شهادات نازحين في رفح: لا حياة ولا مكان نلجأ إليه

09 مايو 2024
نازحون فلسطينيون يجمعون أمتعتهم في رفح، في 9 مايو 2024 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دخول الدبابات الإسرائيلية إلى رفح أجبر السكان على الفرار نحو شمال قطاع غزة، مع استمرار الحرب الإسرائيلية للشهر الثامن، مما أدى إلى تكدس أكثر من 1.4 مليون شخص وتدهور الأوضاع.
- الوضع الإنساني في رفح يزداد سوءًا مع إغلاق المستشفيات وتعرض السكان للنزوح المتكرر بحثًا عن الأمان، وسط دعوات يونيسف لوقف إطلاق النار لحماية الأطفال والأسر.
- نزوح 80 ألف فلسطيني من رفح خلال ثلاثة أيام يعكس الأزمة الإنسانية، مع امتلاء شواطئ خانيونس ودير البلح بالخيام ومراكز الإيواء، مما يبرز الحاجة الملحة لحلول فورية لإيواء ودعم النازحين.

أكّد نازحون في رفح أن "الحياة انعدمت بالكامل"، منذ أن دخلت دبابات إسرائيلية شرق المدينة، ما دفع كثيرين إلى الفرار باتجاه شمال قطاع غزة المحاصر بحثاً عن مكان آمن، في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة للشهر الثامن.

وتكدّس أكثر من 1,4 مليون شخص في مدينة رفح الواقعة عند حدود قطاع غزة الجنوبية مع مصر، في وقت تتحرّك القوات الإسرائيلية جنوبا آتية من الشمال الساحلي، حيث تدور حرب الإبادة. ونزح كثيرون في رفح مرّات عدة على مدى الحرب وهم يعودون حاليا إلى الشمال بعدما دعت القوات الإسرائيلية إلى إخلاء الجزء الشرقي من المدينة التي تأوي عشرات الآلاف من الأشخاص.

وقال النازح الغزّاوي مروان المصري الذي لجأ إلى رفح إن "الحياة انعدمت بالكامل في رفح وسط البلد. الشوارع فارغة من الناس وشلل بالأسواق". وأضاف المصري (35 عاما): "نشعر بالخوف من أي تقدم في الاجتياح، كما حدث في المناطق الشرقية التي هي الآن خالية من السكان تماما". وأشار إلى أنه وأقاربه يشعرون بـ"التوتر والخوف" جراء القصف المتواصل الذي يقترب منهم.

نازحون في رفح: تشردنا من جديد

أما ابتهال العروقي (39 عاما) التي نزحت من مخيم البريج في وسط غزة إلى رفح، وخضعت لعملية ولادة قيصرية قبل أسبوعين فقط، فوجدت نفسها مشرّدة مرّة أخرى. وقالت: "خرجنا من تحت ركام منزلنا في البريج، والآن من شدة القصف في رفح نحن في الشارع أنا وأطفالي لا نعلم أين نذهب.. لا يوجد مكان آمن".

وبينما بقي غرب رفح أهدأ نسبيا من شرق المدينة الذي يشهد قصفا مكثفا، إلا أنه تعرّض للقصف أيضا، وفق ما أفاد مراسل "فرانس برس". وأكد كل من المصري والعروقي أن القصف المتواصل ملأ الجو بالغبار والدخان، ما أدى إلى صعوبات في التنفّس.

من جهته، قال منسق طبي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في رفح، محمد أبو مغيصيب، إن "الوضع في رفح في حالة فوضى". وتحدّث أبو مغيصيب الذي نزح هو أيضا من مدينة غزة عن "أشخاص يحملون أمتعتهم وفرشا وبطانيات وأدوات مطبخية على متن شاحنات" للفرار من شرق رفح. وأضاف لوكالة فرانس برس "لم يعد هناك مكان في غرب رفح".

وأوضح أبو مغيصيب أن مستشفى النجار كان "مغلقا وأجلي الفريق الطبي لتجنّب ما حصل في الشفاء أو الناصر"، في إشارة إلى مجمعين طبيين في غزة اقتحمتهما القوات الإسرائيلية خلال الحرب.

من جانبها، أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف): "تهجير الأطفال والأسر في غزة مرات عدة. وأنه لا يوجد مكان آمن"، مشددة على أن "هناك حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار". ونقلت المنظمة في تدوينة لها على "إكس"، أمس الأربعاء، شهادة الطفل أحمد، البالغ من العمر عشر سنوات، الذي فر من منزله في رفح قائلا: "أنا وعائلتي لا نعرف إلى أين نحن ذاهبون. القصف لا يتوقف ولا يوجد مكان آمن هنا".

وبين القصف الإسرائيلي من الشرق، والحدود المصرية جنوبا، والبحر الأبيض المتوسط غربا، فر نازحون في رفح نحو الشمال، وتوجّه هؤلاء نحو مدينة خانيونس القريبة ودير البلح في وسط غزة، حيث ملأت آلاف الخيام المنطقة الساحلية.

ووفقاً لتقديرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فإن 80 ألف فلسطيني هجروا قسريا خلال ثلاثة أيام من رفح، مؤكدة أن الفلسطينيين في قطاع غزة "يواجهون تهجيرا قسريا آخر".

وكان أحمد فاضل (22 عاما) من بين كثر عادوا إلى شمال غزة من حيث هرب في وقت سابق خلال الحرب. نزح فاضل المتحدر من مدينة غزة بداية من مخيم النصيرات للاجئين في وسط غزة، قبل أن يُطلب منه المغادرة عندما دخلت القوات الإسرائيلية مخيم البريج القريب. ويقول لوكالة فرانس برس: "غادرنا وانتقلنا إلى رفح، لكنهم قصفوا وهددوا المدينة، لذلك جئنا إلى دير البلح المكتظة بالفعل".

نازحون في رفح: طوابير طويلة

شاهد مراسلو "فرانس برس" طوابير طويلة للنازحين الفلسطينيين الفارين من رفح في سيارات وشاحنات وعربات تجرّها الحمير وعربات التوك توك أو سيرا على الأقدام، حاملين أي أمتعة تمكنوا من نقلها، فيما اكتظت آلاف الخيام ومراكز الإيواء المقامة على طول المنطقة الساحلية في دير البلح.

في الأثناء، امتلأت الشوارع بأشخاص عملوا على تحميل أمتعتهم أو بيع معدات. وقال التاجر عبد المجيد الكرد لوكالة فرانس برس: "دير البلح مدينة صغيرة.. إنها بلدة صغيرة للغاية باتت الآن مكتظة كثيرا". وأضاف "لا مكان ولا منشآت تكفي لإيواء هؤلاء الأشخاص".

(فرانس برس، العربي الجديد)

المساهمون