تنشر "العربي الجديد" تحقيقاً حول العيادات الجوالة في شمالي غرب سورية، بالتعاون مع منظمة "أطباء بلا حدود" التي تدير هذا المشروع في منطقة خرج معظم منشآتها الصحية عن الخدمة
نتيجة لتصاعد العنف في شمالي غرب سورية، قُصفت مستشفيات عدة وخرجت عن الخدمة، منها مستشفى معرة النعمان، وهو أكبر مستشفى في منطقة جنوب إدلب. كذلك، أخليت مستشفيات منظمة "أطباء بلا حدود" بدورها عندما امتدت الأعمال الحربية إلى منطقة قريبة منها. والمستشفيات التي تقع شمالاً تعمل بأقصى طاقتها وقد تبرعت المنظمة بمواد طبية لمستشفيات أخرى لدعم أنشطتها.
ومع وصول موجة تلو الأخرى من الأسر النازحة، فقد وسّعت فرق العيادات الجوالة التابعة للمنظمة من أنشطتها لتشمل توزيع البطانيات، ووقود التدفئة المصنوع محلياً وغيرها من مستلزمات الشتاء، كما زاد فريق هندسة المياه من عمله بحفر مراحيض في مناطق تتركز فيها الأسر الواصلة حديثاً، بالإضافة إلى زيادة كميات مياه الشرب التي يجري توزيعها.
في منطقة الدانة، شهدت فرق المنظمة التي تقدم الرعاية الطبية في مخيم دير حسان، وصول نازحين على طول فترة العملية العسكرية. يقول أحمد، وهو ممرض يعمل في المنظمة: "يقولون إنّ الرحلة كانت شديدة الصعوبة، فقد تركوا كلّ شيء وهربوا وأمَّن لهم بعض المتطوعين مركبة تقلهم. بعض الأسر الأخرى نزحت ليلاً لكنّها لم تستخدم أضواء السيارات فوقعت حوادث من جراء ذلك على الطريق".
يتألف مخيم دير حسان من تجمعات سكنية مرتجلة عدة، وقد وصل أكثر من 11 ألف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وقد تلقى هؤلاء النازحون حديثاً، سلة طوارئ غذائية صغيرة فقط تحتوي أطعمة معلبة، لكنّهم لم يحصلوا على مأوى أو أدوات تدفئة. تقول أم لأربعة أطفال إنّها تشاركت مع أسرة من ستة أفراد ووضعوا كلّ ما لديهم من مال لشراء خيمة كي لا يتركوا أطفالهم في العراء في مثل هذا الجو البارد. بعض الأسر تتشارك الخيام مع الأقارب، لكنّها سرعان ما تصبح مكتظة. والوضع بشكل عام حرج، وللاستجابة لزيادة أعداد النازحين في مخيم دير حسان، تدير "أطباء بلا حدود" عيادة جوالة ثانية لتقديم الرعاية الصحية الأولية.
اقــرأ أيضاً
أما في منطقة حارم، وهي منطقة جبلية في شمالي غرب إدلب، فقد وزع فريق "أطباء بلا حدود" مواد إغاثية في 7 يناير/ كانون الثاني الجاري لـ52 أسرة كانت قد وصلت للتو، وقد فرّ أفرادها من مخيم للنازحين على مقربة من خطوط الجبهة، وبالنسبة لبعض الأسر هذه هي المرة الثالثة أو الرابعة التي ينزحون فيها للنجاة بأرواحهم. يقول منسق مشروع المنظمة في شمال إدلب، كريستيان ريندرز: "مع وجود أكثر من مليون نازح مسبقاً في المنطقة، يشكل نقص المأوى والاعتماد شبه الكلي على المساعدات مشاكل متفاقمة". ويضيف: "أحياناً لا يتوافر مكان للأسر الواصلة حديثاً في المخيمات الرسمية، وفي المخيمات الأخرى يُطلب من الناس أن يجلبوا معهم خيامهم أو ما يؤويهم. هناك منظمات تعمل على حلّ هذا الوضع، لكنّه في الوقت الراهن يشكل معضلة كبيرة. علاوة على ذلك، فليس هناك سوى قليل جداً من فرص الكسب، فيما تضخم الأسعار في سوق الأغذية مرتفع جداً، لذلك يستدين الناس من دون أمل في أن يتمكنوا من السداد، وبمرور الوقت يصبحون معتمدين بشكل كلي على المساعدات".
بدوره، يقول أحد مديري الأنشطة اللوجستية في "أطباء بلا حدود": "هناك كثير من الحزن واليأس في هذه المخيمات. تحدثت مع رجل كان ينتظر دوره أثناء توزيع مساعدات وسألته عن أمنياته وخططه. فأجابني بصوت منكسر أنّ أقصى أمانيه هي أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يضطر فيها مع أسرته للنزوح. فما عساك تجيبه؟".
