كيف ينظر خبراء المال والاستثمار للاقتصاد في 2018؟

21 نوفمبر 2017
مستثمرون ينظرون في مؤشر الاستثمار (Getty)
+ الخط -
كيف ينظر خبراء المال والاستثمار للاقتصاد العالمي في العام 2018، وذلك وسط محيط سياسي مضطرب في آسيا والمنطقة العربية، يتهدده التصعيد النووي الكوري الشمالي، والتوترات بين السعودية وإيران من جهة، والاضطراب الجاري حالياً داخل المملكة العربية من جهة ثانية، فضلاً عن نتائج انتخابات الكونغرس الأميركي المقبلة، وما يحدث في أميركا اللاتينية خاصة المتعلق بفنزويلا. 
يرى معظم الخبراء الذين اطلعت "العربي الجديد" على آرائهم أن الانتعاش الاقتصادي في معظم أنحاء العالم سيتواصل في العام المقبل 2018، رغم وجود مخاطر مقلقة ستكون لها تداعيات سالبة على بعض مناطق العالم.
في هذا الصدد تقول المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد " الاقتصاد العالمي سينمو بمعدلات أسرع وأقوى في العام 2018، ولكن هذا النمو لن يشمل جميع الاقتصادات العالمية".
وقالت لاغارد في لقاء مع صحيفة "ستريت تايمز" السنغافورية نشرتها أول من أمس الأحد، إن حوالى 75% من اقتصادات العالم من المتوقع أن ينتعش بقوة، ولا يحدث هذا الانتعاش فقط بسبب انتعاش المشتريات الاستهلاكية في داخل هذه الاقتصاديات والتجارة، لكنه سينتعش كذلك بسبب تدفق الاستثمارات".

ولاحظت لاغارد، أن هنالك ارتفاعاً بمعدلات النمو في كل من منطقة اليورو وبريطانيا في أوروبا، كما أن هنالك انتعاشاً في روسيا والعديد من دول الدول الآسيوية، مشيرة إلى أن هذا الانتعاش القوي من المتوقع أن يتواصل في هذه الاقتصادات.
لكن مديرة صندوق النقد قالت إن هنالك حوالى 40% من الاقتصادات ستكون خارج دورة الانتعاش، وأن معظم هذه الاقتصادات هي اقتصادات الدول الواقعة جنوب الصحراء.
من جانبه يرى مصرف غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي أن العام المقبل 2018 سيكون عام انتعاش اقتصادي رغم التوتر الجيوسياسي الذي يهدد بعض مناطق العالم .
ويقول الاقتصادي بالمصرف تشارلز هيلمبيرغ، في تعليقات لقناة "سي إن بي سي" أمس، إنه يتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بمعدل 4% في العام المقبل".
أما مجلة "إيكونومست" البريطانية، فتقول إن التوتر السياسي سيواصل تأثيره المقلق للمستثمرين، لكن الاقتصاد العالمي سينمو بمعدلات معقولة رغم المخاوف من بؤر التوتر الساخنة.
ويرى دانيال فرانكلين الذي أشرف على تقرير" العالم في 2018"، أن عام 2018 سيكون عاماً حرجاً بالنسبة للاقتصاد العالمي، حيث يشهد العديد من الأحداث المؤثرة على صناعة القرار الاقتصادي والاستثماري.
وأشار في هذا الصدد، إلى تحدي الأزمة النووية الكورية وتداعياتها على الاستقرار السياسي في آسيا. كما أن هنالك أزمة "بريكست" وانفصال كتالونيا في أوروبا.
ومن المتوقع أن يكون لترتيبات التجارة بين بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي تداعيات رئيسية على النمو الاقتصادي في بريطانيا، خاصة الترتيبات الخاصة بـ "جواز المرور التجاري" بالنسبة للمصارف والشركات المالية العالمية التي تتخذ من حي المال البريطاني مقراً لها للمتاجرة مع دول الاتحاد الأوروبي.
وحي المال البريطاني من الوسائل المهمة للدعم المالي في الدخل البريطاني، كما أن الضرائب التي تدفعها للخزانة البريطانية تشكل نسبة تقارب 18% من تمويل الإنفاق.
وفي أميركا اللاتينية ذكرت مجلة "إيكونومست"، أن هنالك عقبات تعترض مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بين أميركا وكل من المكسيك وكندا وتعرف اختصاراً باسم "نافتا"، حيث أن إعادة التفاوض حول هذه الاتفاقية وتشدد الرئيس دونالد ترامب ضد المكسيك، يهدد النمو الاقتصادي في أميركا اللاتينية. كما تشهد دول أميركا اللاتينية انتخابات في أهم اقتصادين، هما البرازيل والمكسيك. ومن المتوقع أن تؤثر نتائج هذه الانتخابات على النمو الاقتصادي في القارة اللاتينية.
وفي أميركا الشمالية يقول تقرير "إيكونومست"، إن نتائج انتخابات الكونغرس في منتصف العام المقبل، سيكون لها تأثير كبير على مستقبل النمو الاقتصادي، خاصة إذا فشل الحزب الجمهوري في الحصول على أغلبية في الكونغرس.

