تعز تشهد انتعاشاً تجارياً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية

03 يوليو 2024
أحد أسواق تعز، ثالث مدن اليمن، 7 فبراير 2024 (أحمد الباشا/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- انتعاش الحركة التجارية في تعز بفضل توافد الآلاف من منطقة الحوبان ومناطق تحت سيطرة الحوثيين، بحثًا عن السلع بأسعار أقل.
- الفارق الكبير في سعر الصرف بين مناطق الحوثيين والحكومة الشرعية يدفع المواطنين للشراء من مناطق الحكومة، مما يؤدي إلى ازدحام مروري في تعز.
- انتعاش القطاع السياحي في تعز، خصوصًا بعد فتح طريق تعز الحوبان، مما يعكس رغبة المواطنين في زيارة المعالم السياحية ويسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي.

انتعاش الحركة التجارية في تعز جاء بسبب دخول الآلاف من أبناء منطقة الحوبان ومناطق تعز الخاضعة للحوثيين إلى وسط المدينة الخاضع لسيطرة الحكومة الشرعية، للتبضع وشراء المستلزمات من المواد الغذائية والتموينية والكماليات، نتيجة ما يصفونه بقلة قيمة الأسعار مقارنة بقيمتها في مناطقهم.

وعلى الرغم من اختلاف سعر الريال اليمني في مناطق الحوثيين التي تتعامل بالعملة القديمة، ومناطق الحكومة الشرعية التي تتعامل بالعملة الجديدة بعد طبعة 2016 حيث يبلغ سعر الصرف في مناطق الحوثيين 535 ريالاً للدولار الواحد، وفي مناطق "الشرعية" 1815 ريالاً، إلا أن الأسعار أرخص في مناطق "الشرعية" عنها في مناطق سيطرة الحوثيين.

هذا الأمر يفسر حالة الإقبال الشديد من قبل المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين للتبضع وشراء الأساسيات والمواد الغذائية من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية. ونشاط الحركة الشرائية وحالة الإقبال على التسوق في مدينة تعز يمكن ملاحظته من الازدحام المروري الخانق في شوارع المدينة عقب دخول آلاف السيارات من مناطق سيطرة الحوثيين، حيث تفيد إحصاءات إدارة الأمن بأن عدد السيارات الداخلة إلى مدينة تعز من منطقة الحوبان يفوق عدد السيارات الخارجة بعدة أضعاف.

في هذا الصدد، يقول المواطن أمين المجيدي لـ"العربي الجديد" إن الأسعار في مناطق سيطرة "الشرعية" أفضل من حيث القيمة بكثير عنها في مناطق سيطرة الحوثيين، لذا فمنذ فتح طريق الحوبان تعز، وأنا أتسوق من داخل المدينة، فلو معي 100 ريال سعودي أصرفها في مناطق "الشرعية" بمبلغ 47500 ريال، وهذا المبلغ يكفي لشراء خمس أسطوانات غاز لأن سعر الأسطوانة هنا 8400 ريال، بينما في منطقة الحوبان أقوم بصرف 100 ريال سعودي، 14 ألف ريال عملة قديمة، ولا يكفي إلا لشراء أسطوانتي غاز، لأن سعر الغاز في مناطق الحوثيين بستة آلاف ريال عملة قديمة للأسطوانة الواحدة".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

أما المواطن صادق النبهاني فقال لـ"العربي الجديد" إن هناك من يروج للحوثيين أنهم حافظوا على سعر الصرف مع العلم أنه سعر وهمي يتم فرضه بالقوة، لكن هذا الكلام يصبح بدون قيمة إذا ما لاحظنا قيمة الأسعار في مناطق سيطرة الحوثي ونقصد بها القيمة الشرائية للريال، حيث نلاحظ أن مناطق سيطرة الحكومة الشرعية أرخص بالقيمة الشرائية بأسعار الغاز والمشتقات النفطية والمواد الغذائية والتموينية والاتصالات والملابس والكثير من السلع".

