لم يُخف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، ارتياحه بإنهاء عملية إخلاء "غابة" كاليه في يومها الأخير، والتي كانت حصيلتها إجلاء 5000 مهاجر، إضافة إلى إخراج نحو 1500 من القصّر، الذين لا يزالون في "حاويات" في مدينة كاليه، ينتظرون أماكن إقامة دائمة لأغلبهم، و"لفتة إنسانية" من بريطانيا لبعضهم.
واعتبر الرئيس هولاند أن عملية الإخلاء "تمت في أفضل الظروف"، واعداً بنهاية سريعة لكل مخيمات المهاجرين في فرنسا، ويقصد تلك المنتشرة في باريس، والتي تضم ما يقارب ثلاثة آلاف شخص.
وإن كانت أعداد المهاجرين لا تستقر على حال، بسبب تحركهم فوق التراب الفرنسي، ووصول آخَرين من إيطاليا قادمين من ليبيا، نقطة الانطلاق الرئيسة في الوقت الراهن.
ولم يكن الرئيس الفرنسي وحده من تحدث عن تحدي "مخيمات باريس"، إذ أعلن رئيس الحكومة، مانويل فالس، أن هذا الأسبوع سيشهد وضع 2000 مهاجر في ملاجئ، لأن لهم "الحق في الحماية".
وفي تطبيق لـ"وعود ووعيد" الرئيس، أقدمت الشرطة الفرنسية، صباح اليوم الإثنين، على استعراض قوتها في مخيم للمهاجرين الأفغان في مترو "جوريس"، غير بعيد من مخيمات المهاجرين السودانيين، وفتّشت بعضهم، وفكّكت بعض الخيام التي انتشرت في الشوارع والأزقة المحيطة بالمترو، وسط احتجاجات من ناشطين متعاطفين مع المهاجرين، وهم يلوحون بيافطات كتب عليها "لا لإيقاف وتفتيش المهاجرين".
بعض اللاجئين قالوا لـ"العربي الجديد" إن الشرطة طلبت منهم أن يغادروا المكان. ولكن إلى أين؟ لا جواب. وبعد انسحاب الشرطة عاد الأفغان إلى نصب خيامهم، وكأن شيئاً لم يحدث.
الرواية الرسمية التي يكررها المسؤولون تتمثل في أن هذه "الزيارات" البوليسية هي من أجل معرفة الرقم الحقيقي للمتواجدين غير صحيحة، وأوضح عدد من المهاجرين وطالبي اللجوء في عين المكان لـ"العربي الجديد" أنهم يتواجدون منذ أشهر ولم يزرهم أحد. وحتى المخيمات السودانية، وهي ليست بعيدة، لم تنل "حظها" من هذه الزيارات البوليسية.
رئيسة بلدية باريس، الاشتراكية آن هيدالغو، أطلقت تصريحات "حادة" اليوم وقالت: "إخلاء خيام باريس تعتبر ضرورة مطلقة"، وليس من حلّ لوقف تمدد هذه الخيام، بحسب رأيها، سوى فتح مركز استقبال إنساني في منتصف شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
ولكن فترة الإيواء لهذا المركز الجديد لا تتعدى أياما فقط، وبعدها يحوّل هؤلاء المهاجرين إلى مراكز إيواء لفترات أطول في مناطق أخرى من باريس الكبرى (الضاحية). يضاف إلى هذا أن الحكومة تعمل على خلق أمكنة إضافية في مراكز الاستقبال والتوجيه تتسع لنحو 9000 شخص.
وفي انتظار الاقتحام البوليسي القادم، والوشيك، ليس للمهاجرين من سؤال رئيس سوى معرفة متى يتسنى لهم أن يناموا في سرير "كريم"، خصوصاً أن موسم البرد والأمطار على الأبواب.
أما السؤال عن اللجوء والإقامة، فهي أسئلة يريد هؤلاء أن يؤجّلوا الحديث عنها، على رأي الحكمة العربية البليغة: "لكلّ حادث حديث".