مصر: تكتّم على ضحايا حريق الإسماعيلية

04 أكتوبر 2023
ألسنة اللهب الكثيفة كانت قد تصاعدت من أعلى المبنى (محمد الشاهد/ الأناضول)
+ الخط -

يبدو واضحاً أنّ السلطات المصرية تعمدت إخفاء الأعداد الحقيقية لخسائر الحريق الذي التهم مبنى مديرية أمن الإسماعيلية فجر الاثنين، لتزامن الفاجعة مع الترتيبات التي جرت على قدم وساق للحفلات الغنائية في كل المحافظات المصرية احتفالاً بانتصار أكتوبر. وجرى تصديرها للإعلام في خلفية المنصة التي أعلن منها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ترشحه للانتخابات، على أنها مسيرات دعم وتأييد له للبقاء فترة ثالثة في كرسي الرئاسية.
وتهافتت عائلات الضحايا على المجمع الطبي في الإسماعيلية، وأعلنت عن وفاة أبنائها نتيجة الحريق. وبلغ عدد الضحايا 11 بالإضافة إلى عشرات الإصابات، فيما تصر الوزارات المصرية الرسمية على ذكر الإصابات فقط من دون ذكر تلك الخطيرة منها.  
وتكشف مصادر طبية مصرية في المجمع الطبي المركزي في محافظة الإسماعيلية، لـ "العربي الجديد"، عن وجود عدد من الوفيات. وأشارت الأرقام الأولية إلى جود 11 وفاة من قوى الأمن التي كانت تعمل في المديرية لحظة وقوع الحريق، من بينهم ضابط برتبة مقدم يدعى محمد رفعت لبدة، توفي متأثراً بحروق بالغة أصيب بها نتيجة الحريق. تضيف أن الضابط يشغل منصب مفتش الأمن العام في المحافظة، وهو من سكان محافظة الشرقية، وتؤكد وجود عدد من الإصابات الخطيرة التي تتلقى الرعاية الصحية في المجمع الطبي، لتعلن في وقت لاحق من نهاية يوم الاثنين وفاة كل من أمين الشرطة رضا عبد المجيد يحيى، والمجندين عمر تامر عبد العزيز، وأحمد جمعة، وعلي عاصم مرعي، وإيهاب سليمان عبد الفضيل الشريف، ومحمود عبد التواب، وأمين شرطة فرج الهربيطي، وتامر محمود زرد، ومحمد جمال سليم، وإسلام ربيع الحجر.
ولم تكشف المصادر الطبية أو الأمنية في المحافظة عن مصير المواطنين المحتجزين في حجز المديرية، سواء لدى دوائر الشرطة، أو جهاز الأمن الوطني الذي يقع مقره في الطابق الأخير من المديرية، والذي وصلت إليه النيران واشتعلت في كل أركانه. وقالت النيابة العامة المصرية إن الحريق أسفر عن تفحم كامل مبنى مديرية الأمن، وتصاعد ألسنة اللهب من طوابقه العليا، مشيرة إلى تشكيل فريق من محققي النيابة للتحقيق في الحادث، وسؤال 33 مصاباً، 29 منهم يتلقون العلاج في المجمع الطبي بالإسماعيلية، و4 آخرين في مستشفى هيئة قناة السويس.

وقالت النيابة، في بيان، إنها تلقت إخطاراً يفيد بنشوب حريق بمبنى مديرية أمن الإسماعيلية، ما دفع المحامي العام الأول لنيابة استئناف الإسماعيلية إلى الانتقال إلى مكان الحادث لمعاينته، برفقة فريق من نيابته، ونيابة الإسماعيلية الكلية، وذلك بشارع محمد علي بدائرة قسم أول الإسماعيلية، مضيفةً أن رجال الإطفاء والحماية المدنية، مدعومين بطائرات للقوات المسلحة (الجيش)، استطاعوا السيطرة على الحريق وإخماده وإجلاء المصابين عبر سيارات الإسعاف الموجودة بمحل الواقعة، مستطردة بأنها ما زالت تواصل التحقيقات في الحادث وملابساته.

ألسنة اللهب الكثيفة كانت قد تصاعدت من أعلى المبنى (محمد الشاهد/ الأناضول)
ألسنة اللهب الكثيفة كانت قد تصاعدت من أعلى المبنى (محمد الشاهد/ الأناضول)

في المقابل، يشكو الأهالي في حديثهم لـ "العربي الجديد"، وصول طائرات الإطفاء التابعة للجيش المصري أو هيئة قناة السويس بعد انتهاء الحريق، وقد شاركت فقط في تبريد المبنى. وبعد اكتمال أعمال السيطرة على الحريق، وصل وزير الداخلية اللواء محمود توفيق إلى مديرية أمن الإسماعيلية.
وبحسب شهود عيان، فإن ألسنة اللهب الكثيفة تصاعدت من أعلى المبنى، بينما وصلت سيارات الإطفاء والإسعاف بعد أكثر من نصف ساعة من اندلاع الحريق الذي لم تعرف أسبابه. وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مبنى المديرية وقد اشتعلت فيه النيران، كما أظهرت المقاطع ذاتها سقوط العديد من المصابين من النوافذ وانهيار الواجهة الأمامية للمبنى بسبب الحريق. 

وفي وقت نفت وزارة الداخلية المصرية وجود وفيات بحريق مديرية الأمن بمحافظة الإسماعيلية، أكدت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وجود وفيات غالبيتهم من العسكر والمجندين. وقالت إنها حصلت على أول كشف أسماء يضم ضحايا حادث حريق مديرية أمن الإسماعيلية حتى الآن، وهم "المقدم محمد رفعت لبدة، والأمين رضا محمد مصور في مكتب الإعلام بمديرية أمن إسماعيلية، ومحمد سليم معاون شرطة في مديرية أمن الإسماعيلية، ومحمود عبد التواب معاون شرطة بمديرية أمن الإسماعيلية، وأحمد جمعة مجند بمديرية أمن الإسماعيلية ومقيم بمركز فاقوس محافظة الشرقية، وعمر تامر مجند بمديرية أمن الإسماعيلية مقيم بمركز أبو حماد بمحافظة الشرقية، وعلي عاصم مرعي مجند بمديرية أمن الإسماعيلية، وإيهاب سليمان عبد الفضيل مجند بمديرية أمن الإسماعيلية".             
وطالبت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان وزارة الداخلية المصرية، من خلال بيان رسمي، بكشف أسماء بقية الضحايا من العاملين بمديرية الأمن والمحبوسين الجنائيين والسياسيين والمخفيين قسرياً بالمديرية قبل وبعد وقوع الحريق. كما أكدت الشبكة أنها حصلت على أسماء لسياسيين كان قد تم الانتهاء من التحقيق معهم واحتجازهم بمقر المديرية قبل الحادث، وطالبت بالكشف عن مصيرهم وطمأنة ذويهم.

المساهمون