ولم تُنشَر أجندة لقمة كوالالمبور، لكنها قد تتناول النزاعات القائمة منذ زمن طويل في إقليم كشمير وفي الشرق الأوسط والأوضاع في سورية واليمن ومحنة أقلية المسلمين الروهينغا في ميانمار وتنامي الغضب من معسكرات الصين للمسلمين الويغور في شينجيانغ، إضافة إلى سبل مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا في العالم.
وبحسب وكالة "رويترز"، سيُدلي اثنان من أبرز الزعماء المسلمين في العالم، هما رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان بآرائهما خلال القمة التي تستمر أربعة أيام، تبدأ اليوم الأربعاء بعشاء ترحيب وتختتم أعمالها يوم السبت.
واتخذ رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، الذي كان من المحركين الأساسيين لعقد القمة مع مهاتير وأردوغان، قراراً في اللحظة الأخيرة بعدم الحضور. وكانت مصادر لـ"العربي الجديد" قد أكّدت أنّ إلغاء خان مشاركته في القمة جاء نتيجة ضغوط خليجية، دون أنّ تحدّدها، فيما ذكرت صحيفة "إكسبرس تريبيون" أنّ قرار خان جاء نتيجة "تحفظات السعودية"، إذ زار الأخير المملكة الأحد الماضي، والتقى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وأكّد له "أنّ المشاركة في القمة لن تكون على حساب السعودية".
كذلك تُعقَد القمة بحضور رئيس إيران، حسن روحاني، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وقالت السعودية إن سبب قرارها عدم الحضور، أن القمة ليست الساحة المناسبة لطرح القضايا التي تهمّ مسلمي العالم البالغ عددهم 1.75 مليار نسمة.
إلى ذلك، توقع "مركز القدس لدراسة المجتمع والدولة" أن القمة ستسفر عن مواقف معادية لإسرائيل بشكل صارخ، ولا سيما في كل ما يتعلق بالتعاطي مع الشعب الفلسطيني وقضيته، بسبب توجهات الدول الممثلة في القمة من تل أبيب.
ولفت المركز في تقدير موقف أعده يوني بن مناحيم إلى مواقف مهاتير محمد من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيراً إلى أن الزعيم الماليزي سبق أن هاجم منظمة التعاون الإسلامي لعدم إقدامها على تحركات جدية لإسناد القضية الفلسطينية والوقوف ضد "العدوان الإسرائيلي المتواصل ضد الشعب الفلسطيني".
ونقل المركز، الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد وكيل الخارجية الإسرائيلي الأسبق، أن وفداً يمثل حركة "حماس" بقيادة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية سيشارك في القمة. وأوضح المركز أن الدول المشاركة في القمة تمثل مئات الملايين من المسلمين، مشيراً إلى أن تعاون هذه الدول سينجم عنه ثقل سياسي رادع يقلص من حدة المخاطر التي يتعرض لها المسلمون في العالم.
وأشار إلى أن كلاً من تركيا وماليزيا وقطر تمثل ثقلاً اقتصادياً كبيراً، مشيراً إلى أن القمة ستبحث سبل التعاون بين الدول الإسلامية في العديد من المجالات المتعلقة بالتنمية، إلى جانب التوافق على مواجهة معاداة الإسلام. وأشار المركز إلى أن السعودية عمدت فور إعلان تنظيم قمة كوالالمبور إلى مهاجمتها عبر وسائل الإعلام التابعة لها، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أن الرياض تخشى أن تُوظَّف القمة في المسّ بمكانتها، بحيث تُقدَّم بديلاً من منظمة التعاون الإسلامي، التي يوجد مقرها في السعودية. ولفت إلى أن مهاتير محمد نفى المزاعم بأن هدف القمة أن تتحول إلى بديل من منظمة التعاون الإسلامي.
وادعى المركز أن أحد الأهداف غير المعلنة للقمة يتمثل بمحاولة نشر الدين الإسلامي حسب التوجهات المعلنة للرئيس التركي، مشيراً إلى أن أردوغان أعلن في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي مبادرةً لنشر الدين الإسلامي في أرجاء العالم، وحذّر من خطورة ظاهرة "الإسلاموفوبيا" وعمليات التنكيل التي يتعرض له المسلمون في أرجاء العالم.
ودعا المركز إلى مراقبة طابع القرارات التي ستصدر عن القمة، ولا سيما في ظل مشاركة الرئيس الإيراني فيها.
من جانب آخر، ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن اتصالاً هاتفياً جرى بين مهاتير والعاهل السعودي الملك سلمان أمس الثلاثاء، أكد الملك خلاله أن تلك القضايا يجب أن تناقش عبر منظمة التعاون الإسلامي، بحسب ما أوردت "رويترز".
ونقلت "رويترز" عن مصدر سعودي أن المملكة تلقت دعوة للحضور، لكنها لن تحضر، إلا إذا عقدت القمة تحت رعاية منظمة التعاون الإسلامي. وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه لأنه غير مصرح له بالتحدث لوسائل الإعلام "يشعرون بقلق شديد حيال الأمر". ولم يستجب مركز التواصل الحكومي السعودي إلى طلب للتعليق، وفق ما أوردت الوكالة.
ويلقي غياب السعودية الضوء على بعض الانقسامات التي يعاني منها العالم الإسلامي. ونقلت "رويترز" عن جيمس دورسي، كبير الباحثين في كلية سانت راغاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة قوله: "المسألة أن لديك كتلتين... لديك تكتل سعودي إماراتي، وتكتل تركي قطري، وبينهما باكستان التي تحاول إرضاء الطرفين".
وسيمثل إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان، معروف أمين نائب رئيس الدولة والمشرف على جهود مكافحة التطرف والإرهاب هناك. وحتى مع وصول الوفود إلى كوالالمبور، لم يتمكن مسؤولون ماليزيون من تقديم قائمة نهائية بمن سيحضرون القمة. وقال مكتب مهاتير إن بلاده أرسلت دعوات إلى كل الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، وعددها 56 دولة، لكن مسؤولين قالوا إن نحو 20 دولة فقط سترسل وفوداً، وإن عدداً أقل سيكون ممثلاً بزعماء.
وأصدر مكتب مهاتير بياناً، دفاعاً عن القمة، وقال إنه ليس هناك نية لتشكيل "تكتل جديد كما لمّح إليه بعض المنتقدين". وأضاف البيان: "علاوة على ذلك، القمة ليست منصة لمناقشة الدين والشؤون الدينية، لكنها لمناقشة أحوال الأمة الإسلامية".