اللغة الإنجليزية استثمار تعليمي في المغرب

27 يوليو 2015
التهامي بن بوجيدة (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يكن تعلم اللغة الإنجليزية حتى وقت قريب في المغرب، من أولويات الأسر تجاه أبنائها. وظلت هذه اللغة تعتبر الثانية بعد الفرنسية في النظام التعليمي المغربي، ويتعلم التلاميذ أساسياتها حتى المرحلة الثانوية. لكن متطلبات سوق العمل الجديدة، دفعت الطلاب للبحث عن تحسين مستواهم في الحديث والكتابة باللغة الإنجليزية، وهو مسار يحتاج توجّهاً نحو المعاهد الخاصة، والتي تفرض رسوماً تبدأ من 3000 درهم (حوالى 305 دولارات) شهرياً.

ووسط "تسونامي" معاهد اللغات التي فتحت في المغرب، أنشأ الشاب التهامي بن بوجيدة، ابن مدينة فاس، معهد "British Workshop"، واختار أن يكون معهده مفتوحاً أمام جميع فئات المجتمع، عبر تقديم التسهيلات في أداء الأقساط الشهرية، واستهداف فئات مجتمعية في حاجة إلى تعلم اللغة الإنجليزية، تستفيد من الحصص بالمجان.

ولم تكن علاقة التهامي باللغة الإنجليزية وتعليم أصولها صدفة، فحسب حديثه مع "العربي الجديد"، حصل على الإجازة من الجامعة العمومية المغربية، وتحديدا كلية الآداب والعلوم الإنسانية في مسقط رأسه، وبعد تفوقه في تخصص اللغة الإنجليزية وأدبها، قرر السفر خارج المغرب، ليستقر به الحال في مدينة نيويورك الأميركية، ويحصل فيها من جامعتها على الماجستير في شعبة التسويق الإداري والتجاري، ويشتغل بعد ذلك خبيراً في التواصل اللغوي.

ودفعت المزاوجة بين تملك اللغة الإنجليزية وأصول التسيير الإداري والتجاري التهامي بن بوجيدة إلى تأسيس مشروعه، والذي قال عنه إن أهدافه تنقسم إلى ثلاثة محاور. أولها إنشاء معهد "يقوم بما يسمى الدعم الاجتماعي، وتقوية النسيج التضامني". وأكد التهامي أن هذا الهدف، يترجم داخل المعهد عبر إعطاء دروس مجانية منتظمة لأطر مؤسسات تهتم بالعمل التطوعي، وتضم هيئات حكومية وخاصة بالإضافة إلى الجمعيات التي تشتغل في إطار فلسفة "المبادرة الوطنية للتنمية البشرية". حيث يوفر المعهد سنويا 70 مقعداً مجانياً لتعلم الإنجليزية تستفيد منها مختلف الجهات المذكورة سلفاً، زائد الأفراد الذين يختارهم المعهد.

المحور الثاني الذي يهتم به معهد "British Workshop" حسب صاحبه، يتمثل في طرح حلول تكوينية لفائدة الأطر والموظفين بما يتناسب ووضعهم الاجتماعي والاقتصادي. وأوضح التهامي أن هذا المحور يركز على توقيع شراكات مع الإدارات العمومية والخاصة، تحديداً العاملة في مجالات لها امتدادات في مجالات الاقتصاد والمالية، التواصل، والأعمال والمهام التي تمتد خارج أرض المغرب.

وأخيراً يوفر المعهد كما جاء على لسان التهامي بن بوجيدة، التحصيل الدراسي واللغوي الذي يتناسب مع البيداغوجية المعمول بها في المعاهد الرسمية وغير الرسمية المعترف بها. لكن في إطار تسهيلات تمكّن من الحصول على شهادات تخول إتمام التحصيل الدراسي في معاهد متخصصة في بريطانيا.

ويؤمن التهامي بن بوجيدة بأن معهده يدخل في إطار "استراتيجية بعيدة المدى، غايتها تحقيق التنمية المستدامة في تكوين العنصر البشري، وجعل اللغة الإنجليزية وسيلة للحصول على فرص عمل داخل وخارج المغرب، وألا تكون فقط وسيلة للتواصل، بل كذلك، وسيلة لفهم القضايا السياسية والاقتصادية والتكنولوجيا العالمية، التي أصبح الجديد منها متاحاً فقط باللغة الإنجليزية".

وقد بدأ العمل في مشروع "British Workshop" من قبل شخصين فقط، التهامي وزوجته، قبل أن ينتقل إلى 22 مدرساً إضافة إلى العمال في المعهد. وتستقبل أقسامه أكثر من 1500 تلميذ في السنة. نمو المشروع دفع التهامي إلى فتح فرع ثان له وسط العاصمة الاقتصادية، الدار البيضاء. وانتقل المعهد من مرحلة التواصل المباشر مع المؤسسات والأفراد من أجل الاستفادة من خدماته، إلى احتلال مساحات إعلانية في شوارع المدن المغربية، وهو انتقال يرى فيه صاحب المعهد نجاحاً مقارنة ببداية مشروعه الصغيرة قبل سنوات.

وأصبح للمعهد أخيراً صيت عالمي، بعد أن قرر التهامي بن بوجيدة الدخول على الخط في قضية الشاب المغربي، محمد العدالة، الملقب بـ "سيمو"، والفتاة الأميركية، "ربيكا"، لتمكين الشاب من تعلم اللغة الإنجليزية. وقصة الشابين التي تناقلتها وسائل الإعلام العالمية بدأت حين اختارت "ربيكا" زيارة صديقها في المغرب دون علم عائلتها. وبعد تدخل سفارة بلدها في المغرب وإرجاعها إلى حضن أسرتها، وعد السفير الأميركي في المغرب الشاب "سيمو" بتسهيل سفره إلى "بلاد العم سام" بعد بلوغ "ربيكا" سن الرشد، شريطة تفوقه في الدراسة وتعلم اللغة الإنجليزية، وذلك ما تعهد "British Workshop" بتوفيره مجاناً لـ "سيمو العدالة" حتى يحين موعد سفره إلى الولايات المتحدة الأميركية.
المساهمون