أسواق الإمارات (Getty)
17 اغسطس 2020
+ الخط -

 

تكثّف إسرائيل تحركاتها من أجل تحقيق الاستفادة القصوى اقتصادياً من الإمارات، وبدأت شركات الاحتلال بجني الثمار عبر عقد اتفاقات مع شركات إماراتية، وكانت صناعة السلاح الإسرائيلي هي المستفيد الأول من اتفاق التطبيع مع الإمارات.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تعلّق فيه المحافل الاقتصادية في تل أبيب رهانات كبيرة على دور التطبيع مع الإمارات في منح الشركات الإسرائيلية المزيد من الفرص للاندماج في السوق الإماراتي.

ولعل ردّ فعل بورصة تل أبيب يعد أوضح مثال على روح التفاؤل السائدة في إسرائيل، حيث سجلت الأسهم الإسرائيلية ارتفاعاً واضحاً في أول يوم عمل بعد إعلان الاتفاق.
ولاحظت صحيفة "كلكليست" الاقتصادية في تقرير لها أن أسهم الشركات الإسرائيلية التي تعمل في السوق الإماراتي سجلت ارتفاعاً كبيراً، وتحديداً شركة "إلبيت" لمنظومات العسكرية والدفاعية، التي ارتفعت أسهمها بـ 3.4%.
وفي مؤشر على حماسة الشركات الإسرائيلية لاستغلال قوة الدفع الناجمة عن إعلان الاتفاق، أُعلِنَ عقد اتفاقيات بين شركات إسرائيلية وشركات إماراتية.
فقد كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الـ"12" أن شركة إسرائيلية ستوقع على اتفاق لبيع منتجاتها في الإمارات. وحسب القناة، فإن شركة "بو أند بو" التي تنتج مقتنيات اللياقة البدنية ستوقع على اتفاق مع شركة إماراتية تتولى توزيع منتجاتها في أرجاء الإمارات.

ولفتت القناة إلى أن الاتصالات بين الشركتين بدأت سراً من طريق طرف ثالث، مشيرة إلى أن إعلان اتفاق التطبيع بين أبوظبي وإسرائيل مهد الطريق لتوقيع الاتفاق.
وفي السياق، ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" أمس، أن شركتين من الإمارات وإسرائيل وقعتا اتفاقاً لتطوير عيّنات فحص متطورة للكشف عن وباء كورونا، بحيث يجري التوصل لنتائج الفحص في وقت سريع. وقد وُقِّع الاتفاق بين شركة "Apex National Investment" الإماراتية وشركة "TeraGroup" الإسرائيلية.
وأكد تقرير لصحيفة ذي ماركر الاقتصادية أمس، أن الصناعات العسكرية لدولة الاحتلال، ستكون المستفيد الأول والرابح الأكبر من اتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل. وقال التقرير إن ميزانية الأمن الإماراتية تبلغ 23 مليار دولار سنوياً، وأن إسرائيل تأمل أن تأخذ حصة منها. وأضافت أن التصدير العسكري الأمني الإسرائيلي للإمارات حتى قبل إشهار الاتفاق بين الطرفين بلغ عشرات ملايين الدولارات. 
ويؤكد التقرير أنه على الرغم من الفائد المرتقبة من السياحة ومجالات التعاون الأخرى، إلا أن الحصة الأكبر من أموال الاتفاقية وثمارها ستكون لصناعات السلاح الإسرائيلية. وحسب التقرير، فإن 20 ملياراً من مجمل ميزانية الأمن الإماراتية مخصصة للتزود بالسلاح من الولايات المتحدة، لكن شركات السلاح الإسرائيلية بدأت منذ الأسبوع الماضي تتحدث عن أنّ من شأن الاتفاق أن يكون مؤشراً إيجابياً يعوّض إسرائيل عن تقليص المساعدات العسكرية الأميركية.
وفي تحليل نشرته صحيفة "كلكليست" الاقتصادية، لفت دورون فسكيو، مدير شركة "كونكورد الشرق الأوسط" للاستثمارات، إلى أن الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي سيسمح أولاً للشركات الإسرائيلية التي ارتبطت بعلاقات تجارية مع الإمارات منذ سنين بأن توسع أنشطتها بعد أن تتخلص من قيود السرية على مناشطها هناك.

