8 أعوام على استشهاد الفتى المقدسي محمد أبو خضير.. وجع يلازم عائلته

القدس المحتلة

محمد عبد ربه

avata
محمد عبد ربه
03 يوليو 2022
محمد أبو خضير
+ الخط -

رغم مرور ثمانية أعوام على استشهاد الفتى المقدسي محمد حسين أبو خضير حرقاً على أيدي مستوطنين، فإن والديه وإخوته يعيشون مرارة تلك الجريمة التي أودت بحياة نجلهم، في فجر رمضان آنذاك، بعد أن أدى صلاة الفجر في المسجد المجاور لمنزل عائلته، ولا يزال "شهيد الفجر" حاضراً بينهم.

فجر الثاني من يوليو/تموز عام 2014، كانت سيارة تقلّ ثلاثة من المستوطنين قد توقفت قليلاً بجوار الفتى أبو خضير (16 عاماً)، واختطفه ركابها على عجل، ثم نقلوه إلى غابة في قرية دير ياسين المهجرة، ليرتكبوا هناك جريمتهم البشعة بحرقه حياً، بعد أن سكبوا الوقود في فمه ووقفوا فوق جسده الغض يرقصون فرحين بجريمتهم.

أمس السبت، صادف الذكرى الثامنة لاستشهاد محمد، ولا تزال تفاصيلها عالقة في ذاكرة والديه وعموم أفراد أسرته.

العائلة وزّعت قبل يومين دعوة على أصدقائها ومحبي الشهيد لإحياء ذكراه، حضرها وشارك فيها من بقي وفياً لدم الفتى المغدور. غاب كثيرون، لكن العائلة بمن حضر أحيت الذكرى بمسيرة إلى قبر نجلها، في بلدة شعفاط شمالي القدس المحتلة، تقدمها والدا الشهيد وعدد من رجال الدين الإسلامي والمسيحي ورموز وطنية.

الصورة
أسرة الفتى المقدسي محمد أبوخضير (العربي الجديد)
أسرة الفتى المقدسي الشهيد محمد أبو خضير (العربي الجديد)

كانت الخطوات تسير نحو المقبرة بتسارع، أما خطى والدي الشهيد فكانت بطيئة وثقيلة، وهي تتقدم نحو القبر. ولم يخف والده وجعه هو ووالدته وإخوته، بينما يتحدث عن نجله الذي ما زالت العائلة تفتقده ويعتصرها الحزن على فراقه.

يقول والد الشهيد لـ"العربي الجديد": "يا وجع القلب يا محمد، لا تمرّ ذكرى استشهاده حتى تنتابنا قبلها بأسبوع أو شهر، مشاعر ألم عظيمة تسوء معها حالتنا، تعود بنا الذكرى إلى تلك الأيام العصيبة. صحيح أنهم حرقوه وارتقى شهيداً، لكننا نحن نحترق كل يوم لما حلّ بنجلنا، لا يعلم عظيم ألمنا إلا الله وحده، كلما تذكرنا كيف تم حرقه لا نملك إلا التوجه لله بأن يمنحنا الصبر، لا نريد في حياتنا بعد محمد إلا الصبر وقوة الاحتمال".

رغم كل الألم الذي تعيشه عائلة الشهيد محمد أبو خضير كل عام، إلا أنها تصرّ على إحياء ذكراه، ويقول والد الشهيد: "دلالات هذه الذكرى تذكير العالم كله بالجريمة النكراء، لقد حرقوا الطفولة كلها، لم يحرقوا محمد وحده، وهم لا يميزون بين طفل أو شيخ أو امرأة، يستهدفون الكل، والطفل الفلسطيني تحديداً يجب حرقه ورمي رماد جثته على رؤوس الجبال، هذا ما يقول تلمودهم ويقولون وقد اعترفوا بجريمتهم بناء على ذلك، أي يجب حرق أطفال الأغيار".

الصورة
الفتى المقدسي محمد أبوخضير (العربي الجديد)
دلالات هذه الذكرى تذكير العالم كله بالجريمة النكراء (العربي الجديد)

ويشير والد أبو خضير إلى أن "العنصرية في إسرائيل هي التي تحكم الآن. كان هناك في سنوات السبعينيات والثمانينيات ما يسمى باليسار الإسرائيلي، الآن لا وجود لهم بالمطلق، فالكل انحاز لليمين وللتطرف، وهو الذي يحكم الآن"، وفق ما يقول.