في الجزء الشمالي من محافظة إدلب تدير "أطباء بلا حدود" أربع عيادات جوالة تتناوب على زيارة أكثر من 15 مخيماً وتجمعاً غير رسمي. وتجري الطواقم الطبية نحو 4.500 استشارة كلّ شهر، ونحو نصف المرضى هم من الأطفال ما دون سن الخامسة عشرة. أما الشكاوى الطبية الأكثر شيوعاً فهي عدوى الجهاز التنفسي، بينما أكثر العوامل المرضية شيوعاً بين الواصلين الجدد هي الصدمة النفسية. هنالك أيضاً كثير من المرضى في حاجة إلى علاج في مستشفيات كإصابات الحرب التي باتت ملتهبة أو ذوي الأمراض المزمنة الذين لم يحصلوا على الدواء منذ مدة طويلة.
وتقدم فرق "أطباء بلا حدود" في شمالي غرب سورية، الرعاية الصحية للأمهات، والرعاية الصحية العامة وعلاج الأمراض غير المعدية من خلال عيادات جوالة. كذلك، توزع المواد الإغاثية وتحسن أنظمة الماء والصرف الصحي. وتدعم أيضاً أنشطة التلقيح الدورية في مركزي لقاح ومستشفى ومن خلال خدمات العيادات الجوالة. وفي المنطقة نفسها أيضاً، تدير المنظمة وحدة متخصصة لعلاج الحروق، تقدم خدمات الجراحة وتطعيم الجلد والتضميد والعلاج الفيزيائي والدعم النفسي. وتقدم "أطباء بلا حدود" الدعم عن بعد للرعاية الصحية الأولية والثانوية في مستشفيات وعيادات عدة في محيط إدلب وحلب، ولديها شراكات إدارة مشتركة مع ثلاثة مستشفيات.
كذلك، تستمر برامج منظمة "أطباء بلا حدود" في عملها في محافظات الرقة والحسكة وحلب في شمالي شرق سورية، وذلك بالرغم من تخفيضها بشكل مؤقت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وقد استأنفت "أطباء بلا حدود" بشكل مطرد بعض أنشطتها في مخيمات الرقة والهول والروج ونيروز، وعين العرب/ كوباني، واليعربية/ تل كوجر، لكنّها لم تتمكن بعد من العودة إلى دعم مستشفى تل أبيض في شمالي شرق سورية، ولا من العودة إلى المنطقة المحيطة التي فرّ منها معظم السكان، بمن فيهم الطواقم الطبية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وتجدر الإشارة إلى أنّ منظمة "أطباء بلا حدود" لا تتلقى أيّ تمويل حكومي لعملها في سورية، وذلك لضمان استقلاليتها عن الضغوط السياسية.
ومع وصول موجة تلو الأخرى من الأسر النازحة، فقد وسّعت فرق العيادات الجوالة التابعة للمنظمة من أنشطتها لتشمل توزيع البطانيات، ووقود التدفئة المصنوع محلياً وغيرها من مستلزمات الشتاء، كما زاد فريق هندسة المياه من عمله بحفر مراحيض في مناطق تتركز فيها الأسر الواصلة حديثاً، بالإضافة إلى زيادة كميات مياه الشرب التي يجري توزيعها.
في منطقة الدانة، شهدت فرق المنظمة التي تقدم الرعاية الطبية في مخيم دير حسان، وصول نازحين على طول فترة العملية العسكرية. يقول أحمد، وهو ممرض يعمل في المنظمة: "يقولون إنّ الرحلة كانت شديدة الصعوبة، فقد تركوا كلّ شيء وهربوا وأمَّن لهم بعض المتطوعين مركبة تقلهم. بعض الأسر الأخرى نزحت ليلاً لكنّها لم تستخدم أضواء السيارات فوقعت حوادث من جراء ذلك على الطريق".
يتألف مخيم دير حسان من تجمعات سكنية مرتجلة عدة، وقد وصل أكثر من 11 ألف شخص خلال الأسابيع الثلاثة الماضية. وقد تلقى هؤلاء النازحون حديثاً، سلة طوارئ غذائية صغيرة فقط تحتوي أطعمة معلبة، لكنّهم لم يحصلوا على مأوى أو أدوات تدفئة. تقول أم لأربعة أطفال إنّها تشاركت مع أسرة من ستة أفراد ووضعوا كلّ ما لديهم من مال لشراء خيمة كي لا يتركوا أطفالهم في العراء في مثل هذا الجو البارد. بعض الأسر تتشارك الخيام مع الأقارب، لكنّها سرعان ما تصبح مكتظة. والوضع بشكل عام حرج، وللاستجابة لزيادة أعداد النازحين في مخيم دير حسان، تدير "أطباء بلا حدود" عيادة جوالة ثانية لتقديم الرعاية الصحية الأولية.
