كثيرون يتابعون الأوضاع في تونس بشيء من القلق بسبب تعطل تشكيل الحكومة والمناكفات الحزبية وصراع التموقع الذي بلغ ذروته وحالة الاحتقان السياسي، فهل هناك مبررات حقيقية لهذا القلق حول التجربة التونسية؟
لعل من صميم التحديات الانشغال بالوضع في تونس، ولكنني لست خائفاً ولا أعتقد أن الديمقراطية في تونس في خطر، فالشعب الذي حافظ على هذه الشعلة على امتداد تسع سنوات في أوضاع أصعب من الأجواء القائمة حالياً مرشح لأن يحافظ على هذه التجربة.
المحيط الإقليمي ليس ملائماً حتى الآن، وبالتالي ليس منتظراً أن تستقر الديمقراطية في تونس من دون أن يكون هناك محيط ملائم، ونحن نرى أنّ الأمور تسير في هذا الاتجاه، فثبات النموذج التونسي دليل على عمقه ويعبّر عن طلب حقيقي على الحرية والديمقراطية، وهي مطالب موجودة في الإقليم، فالإقليم العربي والمغاربي يتطور في هذا الاتجاه، ما يعني وجود طلب حقيقي على الحريات وإنهاء الحكم الفردي والديكتاتوريات في المنطقة. وعلى الرغم من كل الرياح العاصفة خلال السنوات التسع الماضية فقد صمد النموذج التونسي، وتونس لا تزال تتحرك في إطارها الدستوري وتطبقه فصلاً فصلاً، بل كأن التونسيين مصرون على تطبيق جميع فصوله، الاستثنائية والجزئية، على الرغم من أن كل الفصول لم تطبق ونأمل أن تطبق جميعاً، فإذا لم تنجح الحكومة الحالية سنمرّ إلى الفصل 89، أي أنه بعد حكومة الرجل الأقدر والحزب الفائز الأول سنذهب إلى مرحلة أخرى وهي حل مجلس النواب والذهاب إلى انتخابات جديدة في إطار الدستور، فنحن نمارس حرياتنا ونمارس ديمقراطية حقيقية ونتحرك في إطار الدستور ونفعّله.
نمارس الحرية ونحن أحرار، ولكن الحريات تحتاج إلى تدريب وإلى ممارسة، ما يحصل مثلاً في البرلمان من مشاحنات وردود أفعال و"تنابز" قد يزعج البعض، ولكن هؤلاء يمارسون حرياتهم ويتدربون على ذلك. في تونس عانينا 50 عاماً من الاستبداد واليوم نعاني من مشاكل الحرية ونتدرب عليها إلى أن تستوي الأمور على نهج معقول. التونسيون يدخلون فصلاً جديداً من التدرب على الديمقراطية.
ولكن هل أقر الفاعلون السياسيون التونسيون نهائياً حسم صراعاتهم داخل سقف الدستور؟
نحن لا نتحدث عن النوايا، ولكن الواقع التونسي يشير إلى أنه لا توجد خيارات سياسية مستعدة للعمل في إطار الدستور تم نفيها أو حجبها، أي أن السوق التونسية حافلة وتضم أفكاراً عديدة من دون حَجْر على أي منها، سواء تلك التي تنتمي لهذا العصر أو الذي سبقه، فالسوق حافلة بكل الأفكار والأجيال وصاحب الكلمة النهائية سيشع من دون تدخّل من الدولة.
عاين التونسيون صراعات حزبية قوية ومسترسلة، بدءاً من إسقاط الحكومة الأولى ثم تكليف الشخصية الأقدر لتشكيل الثانية، ولكن ما الذي يعطّل تشكيلها في العمق؟
الأمر يتعلق بمحاصصة وتنازع حول الحقائب، وهذا معتاد ومفهوم في الحكومات الائتلافية، ولكن بسبب القانون الانتخابي ونتائج الانتخابات فإنها لم تنتج حزباً أغلبياً.