ويضيف النبهاني أن هذا الأمر يفسر حالة الإقبال الكبير على التسوق داخل مدينة تعز الخاضعة للحكومة الشرعية، ويسقط ادعاءات الحوثيين بتحقيق نجاحات اقتصادية، فالملاحظ أن التاجر والمستهلك في مناطق سيطرة الحوثيين هما ضحية الجبايات المالية التي يتم فرضها من قبل الحوثيين بالقوة، وبشكل مخالف للقانون، وهذا ما ينعكس سلبا على حركة السوق في مناطق سيطرة الحوثيين والتي باتت مصابة بالشلل نتيجة السياسات الاقتصادية والمالية للحوثيين".

وإضافة إلى انتعاش حركة السوق التجارية، فقد انتعش القطاع السياحي بعد دخول الآلاف من منطقة الحوبان بشكل يومي لزيارة جبل صبر المطل على مدينة تعز والذي يعد أبرز معالم تعز السياحية، كما يعد متنفسا للأسر الذي تقضي فيه يومها في المقيل والتمتع بالمناظر والإطلالات الساحرة التي يتمتع بها الجبل الذي يحتضن المدينة ويشرف عليها من جهتها الجنوبية الشرقية.

بدوره، طاهر الصبري، أحد أبناء جبل صبر، قال لـ"العربي الجديد" إن فتح طريق تعز الحوبان بعد إغلاقها لتسع سنوات، قد جعل المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين يقبلون بكثافة على الدخول إلى مناطق سيطرة الحكومة، ومعظمهم متعطش لزيارة جبل صبر الذي يعد من أهم الأماكن السياحية في تعز واليمن ككل". وأضاف أن فتح الطريق تزامن مع إجازة العيد، ما ضاعف من عدد الزوار، حيث امتلأت جميع الاستراحات وأماكن الراحة والمقيل وكذا طرقات الجبل بالزوار، وهذا ضاعف من الأسعار حيث وصل سعر الغرفة في الاستراحة إلى 100 ريال سعودي، حيث كان سعرها في الأيام العادية لا يتجاوز 10 آلاف ريال أي نحو 20 ريالاً سعودياً فقط".

أما الصحافي المتخصص في الشأن الاقتصادي وفيق صالح فيقول لـ"العربي الجديد" إن ما حدث في الآونة الأخيرة عقب فتح طريق جولة القصر الرابط بين منطقة الحوبان ومدينة تعز، وتدافع السكان والمواطنين للدخول إلى المدينة للتسوق واقتناء احتياجاتهم السلعية والغذائية، يؤكد ما قلناه سابقا وهو أكذوبة ثبات سعر الصرف في المناطق التي تديرها جماعة الحوثي".

ويضيف أن البعض كان يظن أنه من خلال الاستقرار الوهمي لقيمة العملة الوطنية في مناطق الحوثيين، سيكون الوضع المعيشي للمواطنين وأسعار السلع والخدمات جيدة مقارنة بالأوضاع في المحافظات المحررة، لكن هذه المقارنة السطحية سرعان ما تتلاشى عندما نجد أن الناس يفضلون التسوق وتوفير احتياجاتهم من المناطق المحررة، كون الأسعار تعد هي الأنسب مقارنة بالوضع المضطرب لدى الحوثيين".

ووفق صالح: "يأتي المواطن من الحوبان إلى مدينة تعز للتسوق لأنه يستطيع بمائة ريال سعودي توفير كثير من احتياجاته، في حين لو تسوق بهذا المبلغ نفسه في منطقة الحوبان لن يستطيع توفير 10% من المواد التي يشتريها في المدينة، وهذا الأمر يؤكد أن سعر الصرف في مناطق الحوثيين عبارة عن فقاعة لا تعكس سعراً حقيقياً مرتبطاً بأي إصلاحات اقتصادية أو مالية، لأن سعر الصرف تجده ثابتاً بينما أسعار السلع والمواد الغذائية والخدمات ترتفع باستمرار، والتضخم يصل إلى درجات قياسية، والقدرة الشرائية تتلاشى لدى السكان، نتيجة توقف المدخولات المادية وانعدام سبل الكسب".

المساهمون