سيارات بالمشاركة في موسكو

10 مارس 2019
إحدى سيارات التقاسم (العربي الجديد)
+ الخط -
مع ارتفاع تكاليف شراء سيارة جديدة وصيانتها والتأمين عليها، تتجه أعداد متزايدة من شباب العاصمة الروسية موسكو إلى استخدام تطبيقات تقاسم السيارات، أو السيارات بالمشاركة، التي بات لها حضور لافت في الشوارع، وهي تختلف عن تطبيقات سيارات الأجرة، إذ إنّ سيارات التقاسم يكون مستأجرها هو السائق. وبحسب الأرقام الأخيرة الصادرة عن بلدية موسكو، فإنّ سوق تقاسم السيارات فيها سجل زيادة بمقدار 40 ضعفاً خلال أربع سنوات فقط، ليرتفع عدد الرحلات على متن السيارات التابعة لشركات التقاسم إلى 85 ألف رحلة يومياً. وهو ما يدلّ على الأوضاع المعيشية الصعبة أولاً، وعلى دور التكنولوجيا في حياة الشباب وما تجرّه من تغير في العلاقات الاجتماعية، وعلى التفضيلات الخاصة بالشباب الروسي.

سجل عدد السيارات في هذا السوق قفزة كبيرة في عام 2018، مسجلاً ارتفاعاً من 11 ألفاً و500 سيارة، إلى نحو 17 ألفاً، ليأتي السوق الروسي في المرتبة الأولى عالمياً في وتيرة النمو، وسط توقعات بتجاوزه 21 ألف سيارة هذا العام.




وتشير بيانات وكالة "بلومبيرغ" الاقتصادية، إلى أنّ موسكو باتت تحل بالمرتبة الثانية عالمياً بعد العاصمة اليابانية طوكيو في عدد السيارات المعروضة للإيجار بنظام التقاسم، متفوقة في هذا المؤشر حتى على بكين وشنغهاي الصينيتين. لكنّ ارتفاع الطلب على هذه الخدمة الحديثة ما كان له أن يمر دون أن يؤدي إلى زيادة الأسعار على خدمات تقاسم السيارات. وفي نهاية العام الماضي وبداية العام الجديد، أقدمت كبرى شركات تقاسم السيارات، بما فيها "ياندكس. درايف" و"ديليموبيل"، على رفع التعرفات، بنسبة توازي 40 في المائة، لتبلغ 7 روبلات (أكثر من 10 سنتات أميركية) في المتوسط للدقيقة الواحدة، أو ما يعادل 6 إلى 7 دولارات في الساعة، ما دفع بكثيرين للمقارنة بين الجدوى الاقتصادية من استخدام تطبيقات التقاسم أو شراء سيارة خاصة أو الاعتماد على سيارات الأجرة ووسائل النقل العام.

في هذا الإطار، استطلعت "العربي الجديد" آراء عدد من المشاركين بمجموعة "أحاديث تقاسم السيارات" على شبكة "فكونتاكتي" الروسية للتواصل الاجتماعي، وأجمع معظمهم على أنّ تقاسم السيارات ليس أفضل من حيازة سيارة شخصية، لكنّه قد يكون حلاً مؤقتا للشباب. وتجمع هذه المجموعة نحو 8500 مستخدم من المهتمين بخدمات تقاسم السيارات يشاركون بعضهم البعض معلومات وانطباعات عن قيادة السيارات المستأجرة.

يعتبر الثلاثيني إدغار أن لا مجال للمقارنة بين تقاسم السيارات وامتلاك سيارة شخصية، مشيراً إلى أنّ معظم عملاء التطبيقات المذكورة هم طلاب ومحبو "سباقات الشوارع" ويشكلون خطراً على باقي السائقين. أما يفغيني، فيعتبر أنّ تقاسم السيارات يناسب الشباب غير المتزوجين للتنقل داخل المدن. ومن جهته، يقول ياروسلاف إنّه بالرغم من امتلاكه لسيارة، فهو يفضل استخدام تقاسم السيارات للذهاب إلى عمله بسبب عدم ضرورة ملئها بالوقود أو دفع رسوم الانتظار التي ارتفعت في بعض الشوارع وسط موسكو إلى نحو 6 دولارات في الساعة، بينما لا يتحمل السائق قيمة انتظار السيارة التي يستأجرها بواسطة تطبيق التقاسم. يقول ياروسلاف تعليقاً على ذلك: "في حال التنقل بين العمل والمنزل، فإنّ كلفة استخدام تطبيقات التقاسم أقل بمقدار النصف مقارنة باستخدام السيارة، كما أنّ ذلك أكثر راحة، إذ يمكنك ترك السيارة أينما تشاء بدلاً من الوقوف وسط الازدحام المروري".

من جانبه، يقول أندريه، الذي يبعد عمله عن منزله نحو نصف ساعة بالسيارة، إنّ كلفة نفقات التموين بالوقود تبلغ نحو 15 دولاراً أسبوعياً، بينما ترتفع قيمة تقاسم السيارات إلى نحو 10 دولارات يومياً. لا تقتصر نفقات حيازة سيارة في موسكو على ثمن شرائها، بل تشمل أيضاً رسوم وثيقة التأمين وسداد أقساط القرض والصيانة والضريبة والانتظار والغرامات وغيرها، ما قد يرفعها إلى 3 آلاف دولار سنوياً، ناهيك عن تراجع قيمة السيارات في حدّ ذاتها مع زيادة عمرها عاماً بعد عام. لكنّ أندريه يعتبر أنّ في إمكانه التغلب على هذه المشكلة عن طريق شراء سيارة مستعملة لا تفقد قيمتها بالسرعة نفسها للجديدة التي تبدأ في التراجع بمجرد خروجها من معارض التوكيلات، كما لا ينبغي الإقدام على شراء سيارة إلّا بعد ادخار 70 في المائة من ثمنها للحد من عبء الفوائد المصرفية.



تعتبر الشابة الروسية، سفيتلانا، أنّ تطبيقات تقاسم السيارات حلّ مؤقت لها، إلى حين تمكنها من توفير مبلغ كافٍ لشراء سيارة شخصية، معربة في الوقت نفسه عن أسفها لعدم التزام مستخدمي التقاسم بقواعد المرور وإهمالهم السيارات التي يقودونها. ولعلّ هذا ما دفع بالمشرعين الروس إلى طرح مبادرات لفرض إجراءات صارمة، مثل حظر المستخدمين ممن يتجاوز عدد حالات تغريمهم خمس مرات في العام الواحد، وحصر الخدمة بمن يتجاوز 25 عاماً.
المساهمون