كان أبرز ملمح في أسواق النفط يوم الخميس، عقب دخول الحظر الأميركي على النفط الإيراني حيز التنفيذ، هو الإنتاج القياسي من الخام الأميركي لتعويض أي نقص متوقع في الأسواق العالمية، وهو ما أدى إلى تراجع الأسعار رغم تصفير الإنتاج الإيراني.
كما كان من اللافت أيضاً سعي منظمة أوبك إلى الوقوف على الحياد في النزاع المحتدم بين واشنطن وطهران، رغم تأكيد الأمين العام للمنظمة أمس استحالة استبعاد النفط الإيراني من الأسواق.
ولفت نظر الأسواق اليوم أيضاً تجاهل روسيا الضغوط التي يمارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب على كبار المنتجين لزيادة الإنتاج وتعويض حصة إيران، لكن في المقابل، ساد أسواق النفط القلق وظل يشوبها التوتر عقب انقضاء الإعفاءات الممنوحة من العقوبات الأميركية على إيران وتفاقم الأزمة السياسية في فنزويلا واستمرار خفض معروض أوبك.
وقال وزير النفط الإيراني، بيجن زنغنه، اليوم الخميس، إن إيران سترد إذا هدد أعضاء آخرون في منظمة "أوبك" مصالحها، وسط تزايد الضغوط من واشنطن لخفض مبيعات النفط الخام الإيراني إلى الصفر بمساعدة من منافسين لطهران في المنطقة.
في غضون ذلك، أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن "الولايات المتحدة تدرس إخضاع مبيعات البتروكيماويات وتجارة التجزئة الإيرانية لعقوبات جديدة، وأنها عقوبات تشمل مصارف وشركات بهدف وقف تجارة تتراوح من مبيعات البتروكيماويات إلى سنغافورة إلى مبيعات السلع الاستهلاكية إلى أفغانستان".
وفي أول رد فعل من الدول المستوردة على الحظر الأميركي، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده لا تستطيع تنويع وارداتها النفطية بسهولة، وذلك بعد انتهاء الإعفاءات التي منحتها أميركا من قبل على مشتريات الخام من إيران.
وتعد إيران من أكبر موردي النفط لتركيا، التي تكاد تعتمد اعتماداً كاملاً على الواردات لتلبية حاجاتها من الطاقة.
ودخل قرار واشنطن عدم تجديد الإعفاءات الممنوحة للدول التي تشتري النفط الإيراني حيز التنفيذ، يوم الخميس، في إطار تشديد العقوبات الأميركية على طهران، بسبب برنامجها النووي وتدخلها في شؤون دول المنطقة.
وطالبت أميركا مشتري النفط الإيراني بوقف وارداتهم منه اعتباراً من أمس مايو/ أيار أو مواجهة عقوبات، منهية بذلك إعفاءات استمرت ستة أشهر سمحت لأكبر ثمانية مشترين لنفط إيران، ومعظمهم في آسيا، باستيراد كميات محدودة.
وسجلت أسعار النفط هبوطا حادا أثناء التعاملات اليوم الخميس، وتراجع الخام الأميركي بأكثر من 3% مع تضرر السوق من مخاوف بشأن وفرة في المعروض غطت على إنهاء الولايات المتحدة إعفاءات لبعض مشتريات الخام من إيران، وزيادة حادة في مخزونات النفط في الولايات المتحدة.
لكن عند التسوية، بلغ سعر برميل عقود برنت 70.75 دولارا، منخفضا 1.43 دولار أو 1.98%، والخام الأميركي 61.81 دولارا، منخفضا 1.79 دولار أو 2.81%.
وتأمل الولايات المتحدة أن يوفر إنتاج النفط الأميركي، الذي وصل إلى أعلى مستوياته في التاريخ، حاجة الأسواق من النفط، بحيث يحافظ على سعره منخفضا، كما يواصل دونالد ترامب ضغوطه على كبار المنتجين وفي مقدمتهم السعودية والإمارات لزيادة الإنتاج وتعويض حصة إيران.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية إن مخزونات الخام في الولايات المتحدة قفزت 9.9 ملايين برميل، الأسبوع الماضي، لتصل إلى 470.6 مليون برميل، وهو أعلى مستوى لها منذ سبتمبر/ أيلول 2017 مع نمو الواردات إلى أعلى مستوى منذ يناير/ كانون الثاني وتراجع معدلات التكرير عن 90 في المائة من الطاقة الإجمالية.
وسجل إنتاج الخام في الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، مستوى قياسياً مرتفعاً عند 12.3 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضي.
وقال مات سميث، مدير بحوث السلع الأولية في شركة كليبر داتا: "هبوط في نشاط التكرير وزيادة في الواردات ساعدا في دفع مخزونات الخام إلى تسجيل زيادة كبيرة أخرى".
كذلك قال بنك "ايه.ان.زد"، أمس، إن "أسعار النفط الخام تراجعت تراجعاً حاداً مع ارتفاع المخزونات في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياتها منذ 2017". وأضاف "يأتي ذلك مع دخول المصافي الأميركية موسم صيانة الربيع، ما يؤجج المخاوف من أن الطلب على النفط الخام سيكون ضعيفاً وأن المخزونات ستواصل الارتفاع".
وزادت الأسهم الأميركية خسائرها خلال تعاملات الخميس بضغطٍ من تراجع أسهم قطاع الطاقة بالتزامن مع هبوط أسعار النفط. وجاء ذلك مع تأكيد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم بأول، في تصريحاته أمس أن الاقتصاد الأميركي قوي وقلل من احتمالات رفع أو خفض الفائدة في المستقبل القريب.
وعلى مستوى موقف منظمة أوبك من الأزمة الحالية قال أمينها العام محمد باركيندو إنه من المستحيل استبعاد النفط الإيراني من الأسواق العالمية، وفقاً لما نقله موقع معلومات وزارة النفط الإيرانية شانا أمس. وأكد باركيندو الذي يزور طهران أنه "لا حاجة لإعادة هذا. من المستحيل استبعاد النفط الإيراني من السوق".
واتفقت منظمة أوبك ومنتجون آخرون كبار بقيادة روسيا على خفض إنتاج النفط 1.2 مليون برميل يوميا من أول يناير/ كانون الثاني ولمدة ستة أشهر لتحقيق التوازن في السوق. ومن المقرر انعقاد الاجتماع الشامل المقبل بين أوبك والمنتجين من خارج المنظمة في فيينا في نهاية يونيو/ حزيران.
وفي إيران قال وزير النفط بيجن زنغنه، يوم الأربعاء، إن كل من يستخدم النفط سلاحاً يجلب الموت والانهيار لمنظمة أوبك.
وأضاف في كلمة ألقاها بمؤتمر للنفط والغاز في طهران أن "أولئك الذين يستخدمون النفط سلاحاً ضد عضوين مؤسسين في أوبك إنما يزعزعون وحدة المنظمة ويجلبون الموت والانهيار لأوبك، ومسؤولية ذلك تقع على عاتقهم"، مؤكدا أن كل من يستخدم النفط كأداة سياسية عليه أن يتقبل عواقب ذلك.
وفي روسيا قال وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، أمس، إن روسيا ستبقي إنتاجها النفطي في مايو/ أيار منسجماً مع الاتفاق العالمي لخفض الإنتاج.