في 3 مايو/أيار 2016، حكم على المستوطن يوسف حاييم بن ديفيد، الذي كان يقيم حينها في مستوطنة قرب القدس، والذي اعتبر العقل المدبر لعملية قتل أبو خضير، بالسجن المؤبد، وهي العقوبة القصوى. كما حكم عليه بالسجن 20 عاماً أخرى لإدانته بجرائم أخرى، وأمرته المحكمة بدفع تعويض مقداره 150 ألف شيقل بالعملة الإسرائيلية لعائلة الفتى الشهيد.

أما شريكاه في الجريمة وهما ابنا أخيه، اللذان لم يتم تسميتهما في حينه لأنهما كانا قاصرين، فقد حكمت محكمة في 4 فبراير/شباط عام 2018، بالسجن المؤبد لأحدهما و21 عاماً للثاني.

لكن، هل نال القتلة ما يستحقون من عقوبة على جريمتهم؟ يجيب والد الشهيد محمد: "في الحقيقة لم ينالوا ما يستحقونه، لم نأخذ حق ابني قطعياً، ولم يشف قرار المحكمة بحبس القتلة صدورنا، هذا هو قضاؤهم الذي لا نرجو منه خيراً، تخيلوا ماذا سيكون التعامل لو كان الفاعل عربياً؟ ماذا لو قام فلسطيني بحرق إسرائيلي حياً؟ ماذا تتوقعون أن يكون رد فعل الحكومة؟ حتماً ستقوم في أقل من أسبوع بهدم منزله بدون أي محاكمة".

ويتابع والد الشهيد أبو خضير "ولو كان الفاعل عربياً فإنها ستفرض عليه عقوبة السجن آلاف المؤبدات، ولن يكتفوا بذلك، بل سيعتقلون كل أفراد عائلته، لكن ما جرى هو أنهم اكتفوا بسجن القاتل الرئيسي يوسف بن حاييم بمؤبد وعشرين سنة إضافية، هل هذا حكم يفرض على خاطف وقانل وحارق ومتهم بمحاولات خطف واعتداء بالحرق على ممتلكات في حزما وصور باهر في القدس".

ويؤكد والد الشهيد "هذا قضاء عنصري يفرّق في أحكامه لصالح مجرميه، بينما هو يفرض عقوبة السجن نحو عشر سنوات على الطفل أحمد مناصرة، رغم أنه لم يفعل شيئاً، وكل ذنبه أنه كان برفقة ابن عمه الشهيد! بالأمس فقط حكموا على ابن عم لي بالسجن ثماني سنوات بتهمة إلقاء حجارة، أليس غريباً بعد كل هذا أن يحكم القتلة بمثل هذه الأحكام المخففة؟".

لا يبث والد الشهيد شكواه إلا لله وحده، كما يقول، ويضيف: "إذا كان القاضي غريمك لمين بدك تشكي؟ فقط لله وحده".

ذات صلة

الصورة
الطبيب الفلسطيني عصام أبو عجوة في مستشفى الأهلي المعمداني في دير البلح (الأناضول)

مجتمع

بعد اعتقال دام 200 يوم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلية، عاد الطبيب الفلسطيني المتقاعد عصام أبو عجوة (63 عاما)، لممارسة عمله رغم الظروف القاسية
الصورة
المشهد حول سجن "عوفر" قبيل ساعات من الإفراج عن أسرى بموجب صفق التبادل (العربي الجديد)

سياسة

دان نادي الأسير الفلسطيني، جريمة الإعدام الميداني التي نفّذها جيش الاحتلال بحق أربعة أسرى من غزة، مشيراً إلى أنها تشكّل جريمة حرب جديدة
الصورة
المستوطنون يدمرون مشاريع الفلسطينيين ومحالّهم (Getty)

تحقيقات

يقتل المستوطنون بمعاونة الجيش الإسرائيلي آمال الفلسطينيين في حياة كريمة، إذ ينهبون مصادر دخلهم ومشاريع عمرهم، وما لا يمكنهم الاستيلاء عليه يدمرونه
الصورة
 معطان في منزله بعد الإفراج عنه في 20 مايو (العربي الجديد)

مجتمع

لا يعلم الأسير الفلسطيني السابق عبد الباسط معطان (50 عاماً) المريض بالسرطان، الكثير عن وضعه الصحي، فهو يرتاد منذ أن أفرج عنه في 20 مايو/أيار الجاري.
المساهمون