لا تختلف تقاليد وطقوس الأعراس بتركيا، عنها بالمنطقة العربية، وبلاد الشام على وجه التحديد، فهي متشابهة للحد الذي يدفعك للسؤال، من أخذ عن الآخر، أم أن استناد بعضها للشريعة الإسلامية، جعل منها متشابهة رغم ما طاولها اليوم من تغييرات؟
يقول "الحاج" عبد الله قيران: "تغيرت تقاليد الأعراس بين الأمس واليوم، لكنها لم تخرج بعد عن العادات المتوارثة، وإن كان هناك بعض الزيجات التي تمردت على الطقوس الدينية والعادات الاجتماعية".
ويضيف قيران من منطقة "أيفان ساري" بإسطنبول: " كان الأهل من يختار العروس، بعد زيارات النساء لأكثر من بيت، اليوم بات الشاب يختار ويرسل أهله لطلب العروس، كما كان العرس يمتد لأيام طويلة، ليتقلص إلى ثلاثة أيام، أما الولائم المرافقة فكانت تمد بطريقة شعبية للضيوف، لكن هذه العادة بدأت تتلاشى".
ولا ينكر قيران أن المجتمع التركي عموماً، مازال محافظاً على عاداته المتوارثة، إذ قلما نسمع عن ظواهر كالخطف أو الزواج المدني، وتتفاوت هذه العادات بين ولاية وأخرى بحسب الوضع المالي لأهل العروسين، "فمثلا نرى في أحياء إسطنبول، كالفاتح، أعراساً أقرب للشعبية، يتخللها ضرب الطبل وعزف المزمار، نشاهد بأحياء أخرى، كعثمان بيه، أعراساً بالفنادق الراقية، أو أحياناً زيجات خارج تركيا".
ويفصل قيران لـ"العربي الجديد" مراحل العرس، من الخطبة حتى ما بعد ليلة الزفاف، قائلا: "بعد اختيار العروس ورضا الطرفين حتى وإن تمت عبر الشكل القديم "اختيار الأهل" يذهب الأهل ومعهم الشاب لبيت العروس، ويقدم خاتمه للعروس مربوطا بشريط قماشي مطرز أو مذهّب، وهي ما تسمى عادة بالخطبة الصغيرة أو "الطلبة"، وتتخللها قراءة الفاتحة وتوزيع الحلويات والاتفاق على المهر، وتبدأ طقوس هذه الليلة، بطلب رجل كبير من أهل العريس، عادة الأب، ويقول "نريد ابنتكم لابننا على شرع الله وسنة رسوله" ويشير المتحدث مبتسماً، عادة ما يتم وضع ملح بدل السكر بقهوة العريس، وعليه أن يشربها دون تذمر.
ويضيف قيران: "بعد الاتفاق تأتي الخطبة الكبرى، وفيها يذهب أهل وأقرباء العريس لبيت العروس، ليقام حفل بالمناسبة، واليوم يختارون صالة أفراح ويقيمون بها حفلاً"، ويلفت المتحدث إلى أنه في الماضي لم يكن يذهب العريس يوم الخطبة، وتقوم أمه أو جدته، بإلباس الخاتم للعروس في اليد اليمنى، ويتم الاتفاق بهذا اليوم على العرس وتفاصيله.
ويتابع "من ثم يأتي يوم العرس، الذي يكون ليل الأحد أو الخميس، وفي الغالب تسبقه احتفالات من أصدقاء العريس لمدة يومين، كما تسبق ليلة الحناء، حيث تجتمع النسوة ببيت العروس ويضعن الحناء بصينية ويطفن بها على الحاضرات ليضعن منها على أصابعهن أو أكفهن، ويتخلل هذه الليلة أغان حزينة لأنها بمثابة وداع للعروس بآخر ليلة ستنامها في بيت أهلها.
وتتفاوت ساعة انطلاق العرس حسب المدن، لكنها في الغالب، تبدأ منذ ساعات الصباح، بضرب الطبل ونفخ المزمار، ويجتمع الشباب ويرقصون حتى تخرج العروس من بيت أهلها إلى مكان الاحتفال "صالة فندقية أو قاعة أفراح، في السابق كانت تتم بالبيوت"، ويجري إلى اليوم الحفاظ على عادة متوارثة، من خلال رمي شريط أحمر على العروسين، إيذاناً بتنقيط العروسين "هدايا ثمينة وأحياناً مبالغ مالية" وهي بمثابة مساعدة على تكاليف العرس ومساهمة لينطلق العروسان بحياتهما.
وثمة عادات كثيرة تتعلق بالعرس في تركيا، منها صور العروسين التي قلما يتم التساهل فيها، إذ يذهب العروسان لأماكن شهيرة أو أحياء قديمة أو حديقة الأعراس، لالتقاط صور تذكارية بلباس العرس.
ومن العادات التي تلاشت جزئياً بتركيا، زواج الأقارب وتعدد الزوجات أو حتى زواج زوجة الأخ بعد وفاته، وهو ما يخبرنا عنه قادير قهرمان من حي درامان بإسطنبول، بقوله: تراجع زواج الأقارب بمراكز المدن خاصة، في حين كانت هذه العادة منتشرة في الماضي، بل ويتم تسمية هذه الفتاة لقريبها منذ صغرهما.
ويضيف قهرمان لـ"العربي الجديد": "كما تراجعت زيجات الأخ لزوجة أخيه بعد الوفاة، والتي كان الهدف منها حفظ الأطفال من اليتم والعوز، ويبدو لتراجع الحروب دور بتراجع هذه العادة. مثلها مثل عادة زواج أخت العريس لأخي العروس، التي كانت منتشرة ويتم أحياناً دمج المهور أو الاتفاق عليها وفق الطرفين، أو أحياناً تخفيضها".
ويختم قهرمان حديثه بالتأكيد على أن معظم العادات تغيرت اليوم، وبات الزواج مسؤولية الشباب أكثر من الأهل، بل وغيروا توقيت الأعراس وعاداتها، فاليوم يتم العرس نهارا وليس بالليل ويتم نقل العروسين لبيتهما أو أحياناً لفندق بسيارات مزينة.
ولا يرى السوري، حسن خيرو "65 عاماً" خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" فروقات تذكر بين أعراس الأتراك وأعراس السوريين، بل ثمة تشابه بأدق التفاصيل، مشيراً لفارق مهم "مازالت عادة تعدد الزوجات منتشرة لدينا، وتزايدت بعد الثورة نتيجة وفاة الشباب أو تشجيع رجال الدين" .