دول تواجه ورطة نفطية بعد وقف ترامب الإعفاءات من العقوبات الإيرانية

23 ابريل 2019
أميركا تسعى لوقف الصادرات الإيرانية النفطية (Getty)
+ الخط -
كثفت الولايات المتحدة الإثنين حملتها على إيران في إطار فرض "أقصى الضغوط" عليها، فأعلنت إنهاء كل الإعفاءات التي كانت منحتها لثماني دول لمواصلة شراء النفط الإيراني، حتى ولو أدى الأمر إلى توتر مع دول حليفة.

وجاء في بيان للبيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترامب ينوي بذلك التأكد من أن "صادرات النفط الإيراني ستصبح صفراً" وبالتالي "حرمان النظام من مصدر دخله الأساسي".

وابتداء من الثاني من مايو/أيار القادم، بات على الدول السبع، وهي الهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وإيطاليا واليونان، التوقف تماماً عن شراء نفط إيراني.

ولن تكون هذه العملية سهلة على الصين التي تجري حالياً مفاوضات تجارية حساسة مع واشنطن، ولا على الهند التي تستورد 10 في المائة من حاجاتها النفطية من إيران، مع العلم بأنها حليف استراتيجي للولايات المتحدة وثالث مستورد للنفط في العالم.

وقال وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو بلهجة تحذيرية "في حال لم تتقيدوا فستكون هناك عقوبات"، مضيفاً "نحن عازمون على تطبيق هذه العقوبات".

دول تتفاعل مع القرار

وأعربت تركيا وكوريا الشمالية عن الأسف الشديد لصدور هذا الموقف الأميركي، مع العلم بأن البلدين يعتبران من حلفاء الولايات المتحدة.

واعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو الذي تشهد علاقات بلاده أصلا توترا مع الولايات المتحدة أنه "لن نوافق على عقوبات من طرف واحد ولا على قيود على طريقة إدارة علاقاتنا مع جيراننا".

ووعدت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية بمواصلة "بذل كل ما هو ممكن للحصول على تجديد للاستثناءات".

في حين قال وزير النفط والغاز الطبيعي الهندي دارمندرا برادان اليوم الثلاثاء إن الهند ستحصل على مزيد من الإمدادات من دول أخرى من كبار منتجي النفط لتعويض فقد النفط الإيراني.

وأضاف برادان على تويتر أن الهند وضعت خطة محكمة لإمداد المصافي بكميات كافية من النفط الخام. وتابع: "المصافي الهندية مستعدة تماما لتلبية الطلب المحلي من البنزين والديزل والمنتجات البترولية الأخرى".

وكانت رويترز قالت الأسبوع الماضي إن شركات التكرير الهندية تزيد مشترياتها المزمعة من دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والمكسيك والولايات المتحدة للتحوط من فقد النفط الإيراني.

وقلصت المصافي في الهند، ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم وأكبر عملاء نفط إيران بعد الصين، مشترياتها من النفط الإيراني للنصف تقريبا منذ نوفمبر/ تشرين الثاني عندما دخلت عقوبات النفط حيز التنفيذ. 

دور السعودية والإمارات

وبعدما انسحبت من الاتفاق بشأن الملف النووي الايراني، أعادت واشنطن في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي فرض عقوبات اقتصادية قاسية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية. وأرفقت إعادة فرض هذه العقوبات بتهديد الدول التي ستواصل التعامل تجارياً مع إيران بفرض عقوبات عليها.

ويعتبر منع شراء النفط الإيراني أهم بنود العقوبات الأميركية التي أرادتها واشنطن أن تكون "الأقسى في التاريخ". وتقدر الإدارة الأميركية العائدات النفطية الإيرانية بنحو 40 في المائة من إجمالي عائدات الدولة.

وكانت الولايات المتحدة وافقت على منح الدول السبع استثناءات لمدة ستة أشهر، باعتبار أن السوق النفطية يمكن أن تتأثر في حال تقرر بشكل فوري وقف شراء النفط الإيراني.


وأعلن البيت الأبيض في بيان الاثنين أن "الولايات المتحدة والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهي من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، بالتعاون مع أصدقائنا وحلفائنا، ستلتزم العمل بما يتيح بقاء الأسواق النفطية العالمية مزودة بما يكفي من كميات" من النفط.

وأعقب ترامب هذا البيان بتغريدة على تويتر وعد فيها بأن تعمل الرياض مع دول أخرى من منظمة أوبك "على القيام بما هو أكثر من تعويض" النقص في النفط المعروض للبيع لدى وقف شراء النفط من إيران.

كما أعلنت الحكومة السعودية استعدادها للعمل على بقاء السوق النفطية مستقرة، مع العلم بأن سعر برميل النفط سجل ارتفاعا فور تسرب معلومات صحافية عن وقف الاستثناءات للدول السبع.

وأكدت وكالة "أس أند بي غلوبال بلاتس" المتخصصة بالنفط أن إيران صدرت ما معدله 1،7 مليون برميل يوميا خلال شهر آذار/مارس بينها 628 ألفا إلى الصين وأكثر من 357 ألفا إلى الهند.

وسجل سعر النفط أعلى مستوى له منذ ستة أشهر بعد القرار الأميركي، وأقفل مؤشر "وست تكساس إنترميديت" لبرميل النفط الذي سيتم تسليمه في أيار/مايو عند 65.70 دولاراً بزيادة قدرها 2.7 في المائة، بينما ارتفع خام برنت في لندن بمعدل 2.9 في المائة ليصل إلى 74.04 دولارا.

مواقف متناقضة

لكن خطوة ترامب بتضييق الخناق على صادرات النفط الإيرانية كانت مفيدة للشركات الأميركية، حيث ارتفعت مشتريات النفط من السوق الأميركي بنسبة 350 في المائة بين عامي 2017 و2018.

ويأتي هذا القرار الأميركي بعد أسبوعين من وضع الحرس الثوري الإيراني على اللائحة السوداء الأميركية "للمنظمات الإرهابية الأجنبية".

وقال الباحث بهنام بن طالبلو من مجموعة التحليل "فاونديشن فور ديفانس أوف ديموقراسيس" المعروفة بمواقفها المناهضة لإيران "من الواضح أن طهران باتت تعاني كثيرا من الضغوط عليها" مضيفاً "أن النظام السوري أقدم حليف لإيران يبدو عاجزا عن تأمين المحروقات لسكانه، كما أن حزب الله اللبناني يدعو إلى التبرع بالمال لسد النقص في العائدات التي ترسل إليه من إيران عادة".

أما مايكل فوكس من مركز التحليل الأميركي "أميريكن بروغرس" القريب من الديمقراطيين، فاعتبر أن استراتيجية ترامب في إيران "حمقاء" لأنها قد تدفعها للانسحاب من الاتفاق النووي والبدء ببناء ترسانة عسكرية ذرية"، كما أنها "تثير غضب كل حلفاء الولايات المتحدة".


(رويترز)
المساهمون