مأزق شطب الأصفار... إيران تسعى إلى إنقاذ عملتها من العقوبات الأميركية

طهران

العربي الجديد

لوغو العربي الجديد
العربي الجديد
موقع وصحيفة "العربي الجديد"
02 مايو 2019
2594D867-A07B-485A-9E3E-82FCC6268CC6
+ الخط -
تتجه إيران إلى تغييرات نقدية جذرية، في ظل تصاعد التضييق الأميركي على اقتصادها، إذ تدرس إلغاء الأصفار من عملتها المحلية والتحول من الريال إلى التومان، في خطوة تستهدف إنقاذ أوضاعها المالية المتردية، والحد من تفاقم التضخم في أسعار السلع، خلال الفترة الأخيرة، عقب قرار إدارة دونالد ترامب إلغاء الإعفاءات النفطية لدول كانت تستورد الخام من طهران.
وأعلنت اللجنة الاقتصادية التابعة لمجلس الوزراء الإيراني، مؤخراً، أنها تدرس مشروع شطب أربعة أصفار من الريال، وتحديد عملة جديدة، مع إعادة النظر في الأوراق النقدية والمسكوكات الذهبية، من دون تحديد فترة زمنية لإقراره.

وفي حال أقرت اللجنة هذه اللائحة ستتم مناقشتها أيضا خلال اجتماع للحكومة، ثم تُحال إلى البرلمان، وإذا ما صادق عليها الأخير، يجب أن يوافق عليها مجلس صيانة الدستور، لتدخل حيز التنفيذ كقانون نافذ.
كما ذكرت مصادر أن البنك المركزي الإيراني اقترح حذف 4 أصفار من الريال، بعدما هوت العملة في عام شهد أزمة اقتصادية بفعل عقوبات أميركية. ونقلت وكالة إرنا الإيرانية للأنباء عن محافظ البنك المركزي، عبد الناصر همتي، قوله "قدّم البنك المركزي للحكومة مشروع قانون لحذف 4 أصفار من العملة، وآمل في الانتهاء من تلك المسألة في أقرب وقت ممكن".
انتقادات حادة
وفي وقت يتحدث فيه مسؤولون عن أن تغيير العملة الوطنية وشطب أصفارها يعزز قوة العملة ويعيد إليها الاعتبار أمام العملات الأجنبية، مع إظهار الحكومة أنها جادة أكثر من قبل في هذا الصدد، يعارض خبراء اقتصاد الخطوة، في ظل ارتفاع التضخم.

ويقول الخبير الاقتصادي حيدر مستخدمين حسيني، لموقع "خبر أونلاين" الإيراني، إن "الظروف التي أوجدتها العقوبات لا تناسب شطب الأصفار من العملة الوطنية"، لافتا إلى أن هذا الإجراء يجب أن تسبقه إصلاحات اقتصادية كبيرة، وهو ما لم يحدث، بحسب قوله. وأشار إلى أن فنزويلا وروسيا قد أقدمتا على ذلك في ظروف العقوبات، "لكن لم تتحسن أوضاعهما الاقتصادية وازدادت سوءا". 
في موازاة ذلك، قال الأستاذ المحاضر في الجامعة "الحرة الإسلامية" الإيرانية، جليل خدابرست شيرازي، لوكالة "إرنا"، في وقت سابق، إن "أي تغيير في الاقتصاد يجب أن يحدث في وضع اقتصادي مستقر"، مضيفا "ينبغي أن تشهد البلاد ظروفا اقتصادية مستقرة من 10 إلى 15 عاما، لكي تبدأ عملية شطب الأصفار الأربعة، وقبل ذلك لا يمكن اللجوء إلى هذا الخيار".