لقد تم وضع القانون الانتخابي النسبي، وخلفيته منع أي حزب من الحصول على أغلبية، وفي أذهان بعض المؤسسين منع حركة "النهضة" في الواقع من الحصول على أغلبية وهذا شكّل هاجساً للنخبة السياسية. لقد كنا الحزب الأول في انتخابات 2011 ومع ذلك لم نتمكّن من الحكم بمفردنا، ثم تعكّرت الأجواء سنة 2013 واخترنا الانسحاب من السلطة. وسنة 2014 كان النظام الذي فاز يستطيع أن يلملم أجواءه وتحالف حتى مع اليسار وكان الرئيس (الراحل الباجي قائد) السبسي يقول "نحن والنهضة خطان متوازيان لا يلتقيان وإذا التقيا فلا حول ولا قوة إلا بالله"، ولكن القانون الانتخابي لم يمكّن "نداء تونس" من أن يحكم بمفرده، وهو ما أدى إلى التوافق. نحن ما زلنا مقتنعين بالتوافق، على الرغم من أنه في أغلب الديمقراطيات العريقة فإن الحزب الأول يحكم، والثاني في المعارضة، ولكن نحن منذ 2011 الحزب الأول والثاني معاً في السلطة، وهذا هو التوافق وحرصاء على استمراره.
ولكن المشكلة الآن أن رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ لا يؤمن بهذه السياسة، وتشخيصه للواقع أن هناك أحزاب الثورة وآخرين ينتمون للنظام القديم، والخلاف اليوم ليس حول عدد الحقائب التي ستحصل عليها "النهضة" أو "التيار" أو "حركة الشعب"، لأن هذا خلاف مقدور عليه ويمكن أن يتنازل أحدنا للآخر، ولكن الخلاف سببه أن الفخفاخ لا يريد إدماج "قلب تونس" في الحكومة لأنه يعتبر أنه لا يحمل صورة الثورة وينتمي للعهد القديم، وتقديرنا أن هذا هو العائق أمام تشكل الحكومة.
نحن نرفض تقسيم المجتمع التونسي بين ثوري وضد الثورة، بل نعتبر أن كل من انضوى تحت الدستور فهو ثوري ومن لديه مشاكل مع المحاكم أو تهم فساد فعليه أن يعالج ذلك قضائياً، ولذلك نحن منذ 2014 خضنا معاركنا الانتخابية ومختلف المحطات بالتوافق، وكنا نطلب من الراحل الباجي قائد السبسي عدم تقسيم المجتمع التونسي، فمجتمعنا من أكثر المجتمعات العربية انسجاماً، ونحن جميعنا مسلمون وحداثيون وديمقراطيون، وبالتالي من انضوى تحت الدستور "فهو آمن"، أي مواطن كامل المواطنة.
هل هذا يعني أن اللقاء الذي جمعكم برئيس "قلب تونس" نبيل القروي والفخفاخ في بيتكم لم يأت بنتيجته؟ ما الذي دار في ذلك اللقاء؟
كان لقاء لإذابة الجليد بين الرجلين، التقيا وتحدثا عما يمكن أن يجمع، وأن العملية السياسية يمكن أن تستوعب الجميع ولو على مراحل، ولكن يبدو أن الفخفاخ متمسك بخلفية الثورة وما قبل وبعد الثورة، وتبيّن أنه لا يوجد عزم كافٍ لتجاوز هذه العقبة والحواجز.
أيام تفصلنا عن انتهاء مهلة تشكيل الحكومة، ما هو موقف "النهضة" النهائي من هذا الموضوع؟
أعلنا تمسكنا بحكومة وحدة وطنية، ونريد الحكم ضمن حكومة لا تستثني أحداً إلا من استثنى نفسه، وإذا لم يحصل ذلك ولم يقبل الفخفاخ فهذا لا يعني إسقاط الحكومة بل سنصوّت لها ولكن من دون أن نشارك فيها. الفخفاخ يعتبر أن الحكومة من دون "النهضة" لن يكون لها مستقبل، ستمرّ الحكومة كي لا يحصل فراغ وهذا موقف "قلب تونس" أيضاً وسيصوّت للحكومة لأن مصلحة البلاد تقتضي وضع حد لهذا المسلسل، وبالتالي سنمنح الشعب التونسي حكومة.
يعني أن فرضية الذهاب إلى انتخابات مبكرة أمر مستبعد؟
نعم هو مستبعد وغير وارد، ولكن المفاجآت ممكنة، وإذا مرت الحكومة فستمر وإن لم تمر فالرئيس سيكون له عدة خيارات ومنها الذهاب إلى انتخابات جديدة أو اختيار شخصية أخرى. نحن لا نريد الوصول إلى تلك المرحلة، لقد عبّرنا للفخفاخ عن أننا سنصوّت للحكومة، ولكن للمشاركة نريد حكومة وحدة وطنية لا تقصي أحداً، وهذا الأمر لم نصل إليه بعد وعكس ذلك ستكون حكومة ضعيفة.
