محمد طرمان.. نازح سوري فقد ابنتيه ويعاني مع مرض ابنه بسبب الحرب

19 يوليو 2024
يعيش النازح السوري حياة صعبة في المخيم، 19 يوليو 2024 (العربي الجديد)
+ الخط -

فقد النازح السوري محمد طرمان ابنتيه بسبب الحرب السورية وظروف المخيمات التي تنعدم فيها أدنى شروط الحياة، فيما يحارب من أجل توفير الأدوية اللازمة لعلاج ابنه الذي أصيب بضمور الدماغ في عمر خمسة أشهر، ويعاني من وضع صحي صعب.

الثلاثيني محمد طرمان واحد من بين مئات الآلاف من السوريين الذين فقدوا أبناءهم وبعضًا من ذويهم بسبب الحرب منذ انطلاقة الثورة عام 2011. منهم من مات داخل المعتقلات، ومعظمهم هلك بالقصف الجوي أو المدفعي، إضافة إلى خسارة منازلهم وممتلكاتهم بسبب عمليات النزوح المتكررة واضطرارهم للبحث عن الأمان النسبي داخل مخيمات تفتقر إلى أدنى متطلبات الحياة.

جمع طرمان بين الخسارة البشرية والمادية، وهُجِّر من قريته معر شورين شرق مدينة معرة النعمان عام 2019 أثناء الحملة العسكرية على المنطقة، ليصل إلى مخيم قرب قرية زردنا بريف إدلب الشرقي شمال غربي سورية، ويعيش فيه حتى اليوم.

قُتلت ابنته الأولى في غارة من الطيران الحربي التابع للنظام السوري في قريته معر شورين قبل التهجير، وخطف المرض ابنته الثانية بسبب سوء حياة المخيمات. كما مرض ابنه يوسف، الذي يعيش حاليًا حياة قاسية مع والديه في المخيم. يقول لـ"العربي الجديد": "كنت في قريتنا على مائدة الفطور مع زوجتي وابنتي الوحيدة فاطمة آنذاك، ليُستهدف منزلنا بأربعة صواريخ من الطيران الحربي التابع لنظام الأسد. نجونا أنا وزوجتي، لكن ابنتي فاطمة ذات التسعة أشهر لفظت أنفاسها الأخيرة بعد إخراجها من تحت ركام المنزل".

ويضيف محمد طرمان: "اضطررنا للنزوح لاحقًا من الريف الجنوبي إلى الريف الشمالي لإدلب بحثا عن الأمان، وبعد استقرارنا، عوضني الله بابني يوسف، الذي بقي في حالة صحية جيدة حتى أصيب بضمور الدماغ في عمر الخمسة أشهر." استمرت حالة يوسف الصحية بالتراجع عدة أشهر، وفقد السمع والنطق وتضررت أعصاب جسمه. السبب الرئيسي كان عدم قدرة الأب على تأمين الأدوية اللازمة للعلاج في الأوقات المحددة وعدم ملاءمة ظروف الحياة في المخيم للحالة المرضية.

وصل بابنه إلى طبيب مختص معروف في المنطقة بكفاءته العالية، وساعد في علاجه من دون مقابل في الاستشارات الطبية، وكان يرشده إلى الصيدليات الخيرية لتأمين الأدوية المتوفرة هناك قدر المستطاع. ويشير إلى أنه بمساعدة هذا الطبيب وفاعلي الخير الذين قدموا ثمن الأدوية غير المتوفرة في الصيدليات الخيرية، تحسنت صحة يوسف كثيرًا، وأصبح قادرًا على تحريك أطرافه والمشي. لم يعد الآن بحاجة سوى لعملية زرع القوقعة في الأذن ليستعيد سمعه ونطقه. مؤخرًا، سجل طرمان دورًا لابنه يوسف في إحدى المؤسسات الخيرية التي تقدم عمليات زراعة القوقعة وينتظر الموافقة.

رُزق النازح السوري بابنته سامية مع ابنه يوسف، وكانت صحتها جيدة حتى عمر التسعة أشهر، عندما بدأت أسنانها بالظهور وأصيبت بالحمى التي تطورت بعد أيام إلى مرض الحصبة، كما أصيبت بعدوى الجدري. وقتها كان معظم أطفال المخيم قد أصيبوا بهذا المرض الجلدي. لم يحتمل جسد الطفلة الرضيعة كمية الأدوية وظروف حياة الخيمة مع ارتفاع درجات الحرارة، وفقدت حياتها نتيجة الظروف القاسية التي لا تقوى على مواجهتها أجساد البالغين.

محمد طرمان: أي ذنب اقترفناه لحياة قاسية؟

يقول طرمان: "بسبب الحرب القاسية، فقدت فاطمة وسامية، وولدي يوسف يواجه الخطر الدائم على صحته. كل ما أتمناه اليوم هو دوام الصحة والعافية لعائلتي. ما من ذنب اقترفناه حتى نعيش حياة قاسية في سورية. أرجو أن نتمكن من العودة إلى ديارنا في أمن وأمان، حيث بيتي ورزقي".

يعمل النازح السوري وزوجته في المياومة بالأراضي الزراعية المجاورة للمخيم. في أحسن الأحوال يحصلان على 160 ليرة تركية، وهو مبلغ لا يكفي سوى للبقاء على قيد الحياة ولا يمكنه تأمين وضع أفضل بالانتقال إلى منزل في إحدى القرى المجاورة وتحمل مصاريف الحياة.

لا يمكن لحياة طرمان ومعه مئات الآلاف من السوريين أن تتحسن سوى بعودة آمنة وكريمة إلى ديارهم بعد الوصول إلى حل سياسي، وهذا ما يشعر معظمهم تجاهه باليأس.

المساهمون