كما صرّح الأستاذ المحاضر في جامعة شيراز، روح الله شهبازي، بأن "شطب أصفار من العملة يشبه إضافة أصفار إليها، وهذا الإجراء وحده لا يترك أي أثر في الاقتصاد ومعيشة الناس، إلا إذا أرفق بسياسة نقدية تكميلية".
ونقلت وكالة "فارس" للأنباء، في وقت سابق، عن مصادر في البنك المركزي أن شطب الأصفار من العملة الوطنية في ظروف التضخم الحالية قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع والخدمات مجددا وعودة الأصفار المشطوبة بعد أعوام.
من الريال إلى التومان
ولا تقتصر توجهات البنك المركزي الإيراني على موضوع شطب الأصفار الأربعة من العملة الوطنية فحسب، بل تغيير العملة من الريال إلى التومان أيضا، ليساوي كل تومان عشرة آلاف ريال، بعد شطب أربعة أصفار من العملة الجديدة، بغية تسهيل المبادلات النقدية الداخلية، وتخفيض تكاليف إصدار العملات الورقية والمسكوكات، وضمان استمرار فاعلية النظام النقدي الجديد خلال السنوات المقبلة.

واقترح البنك المركزي، وفقا لمشروع إصلاح النظام النقدي، 24 شهرا، المدة القانونية للفترة الانتقالية من الريال إلى التومان، لتُجمع خلالها الأوراق النقدية والمسكوكات القديمة ويتم استبدالها بالعملة الجديدة. 
ولا يستخدم الإيرانيون الريال في معاملاتهم اليومية منذ عقود مديدة، فالتومان هو عملتهم العرفية المستخدمة منذ أن حوّل مؤسس الدولة البهلوية "رضا شاه" العملة من التومان إلى الريال في عام 1929.

وفي السياق، يقول محافظ البنك المركزي الإيراني السابق، ولي الله سيف، إن تداول "التومان" كعملة وطنية رسمية للدولة يسهّل المعاملات الاقتصادية، مضيفا أنه "منذ أن بدأ استخدام الريال في النظام النقدي والبنكي طيلة العقود الماضية، قد شطب عمليا من المبادلات الاقتصادية، بسبب التضخم المتراكم وحلّ محله التومان".
وأرجع البنك المركزي، في مشروع "إصلاح النظام النقدي" الإيراني، أسباب تغيير العملة الوطنية وشطب الأصفار إلى أسباب عدة هي: التضخم الفاحش، وتراجع القدرة الشرائية للعملية الوطنية، وتزايد ملحوظ في كميات العملات النقدية المتداولة، واستخدام أعداد كبيرة في المبادلات الصغيرة اليومية والمشاكل المحاسبية الناتجة عنها، وخروج المسكوكات من المبادلات الاقتصادية، وتراجع اعتبار العملة الوطنية بالمقارنة مع العملات الأجنبية.
هبوط العملة
وتواصل هبوط العملة الإيرانية منذ صدور قرار الإدارة الأميركية القاضي بوقف الإعفاءات الممنوحة للعقوبات على قطاع النفط الإيراني، ليتجاوز سعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية عتبة 140000 ريال، ووصل الأحد الماضي إلى 140.3 ألف ريال، قبل أن تواصل العملة المحلية الهبوط، لتبلغ أمس 145 ألف ريال للدولار، بينما كان السعر في حدود 130.5 ألف ريال قبل الإعلان عن القرار الأميركي، في حين بلغ رسمياً سعر الدولار، أمس، نحو 42.1 ألف ريال.

ويدخل الريال الإيراني في منحنى التراجع مجددا، بعد مرور أكثر من أسبوع على إعلان واشنطن عدم تجديد الإعفاءات لثماني دول من مشتري النفط الإيراني، في محاولة لتصفير الصادرات النفطية لإيران، وذلك بغية حرمانها من المصدر الأساسي للعملات الصعبة، الأمر الذي يسرّع وتيرة تراجع الريال أمام العملات الأجنبية، بحسب الخبراء. 
وفي السياق، عزا رئيس اللجنة التخصصية للذهب والمجوهرات في غرفة نقابات الأسواق الإيرانية، محمد كشتي آراي، انخفاض قيمة الريال الإيراني، خلال الأيام الأخيرة، إلى "الأنباء السياسية حول إيران، وعدم بيع النفط، وكذلك تدفق رؤوس الأموال والسيولة إلى سوق العملات"، قائلا إن ذلك أدى إلى ارتفاق مماثل في أسعار الذهب والمسكوكات الذهبية أيضا، لتتجاوز قيمة مسكوك ذهبي واحد 5 ملايين تومان.

