بهلوان

29 نوفمبر 2015
فادي اليازجي/ سورية
+ الخط -

كل ليل يأتي إلى سيوتاديّا ليُحصي نقوده وينام. أراه جوار التمثال ينثرها على الكيس بلا شغف: السنتات الحمراء فئة 1 و2 و5 في كومة. العملة الذهبية، كل على حدة. اليورو الفضي والـ 2 مثلهما ـ أما الورقية، فأندر من ضحكة من القلب.

يفعل هذا بمساعدة فانوس كهربائي لقداحة صينية. يلمّ الغلّة ويتمدّد على كيس النوم زافراً. من مسافة أربع دلبات، ألتقط الذبذبة وأفهم: سنتاته اليوم أقل بكثير من الضحكات التي أشعلها في أفواه الكبار والصغار.

ينام بين أفارقة، غجر، رومانيين ولاتينيين، ليستيقظ دونهم متأخراً، فعمله يصلح بعد العصر فقط، أما هؤلاء (صانعو فقاعات الصابون، فنانو الشوارع، بائعو النظارات والشنط.. إلخ) فالنهار رزقهم.

يغيب حيناً ويحضر آخر، دون أن يفتقده الرفاق. فالكل مشغول بحاله و"يجري ما يدري" كما يقال على الضفة الأخرى. يمرض حيناً ويتعافى حيناً، لكنه كل الوقت مدهون بالبوية.

بعد الإحصاء الروتيني، ينهض للحنفية القريبة، فينزع الأنف الصناعي، ويكحت الدهان بقسوة.. حينها فقط يظهر على حقيقته: ثلاثينياً ناحلاً بحاجة إلى حساء ساخن.
أميغو يا أميغو!

المهنة التي تعلمتها حينما بارت كل "سي في"، لم تعد تجدي. والرفاق من حولك ليسوا أفضل حالاً. على الأقل أنت لا تلاحقك الشرطة. على الأقل أنت الوحيد القادر على إرجاع هذه الديناصورات، إلى أول الطفولة.
يا له من صنيع إعجازي حتى لو عجزت عن الحساء.


اقرأ أيضاً: أطلس مجهول
المساهمون