ويزداد الوضع سوءاً كلما تقدمت قوات النظام على الأرض على حساب المعارضة السورية المسلحة، وتضيق المساحة وترتفع الكثافة بسبب النزوح ضمن الأحياء المحاصرة.
وتمكن النظام أخيراً، من السيطرة على نصف المنطقة المحاصرة، بينما سيطرت قوات مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية على الأحياء الشمالية من المنطقة بعد انسحاب المعارضة السورية المسلحة منها.
ويقول الناشط محمد بدوي، من مركز حلب الإعلامي لـ"العربي الجديد"، إنّ القتلى في حلب بالجملة وبتنا ندفنهم بشكل جماعي، ولا توجد مقابر تكفي والعدد كبير، لذلك لجأنا إلى طريقة الدفن الجماعي".
ويوضح المواطن أبو محمد الحلبي في حديث لـ "العربي الجديد"، "نقوم بدفن الشهداء بلا أكفان ندفن العائلة مع جيرانها، والكثير من الشهداء باتوا مجهولي الهوية بسبب تشوه بعض الجثث، بينما قضى الكثير بالقصف الروسي خلال نزوحهم إلى أحياء أخرى في المنقطة المحاصرة".
ويتابع أبو محمد الذي يشارك في عمليات الدفن تطوّعاً، "القصف لا يهدأ طوال اليوم ويشتد في ساعات النهار تزامناً مع محاولات الاقتحام، نقوم بجمع الشهداء قدر الإمكان وندفنهم لاحقاً أثناء الليل، عندما تخف وتيرة القصف، وفي كل يوم ندفن قرابة خمسين شخصاً".
ويروي المتحدث باسم الدفاع المدني في حلب، إبراهيم أبو الليث، "أنه وبينما كان صديقه محمد راشد بساطة يحاول إنقاذ المدنيين المصابين جراء القصف الروسي على حلب الشرقية المحاصرة، أصابته قذيفة مدفعية من قوات النظام السوري ليصبح من بين المصابين الذين يحتاجون من يسعهفم في ظل وضع طبي سيء".
ويضيف أبو الليث "إصابة محمد كانت بليغة لدرجة أدت إلى بتر قدميه، واضطر الكادر الطبي لبترهما بعد محاولة القيام بتدخل جراحي، لكن الإمكانيات المتاحة لم تسمح لهم بإتمام العمل".
وكان محمد من بين مجموعة من عناصر الدفاع المدني، التي توجهت، مساء يوم الإثنين الماضي، مباشرة وسيراً على الأقدام إلى حي الزبيدية في حلب القديمة، عند ورود نبأ بوقوع ضحايا جراء القصف الجوي والمدفعي على الحي، والذي أسفر وقتها عن مقتل 8 مدنيين وإصابة أكثر من 20 مدنياً، بينما أصيب مع محمد مجموعة من العناصر بجراح طفيفة.
وتطوع محمد في صفوف الدفاع المدني من أجل إنقاذ المدنيين في مدينة حلب المحاصرة من نيران قوات النظام السورية والعدوان الروسي، وهجمات المليشيات الطائفية، وبدأ عمله مع الدفاع المدني السوري قبل 14 شهراً، ويبلغ محمد 32 من العمر وهو متزوج وله ثلاثة أطفال، باتوا اليوم ينتظرون مصير والدهم المجهول".
وعن وضع محمد، أكد أبو الليث "حالته صعبة جداً وهو لا يستطيع التكلم حالياً، شأنه شأن الكثير من المصابين في حلب، له رحمة الله".
وحسب مصادر طبية في شرق حلب المحاصر، هناك أكثر من ثلاثة آلاف مصاب نتيجة تواصل القصف الجوي والمدفعي، معظمهم من الأطفال والنساء، وبينهم حالات خطيرة تستوجب إجراء عمليات جراحية على الفور.
ويقول محمد بدوي، إنّ هناك الآن في حلب قرابة 170 ألف مدني باتوا في الأحياء الجنوبية من المنطقة المحاصرة، ويعتمدون في غذائهم على الحبوب المخزنة "أرز، عدس، برغل" والقليل من الخبز المتوفر لدى بعضهم.
ويشرب المدنيون في حلب المحاصرة مياه الآبار المتواجدة في بعض المنازل، بعد أن يقوم بعضهم بإخراجها وتعبئتها في صهاريج، ثم يقومون بتوزيعها على المدنيين مقابل الحصول على مبلغ مادي.
ويؤكد محمد بدوي أن المياه التي يشربها المدنيون في حلب هي ذاتها التي يستخدمونها في الغسل، وهي غير معقّمة وغير صالحة للاستعمال أصلاً.