل كبير، وسادت مظاهر التسلح وأعمال العنف والخطف والقتل والتفجيرات خصوصاً في مناطق شمال وجنوب غربي باكستان. 
جميع المواطنين يعانون من ويلات الحرب ونتائجها الوخيمة، لكن نساء المناطق النائية هم الأكثر تأثراً، خصوصاً أن حياتهن تخضع منذ القدم لأعراف تفرضها قبائل متحفظة. وفيما تمنع الأعراف القبلية المتشددة المرأة من التعليم وأحياناً من تلقي العلاج والخروج من البيوت إلا في حالات الضرورة القصوى، جاءت الحرب على الإرهاب لتجعل المرأة مشرّدة أو أرملة أو قتيلة أو جريحة، كما حال باقي أفراد القبائل.
وبعدما شن الجيش الباكستاني عام 2014 عمليات كبيرة ضد الجماعات المسلحة التي جعلت منطقة القبائل بؤراً لها، أضحت منطقة القبائل هادئة نسبياً فعاد إليها أفراد القبائل الذين تشرّدوا باستثناء من هاجروا إلى ولايات في جنوب أفغانستان، وهي خوست وبكتيا وبكتيكا، والذين لا يزالون موجودين هناك. ورغم عودة الهدوء نسبياً إلى منطقة القبائل الباكستانية، لكن تبعات الحرب استمرت بسبب الدمار ووجود بذور لجماعات مسلحة فيها، وهو ما يؤثر على حياة أفراد القبائل، خاصة النساء.
ويؤكد زعماء قبليون أن "منطقة القبائل محرومة من كل مقومات الحياة، فلا رعاية صحية، ولا مراكز تعليم، والخراب والدمار في كل مكان، وجرائم الخطف متواصلة، والمتهم بارتكابها محسوبون على أجهزة الدولة، أو عصابات لا يمكن لها العمل من دون دعم جهات قوية، وكل من يرفع صوته ضد الحكومة أو سياساتها يتعرض للخطف أو الاغتيال".

الصورة
حياة الباكستانيات صعبة منذ القِدم (كميل ديلبوس/ Getty)
حياة الباكستانيات صعبة منذ القِدم (كميل ديلبوس/Getty)

تقول الناشطة في منطقة القبائل زينب موسى زاي لـ"العربي الجديد": "لم تكن المرأة في منطقة القبائل تحظى بكل ما تحتاجه من شؤون الحياة من تعليم ورعاية صحية وغيرها من الحقوق قبل الحرب على الإرهاب، لكنها كانت تعيش في أمن واستقرار وكرامة داخل بيتها وقريتها وفي حيّها. وبعد هذه الحرب أصبحت المرأة مشردة تتجوّل من خيمة إلى أخرى، واستمر ذلك سنوات قبل أن تعود إلى قرى مدمرة لا حياة فيها، ثم فاقمت الأعراف السائدة التبعات الثقيلة للحرب والدمار على حياتها، لكنها عاشت على الأقل في حالة جيدة نسبياً. ومع وصول طالبان إلى الحكم في أفغانستان تغيّرت الأحوال مجدداً في مناطق القبائل الباكستانية، ولم تعد المرأة الباكستانية قادرة على الخروج من المنزل والحصول على ما تحتاجه بحجة أن الوضع الأمني غير مستقر، علماً أن العائق السابق الوحيد كان الأعراف السائدة، ثم أضيف إليها الوضع الأمني السيئ حالياً".
يقول الزعيم القبلي في منطقة مهمند خادم الله خان، لـ"العربي الجديد": "تعثرت حياة المرأة بسبب أمور كثيرة، منها تفجير المدارس الخاصة بالبنات، الذي أثرّ على تعليم الفتيات ووظائف النساء، والذي دفعها إلى إغلاق أبوابها بسبب موجة العنف الجديدة. وجعل ذلك الكثير من الفتيات من دون تعليم، ونساء ومعلمات من دون وظائف"، ويذكر قصة فتاة من منطقة القبائل تعلّمت بنفسها، وعانى والدها كثيراً بسبب منع تعليمها لكنه وفّر لها كل ما تحتاجه حتى أكملت التعليم.

يضيف خادم الله: "حين أكملت الفتاة تعليمها في مدينة بشاور حيث كانت تعيش في بيت خالتها، جاءت إلى المنطقة كي تؤسس مدرسة للبنات، ففرح الجميع بقدومها علماً أنها كانت تأخذ رسوماً رمزية زهيدة لتعليم البنات، ثم تلقت فجأة تهديدات من جهات مجهولة وصولاً إلى تفجير مجهولين مبنى المدرسة في أحد الأيام. ولم تيأس الفتاة وأعادت فتح المدرسة في بيتها، لكن أحداً لم يتجرأ على إرسال البنات إلى منزلها خشية من تفجيره، فأغلقت الفتاة المدرسة وذهبت مرة أخرى إلى مدينة بشاور لتدرس في مدرسة هناك وتعيش مجدداً في بيت خالتها، بينما بقيت عائلتها في منزلها بمنطقة القبائل لأنها لا تستطيع دفع إيجار منزل في بشاور".
وتعلّق الناشطة الباكستانية أفشين عبد الله على ما يحصل في حق البنات في المناطق غير الآمنة في الشمال والجنوب الغربي بالقول لـ"العربي الجديد": "لا شك في أن الحالة مأساوية وهي تسير نحو الأسوأ، فمنطقة القبائل ومناطق شمال غربي باكستان أصبحت مرة أخرى ميداناً للصراعات، والمرأة تدفع ثمناً باهظاً لها".

المساهمون