ويعاني الحزب الجمهوري حالياً من تخبط سياسات الرئيس دونالد ترامب الخارجية وفشله في معالجة العديد من القضايا الرئيسية التي تحدد مستقبل بقاء "أميركا العظمى". وفي حال تحقيق الحزب الديمقراطي تقدماً أو أغلبية، فإن العديد من السياسات المالية ستكون موضع نظر، وبالتالي، فإن نتائج هذه الانتخابات ستحدد مستقبل النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
على صعيد المنطقة العربية، لا تزال العديد من الاقتصادات العربية تعاني من التمزق بسبب الحروب والتوتر السياسي. ومن المتوقع أن يستفيد الاقتصاد العراقي من القضاء على تنظيم الدولة "داعش" وكبح محاولة استقلال كردستان. كما أن الفوضى السياسية التي تعيشها السعودية واحتمالات تولي بن سلمان للمُلك وتداعيات سياساته العدائية، سيكون لها تأثير كبير على النمو الاقتصادي في السعودية والبحرين التي تعتمد بدرجة كبيرة على المعونات التي تقدمها السعودية.
يُذكر أن الاقتصاد البحريني يمر حالياً بمرحلة حرجة، وكانت البحرين وحسب تقرير لوكالة "بلومبيرغ "، في بداية الشهر الجاري قد طلبت مساعدات من كل من السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ومن غير المعروف حتى الآن إن كانت أي من الدولتين قد استجابت للطلب.
من جانبها قالت شركة "برايس ووتر هاوس كوبر" لتدقيق الحسابات، في تقريرها الأخير عن اقتصادات المنطقة العربية، إن حالة التراجع في أسعار النفط، التي شهدتها المنطقة طوال الثلاثة أعوام السابقة، تثير الشكوك حول مدة ملاءمة ربط العملات الخليجية بالدولار.
يذكر أن جميع العملات الخليجية مربوطة بالدولار منذ منتصف الثمانينيات فيما عدا الدينار الكويتي المربوط بمجموعة من العملات. ومن المتوقع أن يقود ارتفاع الفائدة الأميركية، مع احتمالات أن تنخفض أسعار النفط من مستوياتها الحالية فوق 60 دولاراً، إلى إحداث ضغوط على عملات الخليج الضعيفة، خاصة الدينار البحريني الذي يفتقد حالياً للغطاء النقدي الكافي.
وقالت شركة تدقيق الحسابات العالمية، يُلزم ربطُ العملات بالدولار الأميركي البنوكَ المركزية، بما في ذلك البنك المركزي الكويتي، برفع معدلات الفائدة الخليجية تبعاً لمعدلات الفائدة الأميركية إلى حد كبير، وإن اختلفت الدورات الاقتصادية في دول الخليج عن تلك التي في الولايات المتحدة. وهو مما يعني أن معدلات الفائدة لا ينبغي أن تتناسب بالضرورة مع الاحتياجات الاقتصادية لدول الخليج، مشيرة إلى أن ذلك يُمكن أن يضغط على الربط بين العملات.

وأشار التقرير، إلى أن الضغوط التي يمثلها الر بط بالدولار لا تزال ضمن الحدود التي يُمكن التعامل معها، لكنها طرحت السؤال حول إذا ما كان الربط بالدولار لا يزال خياراً مناسباً من الناحية الاقتصادية.
ومن المعلوم أن خيارات تخفيض قيمة العملة، سواءً بطريقة التخفيض دفعة واحدة لقيمة معينة أو التعويم، لن تحقق النجاح المطلوب في تعزيز القدرة التنافسية في أغلب دول الخليج. ويعود ذلك إلى الانخفاض الحالي في قيمة الصادرات من السلع غير النفطية في أغلب الأسواق والقطاعات، وإن كانت هناك استثناءات محدودة.
وقالت "فيما يخص المرحلة الراهنة وفي ظل استمرار سيطرة النفط والسلع الأخرى المتداولة بالدولار على اقتصاد منطقة الخليج، تبقى مزايا ربط العملات الخليجية بالدولار الأميركي أكبر إحدى السلبيات التي ستؤثر على النمو الاقتصادي".
وعلى صعيد إمارة دبي، توقعت تقارير أن تكون إمارة دبي من بين الإمارات التي ستتأثر بتداعيات اعتقال الأثرياء والأمراء في السعودية. وأشارت رويترز في هذا الصدد إلى أن البنوك في دبي وقطاع العقارات ستكون من أكبر الخاسرين من الاعتقالات التي نفذها بن سلمان على كبار رجال المال في السعودية الذين، هم بدورهم من كبار المستثمرين في العقارات بدبي ومن كبار المودعين في مصارفها.

المساهمون