أما في منطقة حارم، وهي منطقة جبلية في شمالي غرب إدلب، فقد وزع فريق "أطباء بلا حدود" مواد إغاثية في 7 يناير/ كانون الثاني الجاري لـ52 أسرة كانت قد وصلت للتو، وقد فرّ أفرادها من مخيم للنازحين على مقربة من خطوط الجبهة، وبالنسبة لبعض الأسر هذه هي المرة الثالثة أو الرابعة التي ينزحون فيها للنجاة بأرواحهم. يقول منسق مشروع المنظمة في شمال إدلب، كريستيان ريندرز: "مع وجود أكثر من مليون نازح مسبقاً في المنطقة، يشكل نقص المأوى والاعتماد شبه الكلي على المساعدات مشاكل متفاقمة". ويضيف: "أحياناً لا يتوافر مكان للأسر الواصلة حديثاً في المخيمات الرسمية، وفي المخيمات الأخرى يُطلب من الناس أن يجلبوا معهم خيامهم أو ما يؤويهم. هناك منظمات تعمل على حلّ هذا الوضع، لكنّه في الوقت الراهن يشكل معضلة كبيرة. علاوة على ذلك، فليس هناك سوى قليل جداً من فرص الكسب، فيما تضخم الأسعار في سوق الأغذية مرتفع جداً، لذلك يستدين الناس من دون أمل في أن يتمكنوا من السداد، وبمرور الوقت يصبحون معتمدين بشكل كلي على المساعدات".
بدوره، يقول أحد مديري الأنشطة اللوجستية في "أطباء بلا حدود": "هناك كثير من الحزن واليأس في هذه المخيمات. تحدثت مع رجل كان ينتظر دوره أثناء توزيع مساعدات وسألته عن أمنياته وخططه. فأجابني بصوت منكسر أنّ أقصى أمانيه هي أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يضطر فيها مع أسرته للنزوح. فما عساك تجيبه؟".
في الجزء الشمالي من محافظة إدلب تدير "أطباء بلا حدود" أربع عيادات جوالة تتناوب على زيارة أكثر من 15 مخيماً وتجمعاً غير رسمي. وتجري الطواقم الطبية نحو 4.500 استشارة كلّ شهر، ونحو نصف المرضى هم من الأطفال ما دون سن الخامسة عشرة. أما الشكاوى الطبية الأكثر شيوعاً فهي عدوى الجهاز التنفسي، بينما أكثر العوامل المرضية شيوعاً بين الواصلين الجدد هي الصدمة النفسية. هنالك أيضاً كثير من المرضى في حاجة إلى علاج في مستشفيات كإصابات الحرب التي باتت ملتهبة أو ذوي الأمراض المزمنة الذين لم يحصلوا على الدواء منذ مدة طويلة.
وتقدم فرق "أطباء بلا حدود" في شمالي غرب سورية، الرعاية الصحية للأمهات، والرعاية الصحية العامة وعلاج الأمراض غير المعدية من خلال عيادات جوالة. كذلك، توزع المواد الإغاثية وتحسن أنظمة الماء والصرف الصحي. وتدعم أيضاً أنشطة التلقيح الدورية في مركزي لقاح ومستشفى ومن خلال خدمات العيادات الجوالة. وفي المنطقة نفسها أيضاً، تدير المنظمة وحدة متخصصة لعلاج الحروق، تقدم خدمات الجراحة وتطعيم الجلد والتضميد والعلاج الفيزيائي والدعم النفسي. وتقدم "أطباء بلا حدود" الدعم عن بعد للرعاية الصحية الأولية والثانوية في مستشفيات وعيادات عدة في محيط إدلب وحلب، ولديها شراكات إدارة مشتركة مع ثلاثة مستشفيات.
كذلك، تستمر برامج منظمة "أطباء بلا حدود" في عملها في محافظات الرقة والحسكة وحلب في شمالي شرق سورية، وذلك بالرغم من تخفيضها بشكل مؤقت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي. وقد استأنفت "أطباء بلا حدود" بشكل مطرد بعض أنشطتها في مخيمات الرقة والهول والروج ونيروز، وعين العرب/ كوباني، واليعربية/ تل كوجر، لكنّها لم تتمكن بعد من العودة إلى دعم مستشفى تل أبيض في شمالي شرق سورية، ولا من العودة إلى المنطقة المحيطة التي فرّ منها معظم السكان، بمن فيهم الطواقم الطبية في أكتوبر/ تشرين الأول 2019.
وتجدر الإشارة إلى أنّ منظمة "أطباء بلا حدود" لا تتلقى أيّ تمويل حكومي لعملها في سورية، وذلك لضمان استقلاليتها عن الضغوط السياسية.