تقنيات تكنولوجيّة لإدارة الأزمات في المؤسسات

17 فبراير 2015
التكنولوجيا في مواجهة الأزمة (Getty)
+ الخط -
تلازم الأزمة عملية تطور المؤسسات الاقتصادية في كافة مراحلها العمرية من النشأة إلى الانحدار مروراً ‏بالارتقاء. وفي ظل سياق اقتصادي صعب، يمتاز بشدة التنافس وانفتاح الأسواق، تحولت الأزمة إلى مكون ‏رئيسي في علوم الإدارة وتسيير الأعمال. 
وبالتوازي، يزداد التوغل التكنولوجي في جميع مناحي إدارة المؤسسات، فقد ‏توسعت استعمالات التكنولوجيا لتشمل سلسلة القيمة التي تجمع كل العمليات من شراء، تخزين، إنتاج، تسويق وبيع. ثم ‏المسارات المهنية داخل المؤسسة المتعلقة بالبحث والتطوير، والنظام المعلوماتي والذكاء الاقتصادي، وإدارة العلاقة مع الزبون، ‏والمالية والتجهيز و إدارة الموارد البشرية. وكذلك الأساليب الحديثة في التدبير المؤسساتي كالقيادة الاستراتيجية، وإدارة ‏التغيير، والتسيير بالأهداف وإدارة الأزمات. وهنا، لا بد من توضيح مفهوم الأزمة، خصوصاً أنه يثير الكثير من اللبس بتداخله ‏مع مجموعة من المفردات في حقل لغوي واحد، ونحتاج إلى التمييز بين الأزمات، المخاطر، الحوادث، الصراعات، ‏الطوارئ والمشاكل.‏
يعتبر الخطر مجموعة من التهديدات المحتملة على المؤسسة، والتي تحدد وفقاً لاحتمالات وقوع حدث ما ‏يتسبب في خلل تنظيمي له درجة من التأثير في أهداف ومسيرة العمل. أما الصراع فهو المواجهة والخلاف بين الإرادات ‏الفردية أو الجماعية حول علاقات القوة وهوامش المناورة بغاية السيطرة وفرض السلطة. وتعبر الطوارئ عن حالات غير ‏متوقعة تتطلب علاجاً فورياً، والحادث عن خلل عميق له تأثير شامل في المنظومة بأكملها. بينما المشاكل عبارة عن ‏إكراهات وعقبات أمام تقدم الأوضاع وتحتاج إلى حلول لمواصلة الأنشطة.
على الجانب الآخر، تعرف الأزمة كحالة من عدم ‏الاستقرار والتي ينجم عنها شلل في العمل وخسائر في الممتلكات، وفي كثير من الأحيان توقف تام وإنهاء لوجود ‏المؤسسة. وعلى هذا الأساس، فإدارة الأزمات هي الأساليب والأدوات والتقنيات المستعملة لتجاوز الأزمة، معتمدة في ذلك على علم ‏الإدارة للحفاظ على سلامة المؤسسة وتأمين مكتسباتها.
وفي هذا الصدد، نجد أن تكنولوجيا المعلومات والتواصل تلعب دوراً هاماً في مرافقة الأزمة عبر جميع مراحلها. خلال ‏المرحلة الاستباقية لما قبل الأزمة. تساهم التكنولوجيا في تحديد أبعاد تلك الأزمة عبر إشارات الإنذار التي تشخص ‏المؤشرات والأعراض، ويتم استخدام تقنيات متعددة كصور الأقمار الصناعية المستعملة في إطار العلاقات الاقتصادية ‏لرصد وتحليل مجمل الأوضاع، كما تعمل المؤسسات المتطورة على برمجيات لإنشاء جهاز للتأهب يساعد خلية الأزمة ‏على وضع التصورات الرئيسية للأزمات المحتملة وكيفية الوقاية منها. فضلاً عن قواعد البيانات التي تهم جمع وتنقية ‏المعلومات ونظيرتها التي تحلل وتحول المعلومات إلى معارف داخلية في المؤسسة. ‏
على المنوال ذاته، تمكن التكنولوجيا المؤسسات الاقتصادية من إدارة الأزمة عبر تقييم فرضياتها وسيناريوهاتها من خلال ‏برامج التخطيط الزمني والتي توفرها العديد من المواقع الإلكترونية والبحثية، لكي يتم إعداد استراتيجية للأزمة. ‏
داخلياً، تساعد تكنولوجيا الاتصال على احتواء الأزمة وطمأنة العاملين في المؤسسة عبر نشر القيم الإيجابية وتعبئة الفرق ‏لاستعادة التوازن التنظيمي في العمل، خصوصاً من خلال منصات التعلم الإلكتروني التي يجب أن تسهل قبول ‏الأزمة في الداخل وخلق فرص للمحاورة وللمشاركة في صنع واتخاذ القرارات المناسبة. فالتكنولوجيا تحشد ‏الجهود البشرية وتقوي الجبهة الداخلية للمؤسسات، وتجعلها عصية على الاختراق والانكسار.‏
‏أما خارجياً، فالمؤسسات الاقتصادية تحاول صياغة خطاب دقيق، واضح وموزون يحفظ الصورة الرسمية للمؤسسة، ‏ويجعل الأزمة عادية عند المتلقي بتهوين آثارها والاعتذار عن الأخطاء المرتكبة، كنوع من مد الجسور بين المؤسسة ‏وعملائها، وذلك بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي، والإعلان الإلكتروني والموقع الرسمي للمؤسسة على الشبكة ‏العنكبوتية. ‏
وأخيراً، إن إدارة الأزمات أصبحت ضرورة واجبة على المؤسسات الاقتصادية لمواجهة التحديات العصيبة، ولا بد من ‏الإشارة إلى أن الأزمة تحمل في طياتها الخطر كما الفرص، فالتعلم من الأزمة مطلوب لمراجعة أوجه الخلل والقصور ‏وبلورة الضوابط المانعة لتكرارها.
(باحث وأكاديمي مغربي)
المساهمون