ولكن ما هو أمل حياة حكومة لا تشمل الحزب الأول والثاني؟
هذا سؤال يُوجّه للفخفاخ، ولكنها ستكون حكومة ضعيفة، ولا يمكن لحكومة أن تنجز إصلاحات كبرى من دون صف موحّد.
صرحت أن الفخفاخ لم يكن الشخصية الأجدر لتُكلف بتشكيل الحكومة؟
الفخفاخ من الشخصيات المحترمة وله مكانته، والوزراء المقترحون الذين اطّلعت عليهم شخصيات مهمة ومحترمة، ولكن نحن نتحدث عن فلسفة الحكومة، هل هي حكومة جامعة يرى فيها التونسيون أنفسهم، أو حكومة تعبّر عن قسم من الشعب وعودة إلى التقسيمات أي إلى سلطة ومعارضة وإسلاميين وحداثيين ويسار ويمين وجبهات؟ المطلوب ليس هذا بل أن يتوحّد الناس لأننا في حرب ضد الفقر والديون ونحتاج إلى جبهة واسعة للقيام بإصلاحات كبرى ومواجهة التحديات من دون سقف محدد.
المنطقة العربية ككل تبدو تحت تأثير ثنائية الإسلاميين والحداثيين إلى الآن، والصراع لا يزال قائماً على هذا الأساس في أكثر من منطقة؟
لا يزال قائماً لأن هناك منتفعين من هذا الوضع، ممن لا يريدون أن ينتهي هذا الوضع وأن تبقى الشعوب منقسمة ويعاني الشعب مشاكل يومية حياتية. ولكن الشعوب مشاكلها اجتماعية وليست فكرية وثقافية وقيمية، والاختلافات الرئيسية حول أسلوب حصولها على حاجاتها. ولكن النخب لا تريد أن تفقد دورها لأنها تكتسبه من ذلك الانقسام، بينما جميع الناس يحرصون على أن يكونوا حداثيين ويستفيدون من التكنولوجيا المتقدمة، فيما تبقى التقسيمات الإيديولوجية لأنها انشغال بما لا يعني أي نوع من الارتهان لدى النخب، وسياسة فرّق تسد.
طالما تتحدث عن المنطقة العربية فلنبدأ بليبيا، هناك إقرار بأن تونس وعلى امتداد السنوات التي مرت فشلت في إدارة الملف الليبي؟
هي لم تفشل لأنها لم تحاول أصلاً، أي أنها لو حاولت وفشلت لحسب لها أجر المجتهد المخطئ، ولكن للأسف لم نفعل شيئاً في الملف الليبي لأننا انشغلنا بخلافاتنا الداخلية، ونظرنا إلى هذا الصراع على أن له انعكاساً على تونس. وصراع النخب في تونس مع أو ضد الإسلاميين كان له تأثير في تعاملنا مع ليبيا. لقد كانت هناك خشية من تأثير الصراع على أوضاعنا الداخلية وهناك من يخشى من النخبة ويعتبر أن أي خطوة أو إنجاز للإسلاميين في الخارج سيكون له انعكاس سلبي على أوضاعهم في تونس، إذا أنجزت تركيا شيئاً ينظر على أنه خطر على تونس، وإذا نجحت حكومة فائز السراج في تحقيق أي إنجاز قيّم ينظرون على أنه سلبي لتونس. ولذلك عندما وصل الرئيس السبسي إلى السلطة أرسى نوعاً من الحياد بعدما كانت بعض الحكومات التي سبقته تذهب غير ذلك، والأصل ألا نكون محايدين أمام مصالحنا، وليبيا مصلحة كبرى لتونس، بل إن العديد من المشاكل في تونس لا تحل إلا بالتعاون مع ليبيا والجزائر، والعلاقات معهما تحتل الأولوية المطلقة ضمن العلاقات الدولية، ولكننا لم نتعامل هكذا لأننا لم نطور علاقتنا مع الجزائر ولا مع ليبيا ولم يتم بذل قدر كافٍ من الجهد.
