في يوم 10 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، يحتفل العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وفي هذا العام تحلّ الذكرى السنوية الخامسة والسبعون لإصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تحت عنوان "الكرامة والحرية والعدالة للجميع"، التي يُحرَمُها مئات الآلاف في مصر.
فالسلطات المصرية ما زالت تمارس جرائم "الإخفاء القسري والتعذيب في السجون ومقارّ الاحتجاز المختلفة، والإهمال الطبي المتعمد، والقتل العمد، وإصدار الأحكام الجائزة"، حسب رصد منظمات حقوقية، على مدار سنوات من عملها.
وتستمر السلطات الأمنية في مصر بممارسة (التدوير) التي تعني ضمان احتجاز الأفراد احتياطيًا لفترات تتجاوز الحد القانوني للحبس الاحتياطي المقرر بعامين، من خلال إضافتهم إلى قضايا جديدة متطابقة.
وفي أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رصد تحالف منظمات تحالف "المادة 55" مجموعة انتهاكات في السجون ومقار الاحتجاز في مصر منذ 1 يناير/كانون الثاني حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تتلخص في 34 حالة وفاة، و56 حالة إهمال طبي لمحتجزين في حالة حرجة تحتاج إلى تدخل طبي، و40 حالة استغاثة فردية وجماعية من منع الزيارة، تتضمن غلقًا تامًا لبعض السجون ومقارّ الاحتجاز الأخرى.
انتهاك حقوق الإنسان في مصر
هذا الحصر مجرد مثال لانتهاكات حقوق الإنسان على مدار عام واحد فقط، لكنه في حقيقة الأمر واقع مكرر على مدار سنوات طويلة، اشتد منذ تولي النظام الجاري السلطة في صيف 2013.
فقبل استعراض لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب للوضع في مصر، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قدمت منظمات حقوقية مصرية ودولية تقريرًا مشتركًا إلى اللجنة، يؤكد أن التعذيب في مصر سياسة ممنهجة، يتمتع مرتكبوه بالإفلات التام من العقاب، بمباركة أجهزة الدولة المختلفة.
وبالتزامن مع الانتخابات الرئاسية في مصر، وصفت منظمات حقوقية الوضع بأنه "منذ أن تولى الرئيس السيسي السيطرة الفعلية على مصر في يوليو/تموز 2013، عاشت البلاد العقد الأسوأ لحقوق الإنسان في تاريخها الحديث".
وأشارت المنظمات إلى صدور أحكام الإعدام بحق الآلاف، في محاكمات جائرة وصفها خبراء الأمم المتحدة وقتها بأنها استهزاء بالعدالة، وقُتل ما يقرب من ألف متظاهر على أيدي قوات الأمن خلال النصف الثاني من عام 2013 فقط، في حين تصاعدت عمليات القتل خارج نطاق القانون وتحولت لنمط واضح ومتكرر في مختلف أنحاء البلاد.
وأشارت المنظمات إلى إخفاء السلطات المصرية قسرًا آلاف الأفراد، وتلقت مصر، أكثر من أي دولة أخرى منذ عام 2020، بلاغات واستفسارات من الفريق العامل المعنيّ بحالات الاختفاء القسري وغير الطوعي بالأمم المتحدة.
إذ تقدر منظمات حقوقية تعرّض نحو ستة عشر ألف مواطن مصري للإخفاء القسري في مصر منذ عام 2013 وحتى أغسطس/آب ٢٠٢٣، تم توثيق مقتل 62 منهم، خارج نطاق القانون.
وعلى مدار السنوات الماضية، انتقدت منظمات استمرار حبس عشرات الآلاف من الأفراد السلميين في السجون، بتهم ذات دوافع سياسية، بينهم معارضون وصحافيون وأكاديميون ورجال أعمال والعديد من المواطنين العاديين.
ووثقت استهداف منصات الإعلام المستقل ومنظمات المجتمع المدني بشكل منهجي في محاولة لإسكاتها، إما من خلال تشريعات تقييدية للغاية أثارت انتقادات المجتمع الدولي، وإما من خلال الاعتقالات، حتى أضحت مصر واحدة من أكبر الدول التي تسجن الصحافيين في العالم.
منظمات حقوقية مصرية رصدت كذلك خلال سنوات عملها الأخيرة أن "السجون وأماكن الاحتجاز المختلفة في مصر تشهد أوضاعاً كارثية، في ظل عدم توافر وسائل الرعاية الطبية والصحية، ما سبّب وفاة مئات المحتجزين في ظروف حبس واعتقال في غاية السوء".
وأكدت المنظمات كذلك أن السجون تفتقد بشكل عام في مصر، مقومات الصحة الأساسية التي تشمل الغذاء الجيد والمرافق الصحية، دورات المياه الآدمية التي تناسب أعداد السجناء وكذلك الإضاءة والتهوية والتريض، وتعاني في أغلبها من التكدس الشديد للسجناء داخل أماكن الاحتجاز، حسب تأكيدات حقوقية مبنية على شهادات سجناء سياسيين سابقين.
وخلال العام الماضي احتلت مصر المركز الـ130 بإجمالي 30 درجة وعلى بعد 3 درجات من دول الصراع طويل الأمد، مثل الصومال وسورية، في مؤشرات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية نسختها المحدثة من مؤشر "مُدركات الفساد".