إسقاط طوائف لبنان

25 اغسطس 2015
لم يسقط النظام عام 2011، ولا بعده (فرانس برس)
+ الخط -
عام 2011، وفي حمّى الثورات العربية، نزلنا في لبنان إلى الشارع نطالب بإسقاط النظام. تحول الشعار إلى "إسقاط النظام الطائفي" كإضافة وطنية مبتكرة في بلد الطوائف الثماني عشرة المعترف بها.

نزلنا في تظاهرة، وثانية، وثالثة تجاوز عدد أفرادها 15 ألفاً واخترقت بيروت من شقها الشرقي إلى الغربي. رُفعت شعارات كثيرة تنبذ الطائفية، والفساد، وتنادي بالعلمانية والدولة المدنية الديموقراطية، والحكومة الرشيدة.

وماذا بعد؟

أولاً، زعم الزعماء الطائفيون أنّهم لا طائفيين. وادعوا زوراً أنّهم مع إسقاط النظام الطائفي... النظام الذي يحتمون به ويرتعون فيه ويمتصون الشعب وخيرات البلاد من خلاله.

ثانياً، وجّه أولئك الزعماء جماهيرهم ووسائل إعلامهم باتجاه الحراك المدني، حتى اخترقوه بأزلامهم وشعاراتهم وصولاً إلى إنهائه بالكامل.

ثالثاً، حاولت قوى علمانية تقليدية بدورها سرقة الحراك، واعتبار نفسها في موقع الصدارة والقيادة منه.

رابعاً، لم يتمكن الحراك المدني من استقطاب الشباب الحزبيين، ودفعهم إلى مراجعة برامج أحزابهم على الأقل وانتقادها، قبل التفكير حتى بالتخلي عن مبادئها أو مغادرتها.

خامساً، أظهر المنظمون في مرحلة معينة قدرة تنظيمية هائلة، خصوصاً في التحركين الثاني والثالث. لكنّ كلّ هذا تبدد فجأة وكأنّ الحراك نفسه كان مقدراً له أن يصل إلى مرحلة معينة لا يجوز تجاوزها بأيّة حال.

سادساً، حراك عام 2011 كما ننظر إليه اليوم يبدو مجرد فورة شعبية تعبّر عن مواطنين لا طائفيين، لطالما استبعدوا عن اتخاذ القرار، لا سيّما الشباب من بينهم. محاولة لم ترقَ إلى مستوى الجدية في العمل لأسباب عديدة تعود بنا إلى الأحزاب الطائفية والقوى التقليدية من زعامات إقطاعية وحزبية تاريخية تشكل هذا النظام.

اليوم لم يتغيّر شيء من محركات عام 2011 التي دفعتنا إلى الشارع، باتجاه الأفضل. الطبقة نفسها تسيطر وتتوارث وتقتسم الغنائم وتوزع الحصص. والمستبعَدون هم أنفسهم. فالبرلمان مدّد لأعضائه، ووفر على المواطنين انتخابات ستعيد الأسماء نفسها.

في هذه الأجواء يبرز تحرك جديد في مواجهة الحكومة التي فشلت لفترة طويلة في معالجة ملف النفايات. وتبدّل المطلب إلى عناوين عريضة أكبر بكثير، أبرزها إسقاط النظام الطائفي كتكرار لما حصل عام 2011.

لن يؤدي هذا التحرك إلى شيء. النظام الطائفي بأحزابه سيبقى صامداً. والمعارضات التقليدية ستبقى على مواقفها.

الطريق إلى التغيير لا يكون بتكرار المكرّر. والسبيل إلى إسقاط النظام يتطلب عملاً داخلياً من قلب كلّ طائفة.

إسقاط النظام يسبقه إسقاط الطوائف.

إقرأ أيضاً: زبالة طائفية
دلالات
المساهمون