بعض الحكومات التي مرت لوقت قصير (يقصد حكومة مهدي جمعة) كانت قد قاطعت المطارات الليبية، وأصبح زعماء غرب ليبيا يخضعون للبحث والمراقبة في تونس، ولا يُعرَف كيف أدرجت أسماؤهم في سجلات الأمن التونسي، وبالتالي كان بالإمكان القيام بدور كبير في المصالحة الليبية لان الليبيين يرتاحون لتونس أكثر من أي دولة أخرى، ولكن تم التمسك بالحياد بسبب خلافات النخبة.
هل ما زال بالإمكان لعب دور في ليبيا؟
نعم طالما أن الوضع غير مستقر والنار مشتعلة، فهناك مجال للتحرك، والأرجح والمفترض ألا نخرج من ليبيا ولا نغلق سفارتنا فيها، فإيطاليا لم تغلق سفارتها ولا أظن أن مصالح إيطاليا هناك أكبر من مصالح تونس وكان من المفترض أن نرابط هناك، ولكن افتُعلت مشاكل عدة لبعض الضباط التونسيين كرئيس الاستخبارات الذي حاول أن يلعب دوراً وكان له علاقات في ليبيا لمحاربة الإرهاب ولكن تحوّل إلى متهم.
كان يجب تعزيز المخابرات التونسية خصوصاً في ملف الإرهاب، وتلقينا العديد من الضربات الإرهابية لأن الملف الليبي تُرك جانباً، فتضررت مصالحنا الأمنية والاقتصادية، وخير مثال على ذلك مؤتمر برلين، فلم تتم دعوتنا ودعينا بعد وساطات وبصفة متأخرة، ونحن مسؤولون عن ذلك لأننا لم نُعدّ لهذا الملف ولأننا لم نكن حاضرين، وهذه ليست مسؤولية الرئيس الحالي أو الحكومة الحالية بل تراكم مسيرة 7 و8 سنوات من الإعراض عن الملف الليبي وترك جهات أبعد ما تكون عن ليبيا تتدخّل.
ماذا عن لقائكم رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح أخيراً؟
نعم التقيت عقيلة صالح في اجتماع رؤساء البرلمانات العربية، ودعوته لزيارة تونس لنبحث ما يمكن فعله لإطفاء النيران في ليبيا، ووعدني أنه سيأتي إلى تونس، إذ لا يمكن فعل شيء من دون أن تكون لنا علاقات مع كل الأطراف لإطفاء النيران هناك.
ولكن بشكل عام هناك ارتباك دبلوماسي تونسي كبير في الفترة الأخيرة، ما أسبابه في نظركم؟
لا يمكن أن نتصور أن الخارجية لم تتأثر بالزلزال الذي حصل في تونس، أي الثورة، ولا شك أن الثورة ستغيّر خارطة العلاقات التونسية، ولا نستغرب أن تحدث تحوّلات في مؤسسات الدولة بكل أصنافها، وهي مسائل متوقعة، فالأمور تبحث عن شكل جديد بين قديم بدأ يتساقط وجديد لم تكتمل ولادته. هناك العديد من الشخصيات التي مرت على الحكم في تونس من الحبيب بورقيبة إلى زين العابدين بن علي إلى الباجي قائد السبسي ثم قيس سعيّد، وبالتالي هناك تغييرات تحصل وهو ما اقتضته الثورة، ولا أرى أن يكون النمط نفسه، فالشخصيات مختلفة وهناك اختلاف كبير بين السبسي وسعيّد. هناك حالة تونسية في تحوّل مستمر ومناطق تبحث عن نفسها وشكلها مثل ما يحصل في الطبيعة عندما يحصل زلزال.
ما موقفكم من إقالة مندوب تونس في الأمم المتحدة؟
لم أطلع على التفاصيل ولكنه من مظاهر الاضطراب، سفير محترف لسنوات طويلة يتم عزله بتلك الطريقة يعني أن هناك ارتباكاً على مستوى الخارجية.
بخصوص علاقتكم بالرئيس سعيّد، صرحتم بأن هناك من يحاول الصيد في الماء العكر؟
هناك من يصنع ماء عكراً ليصطاد فيه، ولكن لا يوجد ماء عكر بيني وبين الرئيس والعلاقة جيدة.