يذكر أنه على وقع العقوبات الأميركية التي طاولت مفاصل الاقتصاد الإيراني، خلال العام الأخير، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في أيار/مايو 2018.
وتظهر البيانات الصادرة مؤخرا أن الاقتصاد الإيراني سجّل نموا سلبيا بنسبة 3.8 في المائة، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الإيراني الماضي، الذي انتهى في 20 مارس/آذار 2019، في مؤشر على تأثر البلاد بالعقوبات الأميركية المتجددة.

وأظهرت هذه البيانات التي نشرها مركز الإحصاء الإيراني على موقعه الإلكتروني، خلال هذا الشهر، أن نسبة النمو السلبية البالغة 3.8 في المائة تأتي مع احتساب مبيعات النفط، بينما بدونها فإن الرقم يبلغ 1.9 في المائة.
وأشار المركز إلى أن النمو السلبي في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات، خلال الأشهر التسعة، قد وصل إلى 2.1 و7.9 و0.6 في المائة على الترتيب.

والإثنين قبل الماضي، أعلن وزير الاقتصاد الإيراني، فرهاد دج بسند، أن التوقعات تؤشر إلى أن العام الإيراني الجديد الذي بدأ في 21 مارس/آذار الماضي، "ليس عاما جيدا من الناحية الاقتصادية". 
ارتفاع الأسعار
وفي بيانات جديدة نشرها مركز الإحصاء الإيراني قبل عدة أيام، أعلن أن نسبة التضخم قد وصلت في العام الماضي إلى 30.6 %.
ويرجع خبراء الاقتصاد تراجع مؤشرات الاقتصاد الإيراني إلى عاملين: الأول مشاكل بنيوية متراكمة في هذا الاقتصاد. والثاني، العقوبات الأميركية التي كانت لها تداعيات كبيرة على الأسواق الإيرانية، وفاقم العامل الأول تأثيراتها.

وفي الإطار، شهدت هذه الأسواق ارتفاعا هائلا في الأسعار، لا سيما أسعار السلع الأساسية. فعلى سبيل المثال، وليس الحصر، سجلت أسعار العقارات ارتفاعا على أساس سنوي، خلال مارس/آذار الماضي، بنسبة 95.5 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2018، وفقا لبيانات وزارة الطرق وبناء المدن الإيرانية، نشرتها خلال هذا الشهر. كما أن أسعار اللحوم سجلت أيضا ارتفاعا بنسبة تتجاوز 100% بعد عودة العقوبات الأميركية.
ودفع الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية الحكومة الإيرانية إلى حظر تصدير أكثر من 20 سلعة ضرورية خلال الفترة الماضية.


ذات صلة

الصورة

سياسة

فرضت الخزانة الأميركية عقوبات جديدة على شركة صرافة لبنانية والخبير اللبناني المالي حسن مقلد ونجلَيْه، بتهمة تسهيل الأنشطة المالية لـ"حزب الله"...
الصورة
قطر/عملة تذكارية بمناسبة المونديال (تويتر)

رياضة

تشهد مكاتب تبديل العُملة النقدية في قطر خلال هذه الفترة، حركة كبيرة وإقبالاً واسعاً، وذلك بالتزامن مع قرب بداية بطولة كأس العالم لكرة القدم فيفا قطر 2022، التي ستمتد من 20 نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 19 ديسمبر/ كانون الأول.

الصورة

اقتصاد

تراجعت قيمة اليورو الثلاثاء لتبلغ دولاراً واحداً، في مستوى لم يُسجّل منذ عام طرح العملة الموحدة للتداول قبل عشرين عاماً، وذلك في ظل المخاطر الناجمة عن قطع إمدادات الغاز الروسي على الاقتصاد الأوروبي.
الصورة

سياسة

شارك مئات الأفغان في كابول، اليوم الثلاثاء، في تظاهرة تطالب برفع التجميد المفروض على الأصول الأفغانية، فيما نظمت مظاهرة أخرى في قندهار تطالب "حركة طالبان" بفتح مدارس البنات.
المساهمون