وضمن الشركات التي يشير إليها فسكيو: شركة "تاهل" المتخصصة في اقتصاديات المياه، وشركة "إلبيت" المتخصصة في صناعة السلاح ومنظومات التسليح والطائرات دون طيار، وشركة الصناعات الجوية المتخصصة في صناعات منظومات الدفاع الجوية وغيرها، وشركة "لوجيك" لتأمين المعلومات.
ونوّه بأن الشركات الأربع حصلت على مليارات الدولارات مع بيع منتجاتها في الإمارات خلال السنوات الست الماضية.
وأشار إلى أن مشروع "دبي مدينة ذكية"، الذي يقوم على تحويل الخدمات في المدينة إلى الجانب الرقمي، يفتح الكثير من الآفاق مع شركات السايبر وشركات التقنية المتقدمة الإسرائيلية، ولا سيما في ظل تعاظم الحاجة إلى تقنيات العمل والتعليم عن بعد.
وأضاف أن كورونا فتحت شهية الإماراتيين للاستثمار في المجال الصحي، وهو ما يمثل مجالاً آخر يمكن الشركات الإسرائيلية الإسهام فيه.
وحسب فسكيو، فإن ما يزيد من عوائد الاستثمار الإسرائيلي، أن الإمارات تضمّ الكثير من صناديق الاستثمار الكبيرة، مشيراً إلى أن ما يُغري بالاستثمار هناك، حقيقة أن الإماراتيين يضعون قيوداً بيروقراطية متدنية على الاستثمار. واستند فسكيو إلى تقرير صادر عن البنك الدولي يشير إلى أن تدشين شركة في الإمارات العربية يتطلب ثمانية أيام والتزام ست قواعد إدارية بسيطة. وأضاف أن الإمارات تسمح للأجانب بالاستحواذ على الشركة بنسبة 100%، بالإضافة إلى أن مناطق التجارة الحرة تحول دون إلزام الشركات بدفع ضرائب.
واستدرك فسكيو بأن مخططات التنمية الإماراتية تشوشت في الأعوام الأخيرة بسبب التوترات في المنطقة إلى جانب دور تفشي وباء كورونا.
من ناحيته، قال أريي فيسمان، المدير العام لشركة "فيسمان" للأثاث إن الاتفاق مع الإمارات يفتح أمام الشركات الإسرائيلية آفاق استثمار كبيرة. وفي مقابلة مع صحيفة "معاريف"، توقع أن تسمح طفرة البناء في كل من أبوظبي ودبي شركات الإنشاءات والأثاث وشركات الصناعات الشمسية الإسرائيلية من الاستثمار بشكل كبير في السوق الإماراتية. وشدد فيسمان، الذي توزع شركته إنتاجها، وتحديداً في مجال طاولات الطعام في أرجاء الإمارات، على أن الشركات الإسرائيلية المتخصصة في مجال الطاقة الشمسية تحديداً سيكون لديها الكثير لتعرضه على الإماراتيين.
وتزامن إعلان الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي مع صدورمعطيات تدل على حجم تراجع الاقتصاد الإسرائيلي. فحسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي التي صدرت أمس، ونشرتها صحيفة "معاريف"، فقد تراجع الناتج القومي الخام لإسرائيل في الربع الثاني من العام الجاري بنسبة 29% بسبب تداعيات انتشار وباء كورونا، وهو ما يعادل 4 أضعاف التراجع الذي طرأ في الفترة نفسها من العام الماضي.

المساهمون