كيف تتابعون الوضع في الجزائر؟
بتفاؤل، الجزائر مرت من مرحلة عبد العزيز بوتفليقة، والذي كان له دور كبير في تونس، وكان من الممكن أن تكون العلاقة بعد الثورة التونسية متوترة خشية انتقال الثورة، ولكن ما حصل هو العكس إذ تطورت العلاقة مع تونس. والعلاقة التي تربطني بالرئيس السابق بوتفليقة كانت جيدة منذ كنت لاجئاً في الجزائر وكان هو خارج السلطة واستمرت ما بعد الثورة وكان عامل تقريب بيني وبين الباجي قائد السبسي ودعانا مرات إلى الجزائر وحث على التوافق بيننا.
واليوم أنجزت الجزائر نقلة مهمة عبر انتخابات، والملف الإسلامي تم استيعابه إلى حد كبير، ويوجد على رأس البرلمان الجزائري شخصية تنتمي للتيار الإسلامي وهي ميزة للجزائر لأنها رفضت منهج الاستئصال وراهنت على الإدماج، وبالتالي نحن مرتاحون للتطورات في الجزائر ونأمل بناء نواة لوحدة المغرب العربي حتى تحل العديد من المشاكل وإرساء نواة لعلاقات استراتيجية.
بالنسبة لحركة "النهضة"، المواقف متباينة وهناك حراك خطابي وسياسي وخلافات، كيف تقرؤون تطور حركتكم؟
هذه التغييرات يمكن أن ننظر إليها على أنها جزء من التطور الحاصل في تونس، فنحن عشنا عقوداً من الاضطهاد وانتقلنا من السجون والمهجر إلى الحكم ولم نكن مهيئين لذلك، وكان كل همنا في السابق الخروج من السجن، واليوم همنا كيف نحل مشاكل الشعب التونسي. وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك تعدد في وجهات النظر لأن المشاكل التي كنا نواجهها في السبعينيات ليست ذاتها اليوم، تماماً مثل بقية الأحزاب، ولكن للمقارنة الموضوعية يجب النظر لما حصل للآخرين، لليسار و"النداء" مثلاً.
إلامَ مرد ذلك؟
لأن هناك ديمقراطية داخل "النهضة" ولولا ذلك لكانت شظايا، صحيح حصلت خلافات ولكن لم يخرج إلا أفراد من الحركة ولم تحصل انشقاقات كبرى، وهناك من عاد منهم ولكن لم تتكوّن أحزاب من "النهضة". "النهضة" ليست سجناً، وفيها مؤسسات وهناك من يبقى ومن يغادر، وليس من الإنصاف أن نقول إن الغنوشي يتصرف في كل شيء تصرفاً مطلقاً وإن مجلس الشورى هامشي، والدليل أن الجميع يبقى في انتظار قرارات الشورى لأن أحداً لا يعرف مسبقاً ماذا سيقرر. أنا مثلاً لم أكن مع حكومة الحبيب الجملي وعارضت ذلك وإلى آخر لحظة، ولم أكن مقتنعاً، ولكن قدّمت اسمه إلى الرئيس لأن المؤسسة قررت ذلك، لتعيش البلاد شهرين في محاولات يائسة ودفعنا الثمن.
هل تحدد موعد مؤتمركم المقبل؟
مؤتمر "النهضة" سيكون مبدئياً في شهر مايو/أيار المقبل، ولكن الإعداد تقرره الهيئات التي شكلت والتي ستتشكل لإنجاز المؤتمر وهي التي تحدد ما سينجز.
هل ستواصلون رئاسة حركة "النهضة"؟
سيُحدَد ذلك بناء على المصلحة العامة ومصلحة البلاد ومصلحة الحركة.
الغنوشي من المنفى إلى رئاسة البرلمان التونسي، انتقال كبير؟
هي مسيرة طويلة، مسيرة 50 سنة وكان يمكن ألا أعيش هذه اللحظة وكان يمكن أن تنقطع هذه المسيرة عشرات المرات، واليوم رعانا الله وعلى المستوى البشري والميداني والعملي يمكن أن أتحدث عن الصبر والمصابرة، والاستبقاء على الأمل، فالمناضل وفي كل الظروف لا يجب أن ييأس أو يفقد الأمل، عليه أن يرى ضوءاً في آخر النفق مهما حصل، وأن يظل متفائلاً ولا ينفض يده من الناس وإنما يداوم الطرْق والحفر ليظهر الماء. العلاقات البشرية مهمة جداً ومهم التواصل مع الناس وهناك كيمياء بين البشر، خصوصاً عندما يعملون بإخلاص.